Zwei Fotos im Frame
Foto 1 Foto 2

سارِعوا…و بادِروا تدوينة لـ: محمد فال ولد بلاّل / وزير سابق

bellalأدْرَكَتْنِي صلاة العشاء في حي “لاس بلماس”، فتوجّهت إلى مسجد قريب من فندق “أميرة”. قرأ الامام في الرّكعتيْن آيات من سورة آل عمران ابتداءً من قوله تعالى : “و سارعوا إلى مغفرة من ربّكم و جنّة عرضها السماوات و الأرض أُعِدّتْ للمتقين”. و بعد الصلاة، ركبت السّيارة و شغّلتُ المِذْياع على إحدى المحطّات المحلية، فإذا بِي أسمع بيانا من مبادرة يقول : ” بادِروا إلى دعم رئيسكم ، حامي أمنكم و استقراركم ،و باني مجْدِكم و طُرُقاتِكم…”، ثمّ تتالت البيانات و المبادرات تترى من كلّ جهة، و فىة، و شريحة، وقبيلة، و فخْذ، و طامع، و صالح، و طافح،،،و كلّها تردّد نفس البيان تقريباً: ” سارعوا إلى نصرة رئيسكم، و تحويل أرضكم إلى جُنَيْنَات خضراء عرضها كَعِرْضِ الوَطَنْ”…
وصلت إلى البيت. و بدأت أتأمّل الظّاهرة مُحاولا فَهْمَها بالنّظر إلى ما قد عايشته منها أو ما يشابهها في ظلّ حكم الرئيس الأسيق معاويّة…فوجدْتُ أنّ “مبادرات” اليوم هي ذاتها “مبادرات” الأمس و أمس الأوّل ، من حيث المضمون و الدّوافعِ المتمثّلَةِ في النّفاق، و التّزلف، و التّملّق، و الخوف، و الطّمع، و التّبعيّة، و الشّعْبَويّة، إلخ…و مع ذلك، هناك بعض الفوارق بين الأمس و اليوم، أذكرُ منها على سبيل المثال فارِقيْن إثْنيْن:
1- تضخّم الأعداد… إثْرَ عمليّات التّشَظِّي و الانْشِطار التي أطْلقتْ العنان للأعْراق و الفئات و الشّرائح و القُرى و الأحياء و الرّجال و أنْصاف الرّجال و النّساء و الجِهات…بالأمس، كانت المبادرات تُعَدُّ بالعشرات، أمّا اليوم، فهي تُعَدُّ بالمئات،،،هذا التضخّم في الأعداد شمل كلّ الهيئات و الؤسّسات ذات الصّلة بالتّصفيق …نحن، كنّا 81 نائبا نصفّق في الجمعية الوطنية ، باستثناء نواب المعارضة…اليوم، صِرْنا 147 نصفّق جميعا، إلاّ نوّاب المعارضة…كنّا في مجلس الشيوخ 56 ، صرنا اليوم 58،،،كنّا نحكم الدّوْلة بحزب واحد، و53 مقاطعة، صرنا نحكمها بِ”دُوزَيْنَ” من الأحزاب، و 55 مقاطعة قابلة للزّيادة،،، كانت لديْنا أداة قمْع واحِدة، هي الشرطة، صارت لدينا أدوات و أجهزة كثيرة : الشرطة، المرور، شركات الحراسة، الشّركات الأمْنيّة، جمعيّات المتقاعدين من الجيش و الدرك و الشرطة، إلخ…
2- الفرق الثاني بين مبادرات اليوم و مبادرات الأمس يكْمن في الهدف …مبادرات اليوم تهدف إلى إعطاء شرعيّة و مشروعيّة للسيد الرئيس في وقت يستعدّ فيه لاجراء انتخابات أحاديّة، لا معنى لها من النّاحية السياسيّة و الرّمزية…فهي أقرب إلى المبادرات “السيسيّة” من هي إلى المبادرات “الطّائعيّة” في عهدنا نحن…ذلك أنّ مقاطعة المعارضة الآن ، مدعومة من كافّة الهيئات و المؤسسات المدنيّة، تُمْلِي على “الجينرال” السّيْرَ على نهْجِ و خُطى “المشير”…فهو بحاجة إلى مبادرات تعمل على تحريك “مليونيّات” في العاصمة ، و في المدن الكبرى يشُلّ بها العقول، و يُعمي بها البصائرَ والأبصار، و يُصِمّ بها الآذان…مليونيّات تُعطيه “تفويضا” مُباشرا من الشعب ليُعوِّض به النّقْصَ الشديد في وَجاهة و رمْزِيّة اقتراع 21/6…و هو اقتراع لا يحتاج إلى كبير عناء لكوْنِهِ محسوم لصالح السيد الرئيس بمبادرات أو بغير مبادرات…
و طالما أنّ الهدف هو هكذا…سدّ الفراغ الكبير النّاجم عن غياب المعارضة، و ذَرِّ الرّماد في أعْيُنِ الدّاخل و الخارِج للتّغْطِيّة على النّقص الشديد في الرّمزيّة و الشرعيّة الديمقراطية،،، فما لنا إلاّ أنْ نُسارعَ، و نُبادِرَ خِفافًا و ثِقالاً لدعم مُرَشّح لا حاجة لهُ في دعمنا و لا تأييدنا، لأنّه ببساطة … يُخاصِمُ و يُغالِبُ الصّناديق وحده…و يبْقى الشعب الموريتاني هو منْ يَحتاج حقّاً إلى الدّعم و المساندة لِيَخْرُجَ من دوّامة أحكام و مبادرات،،،لا تحمِل من المبادرة إلاّ الاسم.
من صفحته على الفيسبوك /

اترك تعليقاً