27 أبريل 2024 , 2:31

رسالة إلي أردوغان: طائراتكم مرعبة … ومؤسساتكم عنصرية..

السيد طيب رجب أردوغان، رئيس الدولة التركية المحترم..

اسمح لي، باعتباري مواطنا مغربيا زرت بلادكم لقضاء عطلتي الصيفية رفقة زوجتي، رغم أنها لا تضع حجابا، أن أتوجه إليكم بهذا الاحتجاج، لما لاقيناه من بعض مؤسسات بلدكم من إهمال، ومعاملة دكتاتورية متعنتة، فيها كثير من الطيش، وغياب الجدية وروح المسؤولية.

ففي الوقت الذي كنا نعيش حالة رعب في الجو، معلقين بين السماء والأرض، ونحن نستقل طائرة الخطوط الجوية التركية، التي كادت أن تسقط بنا من سماء بلادكم، وكان عدد ركابها 500 راكب، أغلبهم مغاربة، لولا خبرة وحذق الربان، الذي عاد بنا إلى مطار أتاتورك والكل يعيش على وقع الصدمة، وحالات من الهستيريا الناتجة عن الخوف، وهول ما كنا عليه من موت أكيد، زج بنا في بهو المطار كخراف ضالة، لا ماء، ولا إسعافات، ولا مسؤولا واحدا جاء ليخفف عنا ما أصابنا، بل حشرنا في هذا البهو، لا خروج ولا دخول، وكأننا سجناء، لا نعرف لا ما سيجري، ولا ما علينا فعله، في وقت تحلقت أسراب من البشر والمعدات حول الطائرة التي حطت في المطار، لتصير الآلة أهم من الإنسان، وأولى بالعناية والاهتمام.

وحين كونا فريقا، بمعية مغاربة يتكلمون اللغة التركية، التي هي لغة التخاطب الوحيدة عندكم، لملاقاة بعض المسؤولين في مكاتبهم، ووجهنا بعنف، وبتهديد بالبوليس، ما جعلنا نحتج برفع شعارات ضد هذا السلوك البوليسي الذي بدأتم تكرسونه، في ما يبدو، في بلد تدعون أنه بلد الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

بقدر ما وجدنا الناس في الشوارع، وفي الأماكن التي زرناها، باعتبارهم شعبا، يعاملوننا بمحبة وسعة روح، وكرم، لا يمكن إنكاره، بدا لنا أن ما يجري في سراديب المسؤولية غير ما عليه البلاد في الخارج.

أنا ممن يحبون ما أقدم عليه مصطفى أتاتورك من انقلاب اجتماعي وثقافي كبيرين، وما أنجزه من بنيات تحتية مهولة، وما كرسه من فكر علماني، كان السبب في خروج تركيا من أطلال السلطنة العثمانية البائدة، التي عاش سلاطينها بذخا لا مثيل له في التاريخ، مقابل ما خلفوه وراءهم من بؤس باسم الدين.

فما أراه يجري اليوم في بلدكم لا يروق لي، ولكثيرين ممن يرون مصادرة الحق في الإعلام، وفي النقد، والجهر بالرأي المخالف. ولعل تغييركم للدستور، وتصفية الجيش من كل أركانه الذين كانوا مخالفين لكم في المذهب وفي الرؤية، أو مؤمنين بفكر أتاتورك، يكشف ما أنتم سائرون فيه من أسلمة البلاد، أو من حلم بعودة السلطنة إليها.

فشتان بين الزمن والزمن.. والازدهار الاقتصادي ليس سوى جناح من جناحي التطور والتقدم.. والطائر، مهما كانت رجاحة ريشه، لن يحلق في الريح بهذا الجناح وحده، لأن جناح الحرية، والعدالة الاجتماعية، وحقوق كل من يطؤون أراضي بلادكم، وحماية الغريب، والزائر، وإعطاء الناس ما لهم، مهما كانوا، ومن كانوا، هذا ما يمكنه أن يجعل الحكم يكون رشيدا، عادلا، حتى ولو كان بلا دين، وبلا ملة أو اعتقاد.

إننا نأسف لما لقيناه من إدارتكم في الطيران، ولما حملتموه لنا من ألم إضافي، ومن ازدراء واحتقار، وعنصرية، بتسميتنا عربا؛ فهذا ضيم، أيها الرئيس، لن يرفعه عنا إلا حاكم عادل، أو حتى حاكم “مستبد عادل”. ولربان الطائرة، بصورة خاصة، إجلالي وتحياتي، فهو من صان حياة ركاب الطائرة، وضمنهم صان ما بقي من حياتي

صلاح بوسريف شاعر مغربي

شاهد أيضاً

عاجل : رئيس الجمهورية يعين سيدي محمد ولد محمد محمود ولد محمد الراظي سفيرا في دولة إيران

عين رئيس الجمهورية اليوم سيدي محمد ولد محمد محمود ولد محمد الراظي سفيرا فوق العادة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *