15 مايو 2024 , 15:10

موريتانيا والمغرب شعب واحد في بلدين : عبدا لله الزين / كاتب وباحث موريتاني

زين

لا ينكر كائن ما كان أن الشعوب أبقى من الحكّام والحكومات أبدا ، ولا يمكن لأي بشر أن يتجاوز عمق الروابط الثقافية والتاريخية وأواصر القرب والرّحم التي تحكم الشعوب ، فهذا كله يجعل الإنسان حصنا لأخيه الإنسان ، وذلك في إطار الحفاظ على النوع البشري وحمايته من خطر الحروب والويلات التي تفتك بالأمم والشعوب في عصرنا اليوم ، كل هذا ينطبق على بلدين شقيقين وشعبين جارين يربطهما التاريخ والجغرافيا، والتكوين الديموغرافي… كما هو الحال في الجارتين: موريتانيا والمغرب
لقد عرفت العلاقات الموريتانية المغربية منذ أعوام الكثير من المنعرجات والهزات كانت في كل مرة تتصاعد بفعل فاعل وتنخفض بفعله أيضا، وهذا كله لمصلحة أجندات لم تكن تراعي في الكثير من مضامينها تلك الأبعاد كلها في العلاقات التاريخية بين الشعبين الجارين وبين أكثر ثقافات الفضاء المغاربي والأفريقي انصهارا وتشابكا في ما بينها، فقد بلغت العلاقات حدودا ضيقة من التوتر وخيمت عليها الكثير من الأعراض المرضية التي جعلتنا ننظر إلى أنفسنا بنوع من الحسرة والتوجس من مستقبل شعب واحد في بلدين كان إلى حدود الأمس القريب يعيش نوعا من الارتباط العضوي المنقطع النظير، كل هذا التوتر والاحتقان الذي خيم على المشهد لم يستطع أن يقف في وجه إرادة الشعبين الشقيقين في الحفاظ على العلاقات الأخوية المتميزة، وذلك بالرغم من التأجيج الممنهج من طرف جهات معروفة في البلدين ، لا هم لها سوى زرع خلافات غير موجودة وإذكاء صراعات غير مطروحة بغية خدش حبل الود بين الحكومتين، كل هذا حصل ويحصل لكننا لسنا معنيين به بشكل مباشر كشعوب، فمصلحتنا كشعبين وعلاقتنا أهم بكثير من غطرسة الساسة ومن خبث المتسيسين
إن زيارة “صلاح الدين مزوار” لنواكشوط أول أمس حاملا معه برقية شفوية من جلالة للملك “محمد السادس” إلى أخيه صاحب الفخامة “محمد ولد عبد العزيز” تعتبر بمثابة الضوء الأخضر الذي سيعيد الدفء إلى العلاقات بين الحكومتين، وسوف تكون في الوقت نفسه ردا صريحا على الغوغاء الذين أرادوا لنا أن ننجر خلف خلافات ضيقة افتعلوها بغية التشويش على مسيرة البناء والتنمية الحاصلة في المنطقة المغاربية والتي يدرك الكثير من المحللين أنها لن تتم إلا بتضافر الجهود والاستراتيجيات المرسومة من قبل الحكومات والشعوب في الفضاء المغاربي الزاخر بالموارد والكفاءات التي تستطيع أن تنشد التنمية وتجعلها واقعا ملموسا في المنطقة
إن عودة العلاقات ومستوى التعامل الثنائي بين موريتانيا والمغرب سوف يساهم بلا شك في إرساء خطط التنمية التي انتهج المغرب في مايسمي بالتعاون “جنوب جنوب” الذي ستكون موريتانيا رافعة مهمة من رافعاتها وذلك للدور المحوري الذي تلعبه موريتانيا في تسهيل تنقل البضائع والأشخاص عبر حدودها البرية والبحرية وسوف يسهل على الكثير من المستثمرين المغاربة والموريتانيين والأفارقة توحيد رؤوس الأموال وتشييد مشاريع كبيرة تخدم مصلحة البلدين في أفق تنموي شامل يعد بتحسين نمط العيش في المنطقة ، وتمكين بلدان شمال إفريقيا وعلى رأسها المغرب من اكتساب خبرات مهمة في مجالات عديدة من أبرزها التعاون المشترك وكيفية تدبير المشاريع العالمية الكبرى ، كل هذا سيكون واقعا ملموسا في القريب العاجل حين تتوطد العلاقات أكثر وتعود إلى سابق عهدها وتتنفس “الرباط ونواكشوط ” هواء الود والمصالحة التاريخية ويعيش الشعبين الشقيقين حقيقتهما الخالدة ، التي لاتغيرها الأزمات ولا تطمرها السياسات… إنهما شعب واحد في بلدين
عبدا لله الزين / كاتب وباحث موريتاني
الرباط / 24 / تشرين الأول / 2014

شاهد أيضاً

لماذا غزواني ثانية؟ / محمد محمود أبو المعالي

لا جَرم أنه ما جانف الصواب من طرح اليوم السؤال عما ينتظره الموريتانيون من ترشح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *