اعتبر المستشار القانوني للحكومة الدكتور محمد إدريس ولد حرمه ولد بابانا، الإجراء الذي اتخذته الحكومة بتأجيل الشوط الثاني من الإنتخابات التشريعية والبرلمانية بناءا على استشارة المجلس الدستوري شرعيا، حيث أجاز للحكومة التصرف على أساس القوة القاهرة التي عبّر عنها بالطابع الاستعجالي.
وقال ولد حرمه ولد بابانا “ إنه بإمعان النظر في صياغة المادة 24 من الأمر القانوني رقم 91-028 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر1991، المعدل، المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية يظهر جليا أنها تحتمل تفسيرين. فقد جاءت صياغتها كما يلي ” إذا لم يحصل أحد المترشحين على الأغلبية المطلقة في الشوط الأول من الأصوات المعبر عنها ، يجرى شوط ثان بعد أسبوعين. ولا يمكن أن يترشح في الشوط الثاني إلا المترشحان اللذان حصلا على أغلبية الأصوات.”. التفسير الأول هو بدء سريان مدة أسبوعين الواردة في القانون اعتبارا من الشوط الأول. ولكن إذا لم تصدر نتائج الشوط الأول في اليوم أو اليومين المواليين للاقتراع وتزامن تأخير إعلانها مع ارتفاع عدد الطعون لدى قاضي الانتخابات فإن هذا التفسير سيصطدم مع أحكام المادة 22 من القانون النظامي المنشئ للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات الذي يعطي للمجلس الدستوري وللمحكمة العليا، حسب الحالة، أجلا للبت في النزاع أقصاه 15 يوما اعتبارا من تاريخ تعهده بالطعن. إذن سيظهر عندئذ عجز هذا التفسير عن مجاراة الواقع العملي.
أما التفسير الثاني فهو اعتبار بدء سريان الأجل من يوم إعلان النتائج وليس من تاريخ اقتراع الشوط الأول لأنه من تاريخ هذا الإعلان فقط ستتم رسميا ملاحظة عدم حصول الأغلبية المطلقة وبالتالي تأكُد الاتجاه إلى الشوط الثاني. ورغم أن هذا التفسير لم يُعمَل به قط في الانتخابات السابقة إلا أنه يبدو منسجما مع المادة 24 سالفة الذكر : ” إذا لم يحصل أحد المترشحين على الأغلبية المطلقة في الشوط الأول من الأصوات المعبر عنها ، يجرى شوط ثان بعد أسبوعين.”
وكانت مسألة التأجيل قد أثارت في الأيام الماضية جدلا واسعا حول عدم شرعية التاجيل، وعزز هذا القول رأي واحد من أهم خبراء القانون الدستوري هو الدكتور محمد الأمين ولد داهي الذي قال “ان المبدأ فى دولة القانون يقتضى ترتيب القوانين واحترام هذا الترتيب، وبالتالى فهو لا يرى أبدا أن هذا التأجيل دستوريا” بل كان يجب يقول ولد داهي الرجوع إلى الرلمان.. مؤكدا على أن نص القانون واضح ولا يحتاج إلى تفسير آخر.. وتاركا في الوقت ذاته إمكانية الإعادة للبلديات فقط.
ويشكل هذا الخلاف الدستوري مشكلة تضاف إلى المشاكل العالقة بين الحكومة والأحزاب السياسية التي يقاطع بعضها الإنتخابات، في وقت تتصاعد فيه اصوات المشاركين الرافضين لنتائجها بعد انقشاع غبار معركة الشوط الاول من السباق الإنتخابي.