كثيرة هي معاناة الحجاج في هذه الربوع من الدنيا ؛لكن صعب علي النفس المشبعة بدفء الايمان أن تبوح بسر العقيدة والعبادة ؛لأنها تؤدي واجبا ومسؤولية ؛فرضها الخالق سبحانه وتعالي بدء بصلوات الخمس علي مدار اليوم ؛مرورا بالصوم خلال الشهر؛ وليس انتهاء عند العبادة السنوية مرة في العمر؛ ومع هذا كله فعند لحظة التفكير الاولى بهذا الواجب الشرعي تصاب بالفزع ؛وتبدأ النفس في مراجعة شريط ذكريات مؤلم يبدأ بالإجهاد ؛والتعب؛ والإرهاق؛ ولا ينتهي عند الحسرة ؛ والندامة والألم .
اليوم تعيد المأساة نفسها حتى وإن اختلفت التفاصيل؛ لا شيء تغير في زمن الربيع أو الحريق؛ الطائرة هي ذاتها ؛والوزارة هي نفسها ؛وقطع اللعب هي عينها ؛واللعبة تتجدد وتتبدل مع تغيير الأبطال فقط .
الفوج الأول بعد ليلة حسبها ألف سنة تعثر في أول محطة ؛لا تهم الأسباب ما دامت العبرة بالخواتم.
أما الفوج الثاني فعليه أن يحشر أنفاسه قبل لحظة المغادرة ما دامت المفاجآت في هذا البلد لا تأتي إلا أسحارا؛ وللأفواج الباقية منتهى السلام.
من غرائب الأشياء أن الوحوش الكاسرة دائما خير؛ وأبقى؛ وأرحم من الذين يتحكمون في رقاب هذا الشعب الصابر والمصابر؛ لكن يوم الفصل آت لا محالة؛ فعجله علينا يا رب لا تؤجله ؛وليس بين الله ودعوات المظلومين حجاب ؛وقد بلغت القلوب الحناجر..