26 أبريل 2024 , 12:26

ولد ماه في مقابلة مثيرة مع المرابع ميديا: مسعود لا تتوفر فيه معايير الوسيط وجميل منصور رجل مضطرب

ولد ماهأجرت وكالة المرابع ميديا مقابلة مثيرة مع السياسى المخضرم محمد محمود ولد اماه، حول الوضع السياسى الراهن والثورات العربية، والأزمة في الشمال المالى،  فكانت ردوه قوية وقاطعة في المجالات المذكورة، فأخذنا رايه من مباردة مسعود ومطلب الرحيل، والانتخابات ودعوة الإخوان في موريتانيا إلى قطع العلاقات مع سوريا ( نص المقابلة):

المرابع ميديا: أنتم الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الاجتماعي الديمقراطي ما ذا عن هذا الحزب كورقة تعريفية ؟

الدكتور محمد محمود ولد اماه:

حصل حزبنا الاتحاد الشعبي الاجتماعي الديمقراطي على الوصل رقم 04، والأحزاب الثلاثة التي سجلت قبله، بعضها اختفى وبعضها أجريت عليه تعديلات عميقة، وأحدها حُل أولا والتحق بعض مسؤوليه بحزب عادل، ليعود هذا الحزب للساحة من جديد. وهذا يعني أن حزبنا خلافا لكثير من الأحزاب يتميز باستقرار في هياكله ومواقفه. ولهذا فنحن الحزب الوحيد تقريبا الذي يقف في وجه النظام الدولي الجديد الذي وضع حدا للتعددية بكافة أشكالها: الاقتصادية والثقافية والسياسية. إنها ديكتاتورية القوى العظمى الغربية على بقية العالم: لا توجد تعددية اقتصادية ولا خيارات أخرى غير الليبرالية الاقتصادية الوحشية حيث يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرا، كما لا توجد تعددية ثقافية: إذا لا توجد إلا ثقافة وحيدة هي الثقافة الغربية، الحضارة اليهودية المسيحية. كما لا توجد تعددية سياسة، إذ لا وجود إلا لخيار وحيد: الديمقراطية الغربية، إنها ديمقراطية المال. إنها بمثابة عظم أبيض مرمي للشعوب المتخلفة لشغلها عن همومها الأساسية، تماما مثل عظم ملقى لمجموعة من الكلاب، غير أن الكلاب خلافا لنا عند ما يقلبون العظم المرة الأولى يلاخظون أنه عار من اللحم يواصلون مسيرتهم. أما نحن فنقلبه مرة ومرة ومرة في انتظار أن يطرأ عليه جديد. والغريب في هذه الديمراطية أن الحيوانات أصبحت أذكى من البشر.

وكنا قد نددنا مند اواخر السبعينيات من القرن الماضي بسلبيات المؤسسات النقدية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) حينها اتخذتنا الناس سخرية. الامر الدي تطلب هذا الزمن كله لكي تدرك شعوب العالم بما فيها الشعوب الغربية وحكوماتها سلبيات هذه المؤسسات النقدية.

المرابع ميديا:: ما هو موقف حزبكم من السا-حة السياسية الحالية التي تشهد صراعا محتدما بين  من يطالب برحيل النظام ومن يصر على بقائه ؟

إن حزبنا لا ينتمي لآ إلى الموالاة ولا إلى المعارضة. فنحن نتشبث بالمحافظة على حرية التعبير التي تميزنا بها دائما متأكدين أن الكمال لله وحده وأن من انضوى في هيكلة موالاة أو هيكلة معارضة أصبح ملزما بالدفاع عن مواقف قد لا يكون مقتنعا بها. هذا الموقف يمكننا من تبني موقف ما سواء كان موقف موالاة أو موقف معارضة. ولهذا دعمنا الحوار بين المعارضة والسلطة، وعند ما لم تتحد المعارضة في حوارها مع السلطة فنحن لسنا ضد حوار ثاني  مع الطرف الثاني من المعارضة. ومع ذلك فلسنا مع شعار “ارحل”. ومع دعمنا لنتائج الحوار نتحفظ في نفس الوقت على نقطتين منه هما: حظر الأحزاب السياسية التي لم تتحصل على نسبة  2% ضمن استشارة انتخابية؛ والثانية هي الترحال السياسي

–         حظر الأحزاب السياسية التي لم تتحصل على 2% ضمن استشارة انتخابية: ففي نظام سياسي يتطلع إلى أن يكون ديمقراطيا، لا يتم إقصاء حزب سياسي بسبب حصوله على نتيجة اقتراع نسبته حصلت في أعقاب استفتاء انتخابي يمكن، بالتأكيد حرمان هذا الحزب من تمويل الدولة أو رفض دخوله للبرلمان لكن لا يتم شطبه من اللعبة السياسية.

–         الترحال السياسي: فيما يتعلق بالترحال السياسي نعتقد أنه لا يحق للدولة أن تسن قوانين لإجبار منتخب على البقاء داخل حزبه، فهذا الدور يرجع مداه إلى الحزب نفسه الذي يتعين عليه أن يعمل ما في وسعه من أجل الإبقاء على منتسبيه، خاصة أنه في بلدنا لا وجود لثقافة ديمقراطية، بل يكون التصويت تبعا للانتماء القبلي، العرقي، أو بأمر من شيخ الطريقة الدينية التي ينتمي إليها الناخب. وهذا الانتماء الجمعوي ما زال يفوق الانتماء لحزب معين، وفوق ذلك لا ترشح الأحزاب أغلب الأحيان إلى المرشح الذي يبدو أكثر تمثيلا في القبيلة أو في العرق أو في الطريقة الصوفية أو مجموعة اجتماعية معينة، وهذا على حساب الأطر الأكفاء أو الملتزمين.

فأصوات الناخبين يستأثر بها أكثر المرشح وليس الحزب نفسه. ونجد من العادي جدا أنه في حالة الترحال فإن المنتخب يجلب معه الأصوات التي صوتت لشخصه.

المرابع ميديا:  ما هو موقفكم من مبادرة مسعود ولد بلخير ؟

كنت أول من عبر عن تعجبي إزاء خطوة رئيس الجمعية الوطنية، داعيا الأحزاب غير المحاورة إلى المشاركة في حكومة وحدة وطنية، مقتنعا أن باكورة مثل ذلك الاقتراح ترجع إلى رئيس الجمهورية، وتتحمل بعد ذلك منسقية المعارضة قبول أو رفض مثل هذا العرض. وقد أعلن رئيس الجمهورية بعد ذلك أن حكومة وحدة وطنية ليست في جدول الأعمال (بل إنها غير مقبولة).

بحسبنا ولضمان نجاح حقيقي لهذه الخطوة كان على رئيس الجمعية الوطنية أن يستوثق من الرئيس، بعد إطلاعه على هذا الاقتراح وبعد أن يكون قد ناقش مع شركائه في التحالف من أجل التناوب السلمي: الوئام والصواب، ويكن قد عرض الفكرة أيضا على منسقية المعارضة الديمقراطية.

بعد إخفاق هذه المبادرة لاحظنا تصعيدا في لهجة الأحزاب المحاورة التي مع ذلك تباين تصورها لفرصة المشاركة من عدمها في زيارة رئيس الدولة لأطار، حيث حضر رئيسا الصواب والوئام في أطار، بينما غاب رئيس التحالف رئيس الجمعية الوطنية وهو موجود في نواكشوط، مع أنه رئيس المبادرة ولا ينبغي أن يتغيب. ومنذ ذلك الوقت وولد عبد العزيز باق على موقفه، ورئيس الجمعية الوطنية على مبادرته.

ونعتقد أن حكومة وحدة وطنية أو وفاق لا تحل المشاكل السياسية التي تواجهها بلادنا. فقد علمتنا التجربة أن حكومة أغلبية رئاسية خالية من المعارضة، ليس وزراءها وزراء حكومة وإنما هم وزراء حزب، يعينون المنتمين لأحزابهم ويقصون غيرهم. كما أن لجنة انتخابات وطنية مستقلة توافقية ليست أحسن الاختيارات، لأنه عند إعلان النتائج لن يحصل توافق لإعلان النتائج، ومن ثم يوشك السقوط في “الفخ الإيفواري”، حيث أعلن عضو من اللجنة الانتخابية منتم لطرف الرئيس الإيفواري الحالي النتائج وحده في مقر الحملة الانتخابية. والبقية معروفة: إذ بعث الرئيس الفرنسي سركوزي بيان تهنئة فورا وتبعه الرئيس الأمريكي والأمين العام للأمم المتحدة.ويجب على ان ياخد بعين الاعتبار استقلالية افراد اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات عن المترشحين بصفة عامة.

وإذا كانت مبادرة مسعود لم تنجح فذلك عائد – برأينا – إلى عدد من الأسباب:

مسعود لا تتوفر فيه معايير الوسيط، الذي ينبغي أن يكون على مسافة متساوية من الطرفين؛ فمسعود يد لدى السلطة، ويتحاور معها ويقدم نفسه أنه مسالم وفي نفس الوقت يقول إن منسقية المعارضة الديمقراطية متطرفة ويطلب منها التخفيف من لهجتها، متذرعا بالمصلحة العليا للدولة. مسعود ورفاقه منعوا النظام ووقفوا ضد حوار ثان مع منسيقية المعارضة الديمقراطية كما اعتبروا أنفسهم معارضة بديلة تنافس منسقية المعارضة الديمقراطية. وهو الآن يعامل السلطة و منسقية المعارضة بالتساوي، معتبر أنهما مسوؤلان عن الوضعية التي يعيشها البلد، وأبعد من ذلك يذهب إلى أن يكرر طلبه من رئيس الجمهورية تشكيل حكومة وفاق وأن يقوم بنقد ذاتي. وأخيرا فمبادرة مسعود بدلا من أن تقارب بين الأطراف باعدت بينهما. وهذا يذكرنا بسلوكنا شبابا عند الفتنة: فبدون وسيط غالبا ما لا تنشب الفتنة، وإذا جاء الوسيط تحفزت طاقاتنا للفتنة. ومن حقي كمحلل سياسي أن أتساءل: لما ذا إذن لم يعلن مسعود فشل مبادرته ولما ذا يحالفه الأمل دائما في أن يرجع الرئيس ولد عبد العزيز عن قراره ويشكل حكومة وفاق وطني وأن تتخلى منسقية المعارضة عن لهجتها ومطالبها المتطرفة ؟ فأنا لا أشاطر مسعود تفاؤله، خاصة في الانتخابات القريبة وإغلاق البرلمان يوم الاثنين المقبل.

ولا يخفى على أحد أن الطرفين مستاءان من التطورات والتوجهات التي أعطى مسعود لمبادرته بجعلها شرطا وبرنامجا في أي تحالف معه، وخاصة في الآونة الأخيرة عند ما انضمت له أحزاب التحالف الوطني، فبدلا من السعي لتقارب الأطراف كوسيط، أصبح طرفا وقطبا ثالثا في الساحة وليس وسيطا إذ يحمل رئيس الجمهورية ومنسقية المعارضة مسؤولية الوضع الذي تعيشه البلاد.في ما  نفسر عدم اعتراف مسعود بفشل المباردة بكونها اصبحت ورقة انتخابية بدلا من حزبية ودلك استعدادا للحملة الرئاسية في محاولة منه بمنع الرئيس ولد عبد العزيز من الفوز في الشوط الاول والتقدم على احمد ولد داداه وفي الاخير يفوز بفضل الجبهة الواسعة الناجمة عن مبادرته.ومن هنا حتى الانتخابات سيعمل مسعود على التنديد باستمرار بمواقف الاطراف اتجاه مبادرته الامر الدي سيزيد الازمة تعقيدا وفق تصريحات مسعود ولم يكن ابن عباس الاخير الا دليلا على ما نقول أد حدر مسعود الطرفان من عدم الاستجابة لمبادرته اد قال: “اننا لن نكون محايدين في الانتخابات بل سنختار  جهة مصالح الوطن”

المرابع ميديا:  هناك إصرار من طرف اللجنة المستقلة للانتخابات على إجراء الانتخابات في الأشهر القليلة القادمة، ما هو رأيكم في ذلك ؟

الجميع يتوقع ذلك. وأنا شخصيا أتساءل، بما أن إحصاء المواطنين لم يكتمل لا في الداخل على وجه الخصوص ولا في الخارج، ولا ينبغي أن يصوت بعض الموريتانيين وتبقى المناطق الداخلية من البلاد وبالخصوص زمن رمضان والخريف والعطلة الصيفية.

لا شك أن مشروع الحالة المدنية عن طريق الأوراق المؤمنة من أحسن المشاريع، ولكن لا يكفي الحصول على أجهزة معلوماتية حديثة، بل لا بد أيضا من العامل البشري الذي تتوفر فيه الوطنية والكفاءة والنزاهة، فالتزوير الذي حدث ينبغي أن يعرف حجمه وأن يمنع أهله من التصويت، والقائمون على المشروع يصرحون بوجود أجهزة معطلة بسبب الاختراق.

المرابع ميديا:  طبعا السيد الأمين العام هناك حديث عن ظاهرة العبودية في موريتانيا من أبرزها تنظيم أنشطة في قصر المؤتمرات  الأسابيع الماضية وإصدار وثيقة معروضة للتوقيعات حاليا، ما هو موقفهم من العبودية ومن هذه الأنشطة ؟

أستغرب كثيرا هذه الحملات الشعواء حول مسألة العبودية، في الوقت الذي جرمت فيه ودونت في الدستور، مع أن الأطر المنحدرين من هذه الشريحة يشغلون المراكز الأهم في الجمهورية: رئيس الجمعية الوطنية، رئيس المجلس الدستوري، رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي، رئيس محكمة الحسابات، وزير العدل، وزير الداخلية، وزير التجارة، وزير التعليم الثانوي، وسفراء ودبلوماسيين وأمناء عامين للوزارات وولاة ومدراء ورؤساء مجالس إدارة … إلخ. والغريب أنه في الفترات السابقة التي لم يوجد فيها أي شيء من هذا لم تكن هناك حملات من هذا الحجم. والغيرب أيضا أن القائمين على اللقاء الذي ذكرتموه في قصرالمؤتمرات اثنان منهم تقلدوا المناصب التالية: أحدهما تقاعد بعد شغل المناصب التالية: سفير في وشنطن، سفير ومندوب دائم لموريتانيا في الأمم المتحدة، أمين عام رئاسة الجمهورية؛ والثاني: وزير أمن عام لرئاسة الجمهورية. فكيف يدعي هؤلاء أنهم مظلومون ويطالبون بحقوق يطالبون بها مكونة كاملة من المجتمع. وبالنسبة لي شخصيا فلا أعرِّف العربي باللون وإنما بالثقافة أي الذي يولد ويتكلم العربية في المهد دون دخول المدرسة. وهذه المزايدة في العبودية ناجمة عن التباين في مواقف الأطر المنحدرين من هذه الشريحة، فبعضهم مثل بيحل ولد حميد يعتبر أن العبودية لم تعد موجودة في موريتانيا مع حظر ممارستها ومن مارسها مارس محرما، تماما مثل الرشوة وشرب الخمر والسرقة، وعلى العكس من ذلك يرى رئيس مسعود ولد بلخير أنها تمارس حاليا في موريتانيا وأن موقفه هو نفسه موقف بيرام ولد الداه ولد اعبيدي إلا أنهما يختلفان في الشكل. غير أن مسعود قد صرح في ملعب العاصمة في عهد سيدي ولد الشيخ عبد الله بأن العبودية انتهت ومن قبل بها فهو الذي عبّد نفسه. وإذا كانت بعض آثارها ما تزال موجودة في عمق البلاد، فقد اتخذت الدولة والمواطنون أحزابا ومجتمعا مدنيا وغيرهما الإجراءات اللازمة في الدستور وفي القوانين والاحتكاك اليومي للقضاء على هذه الآثار.

والذي يوجد اليوم هو نوع عصري من العبودية يتمثل في الظلم، والمظلومون ينتمون لمختلف الشرائح. والظالمون ينتمون أيضا لمختلف الشرائح.

المرابع ميديا:  يعيش الشمال المالي حربا عنيفة، وبالرغم من مكانتنا الجغرافية والإقليمية، ما هو تحليلكم للأحداث الدائرة هناك وما هي تأثيراتها على المشهد الموريتاني ؟

في البداية أود التصريح بأننا مع وحدة التراب المالي. وأذكر هنا أن المستعمرين بمختلف فئاتهم: فرنسيين، برتغاليين، بريطانيين، آلمان احتلوا إفريقيا بحثا عن مواد أولية بثمن بخس لمصانعهم وأسواق لموادهم الصناعية والتبشيري لنشر ثقافتهم اليهودية المسيحية.

وفي مؤتمر برلين عام 1881 قرر المستعمرون اعتبار المواقع التي يشغلونها في ذلك الوقت حدودا إدارية. وأصبحت هذه الحدود الإدارية حدودا للدول الإفريقية. هذه الحدود قاربت شعوبا متباعدة في كل شيء، وباعدت شعوبا متقاربة في كل شيء. وهذا ما جعل الأعراق والقبائل مقسمة اليوم بين الدول، ولهذا وجدت أقليات عربية في دول زنجية مثل مالي وأقليات زنجية في دول عربية وبالخصوص موريتانيا.

ولأن الغرب يعتبر الاسلام انتشر في إفريقيا من الشمال نحو الجنوب، فقد ظل يبحث منذ زمن طويل عن عازل سياسي يمنع انتشار الاسلام بهذا الاتجاه، ولدوافع مادية أيضا بحث الغرب باستمرار – وخاصة بعد فشله في أفغانستان والفوضى التي أوقع فيها ليبيا – عن مدخل للصحراء لكي يجعل منها عازلا سياسيا بين شمال إفريقيا وبقية القارة. كما استغل الغرب نضال الشعب الأزوادي لإسقاطه في الفخ بإعلان الاستقلال في شمال مالي. وترك المسألة فترة حتى عبأ لها النظام العالمي الجديد والأمم المتحدة التي هي من أدواته، متذرعا بالدفاع عن الوحدة الترابية لمالي، ومستغلا وجود سلفيين غير ماليين تخترقهم المخابرات الغربية يقطعون الأيدي ويقومون بجلد النساء والرجال، متذرعين بتطبيق الشريعة.

غير أن موقفنا مع وحدة التراب لا يمنعنا من التنديد بالتجاوزات والاعتداءات التي وقع ضحيتها الشعب الأزوادي، ومعروف أن أغلبه امتداد لقبائل موريتانية عريقة، ولا يمكن لأي موريتاني أن يرضى باضطهاد إخوانه في العرق، كما أن اضطهاد الأقليات الزنجية في موريتانيا لن يرضي الزنوج في الدول المجاورة التي يمثلون امتدادا لها.

المرابع ميديا:  شهدت البلدان العربية منذ عامين أحداث ما بات يعرف “بالربيع العربي”، كيف تفسرون ذلك من الناحية السياسية، وما هو موقفكم من هذا الربيع ؟

الربيع العربي: بل إنما هو “ربيع غربي”، وكما هو الحال فما أطلق عليه “أصدقاء سوريا” هم في الحقيقة أعداؤها.

لقد بدأ “الربيع العربي” بثورات في تونس وفي مصر واليمن . ولما تفاجأ الغرب بالسرعة التي تمت بها الإطاحة بالرئيسين التونسي والمصري عمد إلى صرف قطار الثورة عن هدفه الطبيعي: إسرائيل وحلفائها، الأنظمة العربية المحافظة ليوجهوه إلى أنظمة عربية تقدمية : ليبيا وسوريا.

في اليمن تم ردع الثورة في المهد لصالح مؤامرة بين الأنظمة العربية الخليجية ومجلس الأمن الذي هو أداة للنظام العالمي الجديد. فمن الطبيعي أن يكون المستفيدون من هذه الثورات في تونس ومصر غير صانعيها.

في ليبيا فإن ساركوزى وكامرون معبئان من طرف الفيلسوف الصهيوني الفرنسي       Bernard Henry Levy سكبا دموع تمساح على الشعب الليبي المهدد حسب زعمهم بالتقتيل من قبل «الدكتاتور معمر القذافي» وهما اللذان كانا يبسطان له منذ عهد قريب البساط الأحمر. معتمدين على طلب تدخل عسكري مما تبقى من الجامعة العربية التي أصبحت توجهها قطر.

تمكن ساركوزي وكامرون من الحصول على قرار من مجلس الأمن وعملا على تدخل حلف شمال الأطلسي والبقية معروفة… تحطيم ليبيا كليا واغتيال دنيء لزعيمها في ظروف لا إنسانية، بعد قصف موكبه بطائرات المراج الفرنسية وطائرة بدون طيار أمريكية. كان باستطاعة الغرب اغتيال معمر القذافي في أول يوم من التدخل لكن كان يتعين تحطيم ليبيا لإعادة إعمارها لصالح عقود دسمة.

  في سوريا فإن الائتلاف الغربي وحلفاءه في المنطقة حاولوا دون جدوى القيام بنفس السيناريو الليبي، لكن في هذه المرة تعثر قرار مجلس الأمن لأن روسيا والصين حرصتا أن لا تنحرفا هذه المرة كما وقع لهما في ليبيا. وفضلا عن ذلك فإن سوريا ليست هي ليبيا، لأن كل محور الرفض، حزب الله سوريا إيران هو المستهدف نفسه.

إن النظام السوري هو النظام العربي التقدمي الوحيد الذي مازال قائما لأن الائتلاف الإسرائيلي الغربي تمكنبواسطة عملائه المحليين من القضاء – تباعا – على جمال عبد الناصر، صدام حسين الذي تم شنقه يوم عيد الأضحى، عرفات ومعمر القذافي.

          أريد هنا أن أركز على نقطة مهمة جدا وهي أن الغرب كان من بداية الخمسينات وحتى ظهور الحركة التحررية القومية العربية يعتبر الإسلام عدوه الرئيسي. ومن ثم وجد الغرب نفسه في مواجهة عدوين؛ وبمهارته وتضامنه لم يحاول محاربة عدوين دفعة واحدة بل سعى إلى أن يواجه كل منهما الآخر.

          في هذا السياق يفهم الدعم الممنوح من طرف شركة قناة السويس لحركة الإخوان المسلمين. سيحارب الغرب أولا الحركة العربية التحررية بضربها بالدين الإسلامي الذي سيحاربه فيما بعد ممثلا إياه  بالإرهاب غداة أحداث 11 سبتمبر 2001.

          إن وعي الغرب هذا المتمثل في عدم محاربة أعدائه دفعة واحدة يذكرني بالقصة المشهورة التي أوردها عبد الله ابن المقفع في شأن الأسد والثورين. فالأسد يعلم أن ليس بمقدوره أكل الثورين معا، لذا قام بتحريض كل منهما على الآخر ليتسنى له أكلهما الواحد تلو الآخر، فقال لأحدهما: «إن ذلك الثور لا يترك لنا شيئا نأكله فهو يلتهم كل ما في الغابة». ولما أحس بتقبل كلامه من طرف الثور هجم على الثور الآخر وأكله. ولما جاع من جديد تقدم إلى الثور الآخر قائلا له: «هل تدري لما ذا أتيت اليوم هنا؟» أجابه الثور قائلا: «لم أدرك ذلك إلا متأخرا فقد أكلت يوم أكل الثور الآخر».

          من الأفضل للإسلاميين أن يفكروا مليا في هذه القصة لأنهم لن يُمنحوا مهلة بعد اختفاء حركة التحرير القومية العربية ويومها سيكونون في الخطوط الأمامية في نفس وضعية الثور الثاني.

          وفعلا فقد تم هذا لأن الإسلام أصبح مماثلا للإرهاب وهذا ما تفسره حملات كراهية الإسلام التي يتم القيام بها في الغرب ضد الإسلام ونبيه وكتابه المقدس. بعض السياسيين وخاصة السياسيين الإسلاميين الذين يرغبون في الظهور بصورة مثلى أمام الغربيين ينتسبون إلى إسلام سياسي مغادرين الأحزاب السياسية التي كانوا يناضلون فيها من أجل إنشاء أحزاب جديدة يمنحونها توجهات إسلامية من حيث المبدأ، يلعبون بذلك لعبة الديمقراطية الغربية مقدمين أنفسهم كبديل عن الإسلام المناضل وكعدو لحركة التحرر القومية العربية، باحثين خلف الستار عن تشجيع إرهاب وجهاد تتم تغذيتهما انطلاقا من المحاظر والمعاهد القرآنية وتمويلهما من طرف بعض الأنظمة الخليجية، ضامنين للمنتسبين من  الشباب الجنة وغفران الذنوب.

يبدو أن الغرب ضمن محاربته لحركة التحرر القومية العربية والإسلام واستبدلهم بإسلام سياسي وجهاد مصروف هو الآخر عن هدفه الحقيقي لأنه  محصور فقط في البلدان العربية والإسلامية، خالقين بذلك فوضى هدامة وغير “خلاقة” عكس ما قالته كوند ليزارايس – كما نراه الآن في تونس، مصر ، ليبيا ، السودان ، اليمن ، العراق ، وخصوصا سوريا.

          بالنسبة لي فإن هؤلاء السياسيين الذين يجندون ويشجعون هؤلاء الشباب على تفجير أنفسهم زاعمين لهم  ضمان الجنة يجب أن يبدءوا بتفجير أنفسهم معهم في “تضحيتهم” لإقناعهم وإقناع من تبقى كما يقول المثل عندنا “أللي ماه ماش امعاك ما يعلڮلك” (الذي لا يسافر معك لا تتركه يحزم أمتعتك).

المرابع ميديا: تعيش سوريا أحداثا دامية الأمر الذي انعكس على تباين المواقف في البلاد حيث أن البعض طالب بطرد السفير السوري في موريتانيا، كيف ترد على هذه المطالب ؟

أنا أعرف نسبيا السيد محمد جميل ولد منصور. بل من لا يعرف جميل منصور؟ ففي إطار اللجنة الوطنية ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني التي أتشرف بترؤسها وكان السيد جميل ولد منصور عضوا فيها، تسنى لنا أن نسافر عدة مرات إلى ليبيا في إطار ملتقى الحوار بين التيارات الثلاثة السياسية العربية: التيار القومي العربي والتيار الإسلامي والتيار الماركسي. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه كان لي الشرف أيضا برئاسة وفد من بلدنا إلى المؤتمر العربي الأول (وإلى يومنا هذا هو الأخير) ضد التطبيع مع إسرائيل والمنعقد باليمن مع نهاية التسعينيات.

          كان وفدنا يتألف من شخصيات سياسية ونقابية ومدراء نشر لبعض الصحف. بعد ذلك  قام محمد جميل ولد منصور بإنشاء لجنة مماثلة لتلك التي أترأسها والتي كان له الحظ  على الحصول لها على وصل من وزارة الداخلية، الحظ الذي لم يحالفنا.

          فيما يتعلق بتصريحات محمد جميل ولد منصور طالبا من سلطات بلدنا طرد السفير السوري كما طالب أمس بطرد السفير الإسرائيلي، متهجما على حزب الله وإيران الذين هم مع سوريا المعاقل الوحيدة لمقاومة إسرائيل والغرب وعملائهم في المنطقة، طالبا جمع تبرعات من سكان فقراء بموريتانيا لصالح ما يسمى بالجيش الحر “السوري”  الذي  يتقلب على الدولارات في الفنادق الراقية باسطنبول ،الدوحة ،الرياض، باريس، لندن وواشنطن.

          إن مثل تلك التصريحات تنم عن الاستفزاز والاستخفاف بالرأي العام العربي الإسلامي على العموم  وللشعب الموريتاني على الخصوص، خاصة إذا ما تذكرنا أن جميل منصور قام بعدة زيارات رسمية لدمشق وطهران وحزب الله في بيروت الذي تم استقباله بكل احترام وتقدير وحيث استفاد من جميع أشكال العون.

          وقد استقدم هو نفسه إلى بلادنا وفدا من حزب الله مانعا إياه من التقائه بأصدقائه  الحقيقيين والمعجبين به بالأمس والذين مازالوا حتى اليوم.

          ليست هذه هي المرة الأولى وبالتأكيد ليست الأخيرة التي يدلي فيها السيد جميل ولد منصور بتصريحات استفزازية  ومتناقضة.

          فهو رجل مضطرب بامتياز، منددا اليوم بما كان يمجد أمس. والأمثلة التي مازلنا نتذكر على ذلك كثيرة.

–         مع سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي كان بعض وزرائه  أعضاء في حزبه تواصل  ولكي لا يقوم بإحراج الرئيس سيدي الذي يرفض قطع العلاقات مع إسرائيل فإن جميل ولد منصور وعلى عكس بعض زملائه من النواب صوت على ميزانية سفارتنا بإسرائيل وخفف من معاداته لإسرائيل.

واليوم فإن أصدقاءه الذين يقاتلون سوريا تقوم إسرائيل بمساعدتهم ونجدتهم وتستقبل مرضاهم في مستشفياتها.

–         يعد لائحة انتخابية بالاشتراك مع الاتحاد من أجل الجمهورية بدار النعيم، حزب الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي انقلب على سيدي ولد الشيخ عبد الله مرشده، وهذه اللائحة هي التي يستمد شيخ تواصل مشروعيته منها.

–         يطلب من الرئيس محمد ولد عبد العزيز ويحصل منه على طرد السفير الإسرائيلي لكن جميل منصور الذي لا يرضيه شيء يطلب هذه المرة رحيل الرئيس ولد عبد العزيز نفسه.

–         في الوقت الذي كان هذا الأخير يتعالج في فرنسا فإن جميل منصور الذي هو الإسلامي يأخذ الرأي العام كشاهد ويؤكد أن الرئيس ولد عبد العزيز لن يعود أبدا، فتوى تذكرنا بفتوى أخيه الأكبر القرضاوي  الذي أكد بدوره أن كل مسلم يدعم النظام السوري يكون مصيره جهنم.

–         رغم زعمه بأنه يدافع عن الوحدة الوطنية- بدون شك- لأهداف انتخابية، لا يتوانى جميل ولد منصور في كل مناسبة عن تجريم المكونة العربية من سكاننا متهما إياها باضطهاد المكونات العرقية الأخرى. طريقة غريبة للدفاع عن الوحدة الوطنية!

–         في نفس السياق، هذه المرة في البرلمان يثير جميل ولد منصور فتنة مع أحد زملائه متهما إياه باقتراح لجنة ينقص فيها تمثيل مكونة عرقية من الجنوب.

          ليس لجميل ولد منصور أي احترام لأولئك من الموريتانيين وغيرهم من الذين لا يتقاسمون معه وجهة النظر حول ما يجري في سوريا.

كلمة اخيرة لوكالة المرابع ميديا:اتمنى لها التوفيق والنجاح .

أجرى المقابلة الصحفى بوكالة المرابع ميديا  الشيخ المهدى ولد النجاشى

 

 

شاهد أيضاً

الرئيس غزواني يجري مقابلة مع مؤسسات إعلامية (نص المقابلة)

جرى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، مساء أمس، مقابلة مشتركة مع خمس مؤسسات إعلامية محلية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *