8 ديسمبر 2024 , 9:53

تصريحات ولد حدمين، إرهاب فكري وعنصرية مقيتة

arton14773في زمن قل فيه الحياء وسادت فيه ثقافة التملق والتزلف للجنرالات وقفز فيه النفعيون المعتاشون على الانتهازية والانحناء والانبطاح لكل جبار عنيد، لا نستغرب أن يقع أحد طيور الرجعية الموريتانية على أشكاله في مصر لاستنساخ خطاب فاشي عنصري بغيض يشي بمرض نفسي عضال يظن صاحبه أن مهاجمة تيار الإخوان في موريتانيا هو أقصر طريق للشهرة وللحصول على بعض فتاة الجنرال عزيز، لكن نذكر الوزير يحي ولد حدمين على أن الطريق الذي يسير عليه سالك في موريتانيا لأنه معبد منذ زمن طويل، فقد سلكه من قبله أقوام وسيلحق به آخرون.

وما دامت كلمة الإرهاب الفضفاضة قد أصبحت عملة رائجة لدى المتاجرين بالأوطان الناظرين إلى مصالحهم الضيقة فلا بأس في أن يحاول الوزير ولد حدمين الاستفادة منها في حملته الانتخابية المحكوم عليها مسبقا بالفشل.

وهنا لا بد من تذكير الوزير أن كلمة الإرهاب حولها أمثاله من الانتهازيين إلى وسام شرف يضعه على جبينه كل من يحمل فكرا إسلاميا معتدلا أصيلا، وكل مؤمن بمبادئ الحرية والديمقراطية وضرورة إخراج الأوطان من حكم العسكر إلى الحكم المدني، ذلك أن أشباه الوزير ومن يحمل ثقافة نقل البندقية من كتف إلى آخر لم يعد في وسعهم إلا إطلاق الاتهامات جزافا على من يختلف معهم في الفكر والتوجه بعد أن يئسوا من الشارع العربي الذي مل تلونهم وتعدد ولاءاتهم.

وتصريحات يحي ولد حدمين الوقحة غير مستغربة منه لأننا نتفهم حالته النفسية وهو يخاطب جمهور ولاية لعصابة التي لفظته مسبقا، كما أن هذه التصريحات الغير مسؤولة تعطي دليلا آخر على أن التملق لا حدود له، وأنا على يقين تام بأن تصريحات ولد حدمين سيكون مصيرها مشابها لتصريحات وزير سابق ذهب به التملق لولد الطائع إلى خروجه عن الأعراف والتقاليد الموريتانية بتهديده آنذاك بتحويل المساجد إلى مخابز تزلفا وتملقا لولد الطائع الذي بادر إلى إقالته في اليوم الموالي تاركا لعنة التاريخ تلاحقه أينما ذهب.

ولفهم مقاصد تصريحات ولد حدمين ووضعها في سياقها لا بد وأن نستعيد جزءا من الماضي حيث علمتنا التجارب السابقة في التعاطي مع الأحكام العسكرية المقيتة أن الكتائب العسكرية لابد لها من كتيبة مدنية تتكئ عليها لعدم معرفة العسكر بمنعرجات السياسة ودهاليز المؤامرات المظلمة، وعندما تنتهي الكتيبة المدنية من لاعقي أحذية العسكر من المهمة المنوطة بها في التخطيط لتدمير وطن ما والسير به نحو المجهول، تتقدم الكتائب العسكرية لتنفيذ الأعمال القذرة ووأد تجارب الشعوب وتطلعاتها نحو عالم أفضل تسوده الحرية والعدالة والعيش المشترك.

فمن منا لا يتذكر دور الكتيبة البرلمانية في وأد التجربة الديمقراطية الأولى في موريتانيا مفسحة المجال أمام عقيد في الجيش بشطب خيارات الشعب الموريتاني بفوهة مدافعه ودباباته، ومن سخرية القدر ومفارقاته أن أقوى جيش عربي في أكبر دولة عربية مدعوما بأمثال ولد حدمين قام باستنساخ تجربة أضعف جيش عربي في الانقلابات العسكرية وشطب خيارات الشعب الديمقراطية.

وما دام الشيء بالشيء يذكر فإننا لا يمكن يذهب بنا وقع تصريحات ولد حدمين المسيئة دون أن نعرج على مواقف النخبة الموريتانية المشرفة التي اختلفت عن نظيرتها المصرية في التعاطي مع الانقلاب، حيث شمرت الأحزاب الموريتانية عن سواعدها للوقوف في وجه انقلاب ولد عبد العزيز وكادوا يفشلونه لولا تدخل دول مؤثرة على الساحة الموريتانية وإقناعها للنخبة الموريتانية بقبول انتخابات مبكرة حرصا على السلم الأهلي وانفراج الأزمة الطاحنة التي ألقت بظلال قاتمة على حياة المواطن الموريتاني البسيط، وهو الموقف الذي افتقدته التيارات العلمانية المصرية التي يحاول الوزير يحي ولد حدمين نقل تجربتها إلى موريتانيا.

ونحن إذ نستنكر وندين تصريحات يحي ولد حدمين المسيئة نحمل المسؤولية كاملة لحكومة ولد عبد العزيز في عدم أخذها على يد هذا السفيه وإجباره على الاعتذار عن التصريحات العنصرية التي صدرت عنه حتى لا تفهم على أنها رسالة موجهة من طرف الجنرال يلوح فيها لمعارضي المشاركة في الانتخابات بأن عليهم المشاركة فيها نزولا عند رغبته، وإلا فإن الجيش والشرطة الموريتانيين على أتم الاستعداد لإقصاء شركاء الوطن بالقوة عن المشهد السياسي.

وختاما أرفع قبعتي للمدونين الموريتانيين من مختلف التوجهات الفكرية الذين استنكروا تصريحات يحي ولد حدمين المسيئة لقيم الشعب الموريتاني وموروثه الثقافي والديني وتاريخه الطويل في التعايش السلمي، فلهؤلاء أقول: بمثلكم تبنى الأوطان وتسود ثقافة التسامح والعيش المشترك.

شاهد أيضاً

النهاه ولد أحمدو يكتب : من أجل تجنب اشتعال المراعي

ها و قد كان خريف هذا العام جيدا ، وهو دون ذلك في عدة جيوب …

اترك تعليقاً