أعلنت خولة مطر الناطقة باسم الممثل الخاص المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الاخضر الابرهيمي أن مؤتمر جنيف – 2 سيعقد جلسته الافتتاحية في 22 كانون الثاني 2014 في مدينة مونترو السويسرية، ثم ينتقل وفدا النزاع السوري ووفد الامم المتحدة برئاسة الابرهيمي الى مقر المنظمة الدولية في جنيف لبدء المفاوضات بينهما.
قالت مطر لـ”النهار” إن المفاوضات بين الطرفين ستجري بشكل ماراتوني يومياً وقد تصل الى عشر ساعات يومياً “من أجل التوصل سريعاً الى حلول لهذه الأزمة”. وأوضحت ان اللقاء التحضيري المقرر الجمعة في جنيف سيضم اول الامر الثلاثية الدولية (روسيا والولايات المتحدة والامم المتحدة) وستنضم اليهم لاحقاً الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن ودول الجوار السوري (لبنان، تركيا، الاردن والعراق) وممثلون لجامعة العربية والاتحاد الأوروبي. وأمام اللقاء الدولي الاخير، قبل بدء مرحلة التفاوض، عدد من العقد المستعصية على الحل حتى الآن، ومن المقرر أن يحمل الوفد الاميركي أجوبة عن اسئلة لا تزال معلقة منذ اللقاء الأخير الذي انعقد في 25 تشرين الثاني الماضي، كمشاركة ايران غير المحسومة بعد في جنيف – 2 من جهة، ومن جهة ثانية ما توصلت اليه المساعي الاميركية وخصوصاً للسفير الاميركي في دمشق روبرت فورد مع المعارضة السورية من أجل تشكيل وفد مشترك بقيادة “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”.
وفي معلومات خاصة لـ”النهار” ان الائتلاف السوري يفكر في طلب تأجيل موعد تسليم لوائح باسماء ممثليه من 27 كانون الاول الجاري (الموعد الذي حددته الامم المتحدة) الى ما بعد 7 كانون الثاني المقبل، أي بعد الانتخابات المقررة للائتلاف في هذا التاريخ، وأن هذا الطلب قد يحمله الوفد الاميركي الى لقاء الجمعة .
على وقع الميدان
ولاحظت اوساط الامم المتحدة في جنيف، أن المشاركة في المؤتمر تسير في هذه الايام على وقع التطورات الميدانية، “فالأوضاع تتغير من اسبوع الى آخر، وما كان واقعا قبل اسبوعين بالنسبة الى الجيش السوري الحر مثلاً لم يعد له وجود الآن”. وتحدثت عن جهود تبذل في هذه الفترة من أجل ايجاد مخرج لهذه المشكلة، و”على الخط اليوم ملامح مساعٍ أميركية بعلم روسي لاعادة تعويم الجيش السوري الحر. ويتضمن السيناريو مقترحات لابتكار خيوط تجمع بين ما تبقى من الجيش السوري الحر والجبهة الاسلامية التي يقودها زهران علوش والمدعومة من السعودية وتركيا، وهدف ذلك التوصل الى أرضية صلبة تجمع بين الجبهة الاسلامية والجيش الحر والائتلاف السوري لمواجهة النظام في المفاوضات”.
لكن مصدراً سورياً مقرباً من النظام في جنيف أفاد ان “هذا المسعى يصطدم بمعارضة معروفة من النظام السوري، الذي يعتبر الجبهة الاسلامية شقيقة (تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام”) داعش ومرتبطة مباشرة بالقاعدة نظراً الى وجود عدد كبير من الارهابيين الاجانب في صفوفها”.
ومن المقرر أن يحسم لقاء الجمعة مسألة مشاركة ايران في المؤتمر، إذ انه على رغم الاتجاه الى توسيع مروحة المشاركة الدولية في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، فإن رفض هذه المشاركة لا يزال قوياً وخصوصا من الولايات المتحدة والسعودية.
سيناريو أجندة “جنيف – 2”
وتحضيراً للمفاوضات بين طرفي النزاع، عقدت في نهاية الاسبوع الماضي في مقر الامم المتحدة بجنيف خلوة امتدت ثلاثة ايام لفريق عمل الامم المتحدة برئاسة الابرهيمي، نوقشت خلالها “سيناريوات” عدة لأجندة المفاوضات. وفي نهاية الايام الثلاثة توصل هذا الفريق الى مجموعة استنتاجات تتعلق بالاجندة التي ستتبع في المؤتمر، حصلت “النهار” على تفاصيلها:
– إن الابرهيمي مقتنع بأن طرح المعضلات الاساسية في بداية المؤتمر، كمصير الرئيس السوري بشار الاسد، من شأنه أن يفجر المفاوضات مباشرة ويعيد عقارب الساعة الى الوراء، وبما أن أطراف النزاع يفصل بينهم جدار سميك من عدم الثقة وتراكماتٍ من الحقد والعداء، فإن المنطقي أن تبدأ المفاوضات بجلسات تتناول مواضيع لا تشكل خلافات عميقة بين الطرفين، كالاتفاق على مسلمات يؤمن بها الجميع، ولا يستطيع أي من الاطراف رفضها، كسوريا “دولة موحدة مستقلة وحرة بعيداً من أي تدخل أجنبي، أو وحدة الشعب السوري بكل أطيافه وطوائفه”، وغيرها من البنود التي يمكن أن تجمع اطراف النزاع، تمهيداً لايجاد قواسم مشتركة يمكن أن تنعكس نفسياً ومعنوياً ومن شأنها أن تسهّل لاحقاً البدء بمناقشة بنود خلافية.
– في المرحلة التالية، استنادا الى أجندة الابرهيمي، سيبدأ الحديث عن وقف النار وفك الحصار عن المناطق المحاصرة، وايصال مواد اغاثة الى المحاصرين. وفي حال تعذر رفع الحصار عن كل المناطق دفعة واحدة، وخصوصاً المناطق التي تسيطر عليها مجموعات مصنفة ارهابية وغير مشاركة في جنيف -2، فلا بد من البدء بالمناطق التي يسيطر عليها المشاركون في المؤتمر. وهنا يعود الحديث مجدداً الى امكان الاستعانة بمراقبين دوليين، للتثبت من رفع الحصار عن المناطق ومن ايصال الاغاثة الى المواطنين، على أساس أن الامم المتحدة تعاني عدم التزام الطرفين (النظام والمعارضة المسلحة) منذ فترة ايصال المواد الغذائية الى اصحابها، وسُجلت حالات مصادرة للمستلزمات الضرورية مما ادى الى سوء تغذية ووفاة من الجوع في عدد من المناطق المحاصرة.
– إن الوقت الاكبر من المفاوضات، اذا سارت الامور بشكل ايجابي، سيركز على الدستور السوري المقبل وشكل الحكم (رئاسي أو برلماني) وهذا ما سيسهل ولوج باب الاسئلة الصعبة كمصير الاسد وصلاحيات الحكومة الانتقالية، وتوقيت تأليف هذه الحكومة (في ظل حكم الاسد إثر مرحلة ما بعد الانتخابات).
الروس والأميركيون على السمع
هل يحظى هذا “السيناريو” موافقة طرفي النزاع في سوريا؟ عن هذا السؤال تجيب أوساط الابرهيمي، أن هذا “السيناريو” ليس جامداً وهو قابل للتغيير والتعديل بحسب مجريات المفاوضات، لكنه يبقى الاقرب الى المنطق، وهو يقوم على اساس تحقيق نجاحات صغيرة تؤدي الى تراكمات كبيرة، وفي حال الوصول الى حائط مسدود في هذا البند أو ذاك، يبقى على الدولتين الراعيتين (روسيا والولايات المتحدة) التدخل والضغط على هذا الطرف او ذاك من أجل حلحلة العقد. وفي هذا الاطار من المقرر أن يبقى فريقا الدولتين الراعيتين للمؤتمر على مقربة من مقر الامم المتحدة في جنيف. وعلم أن الابرهيمي طلب من رئيسي الوفدين الروسي والاميركي أن يضطلعا خلال المفاوضات بالدور الايجابي من أجل انجاح المؤتمر، بحيث تكون تدخلاتهما من زاوية التوصل الى حلول وسط لا الى التعقيد.
النهار/اللبنانية