افتتاحية المرابع ميديا: مهرجان المدن القديمة بشنقيط.. موسم ثقافي بعبق الماضي

شنقيط، وادان، تيشيت وولاته.. مدن قديمة سجلت حضورها في وجدان وذاكرة أبناء بلاد الملثمين. فمن أفيائها خرج الفاتحون والأولياء الصالحون يحملون رسالة الإسلام السمح لينشروها في مناطق واسعة من القارة السمراء.
وفي هذه الصحراء المترامية، بقيت حكايات لمحطات مشرقة تتوارثها الأجيال تلو الأجيال.. توارت هنا بعض فصولها، لكنها لم تختف من تاريخ يفوح بعبق الفتوحات وطلت قدر الأحفاد في استكمال مسيرة الأجداد.
مهرجان المدن القديمة، لعله مهرجان يختزل بحق تاريخ هذه المنطقة، ويعكس صيرورة الحياة المبدعة فيها، حياة تبدو أحيانا غارقة في الزهد والتصوف، وأحيانا أخرى تطالعك وهي تخطو نحو عصر الحداثة بكل إكراهاته بعزم وإرادة لا تلين.
فإذا كانت شنقيط الوطن والحلم، فلأنها كذلك. كل نسخة من هذا المهرجان تعكس تاريخا وإشعاعا تركه الأجداد لنستلهم منه أهمية العلم بمعناه الشمولي في نهوض الأمم والشعوب، وفي تشكيل رأي وثقافة رصينة وملهمة للتقارب والإختلاف.
تلك هي الثقافة التي يجب أن تظل معيننا في حياتنا وفي خطابنا، وقبل ذلك في صهر أفكارنا قبل أن يغزونا الآخر بثقافته التي باتت اليوم عابرة للحدود.
حبذا لو جعلنا من هذه المناسبة، موسما للتآخي والمحبة إلى جانب رسالته الأصيلة كموسم ثقافي وسياحي وتنموي نجدد فيه العزم على إحياء تراث وطن ونستعيد فيه الأمل بنهضة أمة.