الجيش المغربي وقدراته العسكرية بعيون التقارير الدولية
27 يوليو, 2014
المغرب العربي والساحل
على امتداد السنوات الأخيرة, سجلت القوات المسلحة الملكية المغربية حضورا قويا في مختلف التقارير الدولية المهتمة بتطور الجيوش, سواء على المستوى الإقليمي أو القاري. ففي الوقت الذي سلطت فيه مجموعة من الدراسات الضوء على القفزة النوعية التي يشهدها الجيش المغربي من خلال تعزيز ترسانته الحربية بقطع متطورة من قبيل مقاتلات الـ (إف 16) والفرقاطات البحرية المتطورة وأنظمة الصواريخ والرصد عن بعد، اهتمت تقارير أخرى بميزان القوة الذي أصبحت معالمه ترتسم بالتدريج, خصوصا على الصعيد الإقليمي في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وفي ما يلي سنقدم رصدا لبعض التقارير الدولية التي صدرت في هذا الصدد.
بيزنيس إنسايدر، المغرب يتوفر على سابع قوة عسكرية عربية
وضعت مؤسسة «بيزنيس إنسايدر» الأمريكية، مستهل شهر يوليوز 2014، تصنيفا خاصا بأقوى الجيوش في العالم، صنفت من خلاله الجيش المغربي في المرتبة 65 عالميا.
واعتمدت المؤسسة في هذا التصنيف على مجموعة من المعطيات المرتبطة أساسا بعدد المجندين، والترسانة العسكرية التي يتوفر عليها كل جيش من الدبابات والطائرات الحربية والغواصات، والرؤوس النووية وحاملات الطائرات، وبالدرجة الأولى الميزانية الإجمالية التي يخصصها كل بلد لجانب التسلح وتطوير الجيش.
ويأتي الجيش المغربي، حسب الدراسة، في الصف السابع على المستوى العربي مسبوقا بكل من الجيش المصري الذي احتل المرتبة 13 دوليا متبوعا بالجيش السعودي الذي صنفته المجلة في المرتبة 25 عالميا ثم الجيش السوري الذي حصل على المركز 26 دوليا، والثالث عربيا و حل الجيش الجزائري في المرتبة 31 عالمياً، متبوعا بالجيش الإماراتي 42، ثم الجيش اليمني الذي احتل الصف 45 دوليا، ثم الجيش المغربي الذي وضعته الدراسة في الخانة 65 ما يجعله متقدما على كل من الجيش التونسي الذي جاء في المرتبة 66، مباشرة فوق الجيش الأردني 67، ثم الجيش العراقي 68، والعماني 69، الكويت 74، ليبيا 78، السودان 79.
وعلى الصعيد العالمي، اعتلت الولايات المتحدة عرش أقوى الجيوش في العالم، بترسانة بشرية هائلة تصل إلى أكثر من 145 ألف مجند، وب 8325 دبابة، و13683 طائرة حربية، و7506 رؤوس نووية، و10 حاملات الطائرات، و72 غواصة حربية مع توفير ميزانية تصل إلى أكثر من 612 مليار دولار سنويا.
سلاح الجو يضع المغرب على عرش شمال إفريقيا
لم يكن من المفاجئ أن تقر مجلة «إير فورسز مانثلي»، المتخصصة في سلاح الجو، بأن المغرب أضحى في الوقت الراهن يتوفر على أفضل وأقوى أسطول جوي في منطقة شمال إفريقيا، بالنظر للتدابير التي اتخذتها القوات الجوية المغربية لتطوير أسطولها، سيما بعد اقتناء 24 طائرة مقاتلة من طراز (إف 16) بقيمة 2.4 مليار دولار وتجهيزها بأنظمة استهداف حربية متطورة بقيمة 30 مليون دولار، وهي الصفقة التي تم من خلالها تزويد القوات المسلحة الملكية بالدعم اللوجيستي وقطع الغيار, علاوة على كل ما يتطلبه تأهيل الأنظمة التي تعتمدها القوات المغربية لتتماشى والأنظمة الجديدة المتطورة.
ولقد ساهمت هذه الصفقة في تعزيز الأسطول الجوي المغربي وتحديثه، حيث يتوفر أيضا على سربين من مقاتلات (إف 5)، وسربين آخرين من طراز (ميراج إف 1) ومجموعة من الطائرات النفاثة من طراز (تي 37).
وما كان هذا الأسطول المتميز ليتقوى بدون توفره على حزمة من الصواريخ المتطورة، لذلك عمدت القوات المغربية لإنهاء صفقة مع الولايات المتحدة للحصول على صواريخ (AIM-9X Block II)، ليكون بذلك المغرب رابع دولة في العالم تحصل على هذا الطراز، وعاشر دولة تتوفر على صواريخ جو – جو متطورة وموجهة بالأشعة تحت الحمراء يتم تثبيتها على أجنحة الطائرات المقاتلة من طراز (إف 16).
الترسانة الجوية للقوات المسلحة الملكية لم تقتصر على الطائرات والصواريخ، بل شملت أيضا المروحيات العسكرية، حيث سبق لتقرير صادر عن وكالة التعاون والأمن الدفاعي الأمريكي أن كشف أن المغرب تقدم رسميا بطلب لاقتناء ثلاث مروحيات عسكرية تقدر قيمتها المالية بحوالي 134 مليون دولار أمريكي.
ويتعلق الأمر بمروحيات من طراز (تشينوك D 47) إضافة إلى معدات لوجيستية وقطع غيار وآليات الاتصال والدعم التقني.
وإلى جانب دورها الحربي، فإن هذه المروحيات تستطيع تكييف طبيعتها للقيام بمهمات إنسانية للإنقاذ والنقل.
«ستوكهولم»: المغرب ثاني المتسلحين إفريقيا
حسب نسخة 2014 من تقرير «معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام»، فإن المغرب ظل محافظا على رتبته الثانية إفريقيا في قائمة البلدان الأكثر تسلحا في العالم، بعد الجزائر.
وذكر التقرير أن المغرب والجزائر يحوزان على 5 بالمائة من مجموع تجارة السلاح في العالم خلال الفترة الممتدة من 2009 إلى 2013، وأضاف أن المغرب لوحده استورد خلال السنوات الأربع الماضية قرابة 22 بالمائة من إجمالي الأسلحة التي اقتنتها بلدان القارة الإفريقية، في حين أن حصة الجزائر تصل إلى 36 بالمائة في ذات الفترة.
وعزا مسؤولو المعهد ارتفاع صادرات المغرب من الأسلحة إلى القفزة الكبيرة التي شهدتها مقتنيات المغرب, خصوصا في القطع البحرية والجوية ما بين 2008 و2013، لعل أبرزها مقاتلات (إف 16) ومجموعة من الفرقاطات الحربية مثل «فرقاطة محمد السادس» من نوع «فريم» وثلاث فرقاطات من نوع «سيغما».
البحرية الملكية تتعزز بفرقاطات متطورة… وغواصة في الطريق
تقرير «معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام» كشف أيضا، لكن في نسخة 2013 هذه المرة، أن حجم مقتنيات المغرب من الأسلحة تضاعف بمعدل 1460 بالمائة في الفترة الممتدة من 2008 إلى 2012، مقارنة مع ما سبق أن تم تسجيله في الفترة الممتدة من 2003 إلى 2007.
وإن عزا التقرير هذا الارتفاع الصاروخي في مصاريف التسلح بصفقات الطائرات الـ 24 من طراز (إف 16) الأمريكية، والمقاتلات الـ 27 الفرنية من طراز (إم إف 2000)، والدبابات الـ 45 من طراز (تي 90 – 2) الصينية، فإن للفرقاطات الجديدة التي حصل عليها المغرب من هولندا وفرنسا تحظى بنصيب وافر من تلك المصاريف.
فالبحرية الملكية حصلت على ثلاث فرقاطات من طراز سيغما من هولندا، وهي الفرقاطات التي تحمل أسماء «طارق بن زياد»، «مولاي إسماعيل» و»علال بن عبد الله». كما تسلم المغرب فرقاطة محمد السادس متعددة المهام من طراز فريم من فرنسا، وحسب تقارير فرنسية، فإن هذه السفينة الحربية تكلف حوالي 470 مليون أورو، وأشرفت على إنجازها وزارة الدفاع الفرنسية، وتعتبر من أبرز القطع البحرية في الأسطول الحربي المغربي، إذ لا تتوفر منها سوى 22 قطعة في مختلف مناطق العالم رغم تزايد الطلب عليها في الفترة الأخيرة.
ومن جهة أخرى، سبق لتقارير إسبانية أن أكدت أن المغرب يواصل اتصالاته بروسيا من أجل إنهاء الترتيبات المتعلقة بتزويد المغرب بغواصة روسية الصنع من طراز (أمور 1650) كانت موسكو قد اقترحتها على الرباط.
وذكر الموقع الإسباني «إلكونفدينثيال ديخيتال»، المتخصص في ملفات التسلح والأمن العسكري، أن الصفقة في حال إتمامها ستكون بقيمة 150 مليون دولار.
وتتميز هذه الغواصة بقدرتها على حمل 18 صاروخا والعديد من الطوربيدات، وقدرتها أيضا على زراعة الألغام البحرية والغوص إلى عمق 300 متر. واعتبرت مواقع إسبانية، ذات طابع رسمي، أن هذه الصفقة تأتي في أعقاب إحداث المغرب قاعدة بحرية في منطقة القصر الصغير واقتناء مجموعة من الفرقاطات من هولندا وفرنسا.
«سابواير»: المغرب سيصرف على جيشه 4.5 مليار دولار
قبيل متم سنة 2013، أصدر موقع «سابواير» (Subwire) الأمريكي تقريرا حول «مستقبل الصناعة العسكرية المغربية، جاذبية السوق، مناخ التنافسية والتوقعات في أفق 2018»، لرصد الميزانية التي من المرتقب أن يخصصها المغرب لتطوير قدراته العسكرية.
وذكر التقرير أنه من المقرر أن تستقر ميزانية قطاع الدفاع في المغرب في حدود 3.8 مليار دولار سنة 2014، وسترتفع إلى 4.5 مليار دولار بحلول سنة 2018، وذلك اعتمادا على حساب معدل النمو السنوي التراكمي الذي من المتوقع أن يصل إلى 4.42 بالمائة خلال فترة التوقع.
وبنا التقرير هذه التوقعات على مجموعة من المعطيات أبرزها وضع المغرب لخطط لتحديث قطاع الدفاع على امتداد السنوات القادمة، احتمال رفع ميزانية الأمن الداخلي لمواجهة الخطر المتزايد لعمليات المتاجرة في البشر، وتهريب المخدرات، والتصدي لخطر الإرهاب داخليا وخارجيا، وتعزيز الأمن الحدودي, سواء تعلق الأمر بالواجهة البرية مع الجزائر أو البحرية مع إسبانيا. ومن المرتقب أن تشمل هذه الميزانية اقتناء مجموعة من الطائرات الحربية، والغواصات المتطورة، وسفنا لخفر السواحل وتجهيزات المراقبة والتتبع.
إعداد: عبد الله أوسار