Zwei Fotos im Frame
Foto 1 Foto 2

اللحمة الوطنية و تعزيز قيم المواطنة بين تحديات المرحلة و طموح و مساعي الحكومة

لاشك أن لوسائل التواصل الإجتماعي دورا كبيرا في إنتشار و تنامي خطابات الكراهية و التحريض داخل الوطن ،
في ظل ضعف الوازع الديني و الوطني لدي البعض و غياب الرقابة اللازمة في مثل هذه الحالات من الجهات الرسمية ،
بحيث أضحت حاملة و مروجة لأحد مصادر التهديد لإستقرار و أمن المجتمع ،
و ملاذا آمنا للتقول و التهويل و بيئة حاضنة للعنف اللفظي و نشر الكراهية و التحريض و النيل من أعراض الناس و التفرقة و إثارة النعرات العرقية .
إلي جانب التحامل الكيدي و التهويل المفتعل علي الوطن و التطاول علي الدولة .
وفق رغبات و ميول دعاة التفرقة و الإنفصال .
يأتي هذا في سياق عمل ممنهج يهدف إلي إحداث حالة من الفوضي الهدامة و الإنقسام الداخلي و الخروج علي دعائم الوحدة الوطنية ،
في محاولة يائسة للتشويش علي ما قيم به حتي الآن من خطوات هامة و جامعة بشأن الحوار الوطني المرتقب ،
قصد تمكين الجميع من المشاركة الواسعة و الجادة و الفعالة و بشكل يراعي مصلحة الوطن بدرجة أولي .
بغية الخروج برؤية توافقية تؤسس لمرحلة جديدة من البناء و الإنسجام و الوئام.
و علي نحو قد لا يرتقي إلي مستوي تطلعات دعاة التفرقة و لا يخدم آجنداتهم الخاصة .
بالتأكيد إذا ترك خطاب الكراهية و التحريض علي هذا النحو من الإنتشار و الإستباحة دون رادع يمكن أن يهدد أمن و إستقرار البلد ،
و يضر اللحمة الوطنية و التماسك الإجتماعي و التعايش الأهلي المشترك و التنمية.
و يمهد للصراعات و التوترات و إنتهاك حقوق الإنسان علي نطاق واسع .
خاصة في ضوء ما يحصل من تصادم و عراك قاتل و نزاع قبلي يتجدد من حين لآخر خلال المواسم الزراعية و موسم الخريف بالتحديد داخل مناطق متباينة من الوطن تضم اوساطا إجتماعية هشة .
بسبب نزاع عقاري قديم متجدد و حقد دفين ،
بحيث تتعدد أسباب النزاعات القبلية و تشمل جذورا تاريخية و إجتماعية و سياسية مثل : الصراع علي الموارد كالأراضي و المياه ، و تسييس القبيلة من قبل بعض النخب الفاسدة لأغراض و مصالح ضيقة.
بالإضافة إلي الظلم و غياب التنمية و تفشي الجهل و الفقر و إعتماد التربية الخاطئة التي تغرس العصبية و التعصب لدي الاطفال و شباب الأجيال الصاعدة .
و تراكم الثأر و الإنتقام من القبائل .
كلها عوامل تغذي النزاعات القبلية يمكن إستغلالها بشكل أو بآخر من قبل دعاة التفرقة و إثارة النعرات و إشعال الفتن و التحريض علي الكراهية.
خاصة أمام التراخي و التمايز الحاصل في تطبيق القانون،
و في ظل تراجع دور مؤسسات الدولة طيلة العهود السابقة في توفير العدالة و التنمية الشاملة و فرض سلطتها و سيادتها .
مما يؤدي أحيانا إلي تغليب العرف القبلي و يؤجج الصراعات و يهدد الوحدة الوطنية و بالتالي تماسك المجتمع .
لعل هذا ما دفع فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ،
في خضم حديثه أنذاك ضمن فعاليات أحداث مهرجان مدائن التراث نسخة وادان،
حيث تضمن خطابه قدرا كبيرا من المكاشفة و المصارحة من خلال الدعوة الصريحة إلي ضرورة تجاوز رواسب الظلم الإجتماعي و عدم الإنصاف في الموروث الثقافي و تطهير الخطابات و المسلكيات من الأحكام المسبقة و الصور النمطية الزائفة والوقوف في وجه النفس القبلي المتصاعد المنافي لمنطق الدولة الحديثة .
توجه و رؤية صائبة لدي فخامة رئيس الجمهورية تجسدت لا حقا علي أرض الواقع تؤكد مساعي الحكومة الجادة في هذا الإتجاه .
عبر إنشاء مندوبية عامة للتضامن الوطني و مكافحة الإقصاء ( تآزر ) .
و هي هيئة حكومية مكلفة بتنفيذ السياسات و البرامج الإجتماعية لمكافحة الفقر و تعزيز التضامن الوطني و تقليص الفوارق الإجتماعية في البلاد .
إضافة إلي إستحداث وزارة لا تقل شأنا عن سابقتها خاصة بالعقارات و التهيئة الحضرية في خطوة تعكس وعيا رسميا متقدما بشأن ملف العقارات و تعقيداته المتراكمة .
يهدف إلي إعادة ضبط و تنظيم مجال لطالما شهد إختلالات مزمنة علي سبيل تداخل الصلاحيات و ضبابية السجل العقاري و تكرار النزاعات علي الملكية .
تأسيسا لما سبق فإن الظروف الحالية التي يعيشها محيطنا المغاربي و الإفريقي بالإضافة إلي تنامي خطابات الكراهية و إثارة النعرات الشرائحية داخل المجتمع بحجج حقوقية واهية و الإستثمار بشكل خاطئ و فاضح في خطابات المظلومية و التمييز بين مكونات المجتمع و علي نحو لا يخدم أمن و إستقرار البلد و لا يعكس روح التسامح و التآخي و التعايش الحاصل بالفطرة بين مختلف مكونات المجتمع الموريتاني.
مما يقتضي ضرورة العمل علي بناء مشروع اجتماعي اقتصادي وطني متكامل من خلال وضع استراتيجية وطنية محكمة تهدف إلي تعميق الإنتماء الوطني وفق أصوله السليمة و الحضارية و تؤسس لحماية وحدته الوطنية من كل التحديات و المخاطر الداخلية والخارجية حيث تعتبر الوحدة الوطنية المرتكز الأساسي في إستقرار الدول و نمائها و التي يقوم عليها البناء الوطني السليم و بالتالي تشكل هدف التنمية السياسية و غايتها الأولي.
في حين يري بعض المحللين أن أهداف ترسيخ و تعزيز مفهوم القيم لا تتحقق بمجرد تسطيرها و إدراجها ضمن الوثائق الرسمية بل يستوجب ترجمتها إلي إجراءات فعلية و عملية و أن المرحلة الراهنة تتطلب ضرورة تدارك الوضع قبل فوات الأوان و العمل سويا بغية فرض هيبة الدولة بالعدل و القانون .
و علي نحو يعزز قيم الولاء و الإنتماء للوطن و يقوي اللحمة الوطنية و يكرس دولة المواطنة و المساواة و يحقق العدالة الإجتماعية و يجسد التقسيم العادل للثروات بشكل تعم فيه الرفاهية و تذوب فيه كل الفوارق الإجتماعية ،
إضافة إلي التصالح مع الذات و تغيير العقلية الحاصلة لدي النخب الوطنية القائمة علي الشأن العام ( فيد واحدة لايمكن أن تصفق لوحدها ) و تغليب المصلحة العامة علي الخاصة و محاربة الفساد في كل تجلياته العائق الوحيد الأبرز و التحدي الأكبر أمام قيام وحدة وطنية قوية و متماسكة و تحقيق تنمية مستدامة و ايجاد معيار مقبول للعيش الكريم لعل و عسي أن يقلل و يحد من مخاطر الهجرة غير الشرعية المتزايدة والمتسارعة لأبناء الوطن خارج الديار نحو الولايات الآمريكية المتحدة و غيرها من بلدان العالم ،
خاصة إذا ما علمنا أن المؤشر الوحيد القوي لمدركات الفساد هو المقاربة القائمة علي ( دولة غنية بتنوع مصادر ثرواتها الطبيعية و شعب فقير…..) أي مفارقة إذن ؟!
الله يلطف .

حفظ الله موريتانيا
اباي ولد اداعة.