1 مايو 2024 , 15:12

من الأفغان العرب الى أنصار الشريعة: قصة الإرهاب في تونس

310287_141489846038034_571297154_nمنذ الثورة تسارعت في تونس الأحداث ذات العلاقة بالإرهاب، وحصل ما كان متوقعا من مصادمات بين الأمن والعسكر من جهة والخلايا الارهابية المتمركزة في الجبال وفي المدن من جهة اخرى.

ما حصل في تونس بعد الثورة وخاصة في الاشهر الاخيرة من تطورات في ملف الارهاب يدفع إلى التساؤل عن أسباب وعوامل نشأة هذه الظاهرة في بلادنا، أكانت بفعل الثورة أم أن الارهاب في تونس له جذور أبعد من ذلك؟

قبل الثورة لم يكن الارهاب شانا متداولا بكثرة في تونس على الصعيدين السياسي والاعلامي وذلك إما رغبة من السلطة القائمة (نظام بن علي) في التعتيم على هذا الملف، او ان الظاهرة لم تكن، في نظر السلطة والراي العام ذات بال وذات خطورة لانها تحت السيطرة ولا تستدعي بالتالي اهتماما كبيرا ما أدى إلى تجاهلها.

قبل الثورة

لا ينكر المتابعون لملف الارهاب أن تونس شهدت قبل ثورة 2011 على الاقل 3 أحداث كبرى ذات علاقة بهذا الموضوع وهي حادثة قتل اعوان من الحرس الوطني على الحدود التونسية الجزائرية سنة 1997 وحادثة الغريبة بجربة في 2002 وحادثة سليمان في 2006.. فضلا عن تورط تونسيين في حوادث ارهابية دولية على غرار حادثة قتل القائد الأفغاني الشاه مسعود في 9 سبتمبر عام 2001 ( قبل يومين فقط من تفجيرات 11 سبتمبر 2001) وكذلك بعض الاحداث الاخرى في أوروبا المنسوبة إلى ما يعرف بـ«الجماعة التونسية المقاتلة» ( انظر المؤطر). هذه الاحداث رغم قلة عددها إلا ان النظام القائم في تونس آنذاك اختار مبكرا الانخراط في المجهود الدولي لمكافحة الارهاب فسن في 2003 قانونا صارما في الغرض واتبع اجراءات امنية وإدارية أغلقت المنافذ أمام الظاهرة إلى حدود 2011.

اهتمام

بعد الثورة، وخاصة خلال سنة 2013 ، أصبح ملف الارهاب في تونس يحظى باهتمام كبير لدى الراي العام خاصة بعد تزايد عدد الحوادث (الروحية وبئر علي بن خليفة ودوار هيشر والسيجومي ومنوبة و جبل الشعانبي والوردية ثم في الاخير أحداث قبلاط وبن عون ورواد واريانة مرورا بحادثتي اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي..). وتزامن ذلك مع زوال التعتيم الاعلامي الذي كان مفروضا خلال فترة نظام بن علي حيث أصبحت وسائل الاعلام تتحدث عن الظاهرة بشكل مريح وتنقل الخبر والصور من موقع الحدث في إبانه وتفسح المجال للمحللين لإبداء الراي وللأمنيين والعسكريين لتوضيح ما حصل وللمتهمين لإبداء وجهات نظرهم وأحيانا لتبرير ما يجري أو للدفاع عن النفس..

انفلات ..وتساهل

ما حصل جعل كثيرين يعتبرون ان الارهاب التكفيري في تونس، رغم ولادته منذ أكثر من 12 سنة، إلا أنه وجد في فترة ما بعد الثورة حضنا مناسبا ليكبر ويترعرع ثم يخرج للعلن رغم ما قامت به السلطات الامنية والعسكرية من مجهودات خاصة في الفترة الاخيرة.

والسبب في ذلك – في رأيهم – هو الانفلات الامني الذي حصل في البلاد خاصة على الحدود (تنقل الارهابيين والسلاح) وايضا هشاشة الدولة وتساهل السلطات المؤقتة في التصدي له (عن قصد او عن غير قصد) خصوصا بعد الترخيص لأحزاب وجمعيات محسوبة على التيارات الدينية المتشددة لتنشط وعدم التصدي لظاهرة احتلال بعض المساجد والمؤسسات التربوية (خاصة رياض الاطفال) والإدارية من قبل المتشددين التكفيريين إلى جانب ظهور مسألة الجهاد في سوريا والسماح لبعض شيوخ التكفير القادمين من الشرق بدخول البلاد والقاء دروس وخطب بالجوامع وبالمؤسسات التربوية وفي الأماكن العامة. إلى جانب السماح بترويج كتب التكفير، وتردد السلطة بشان قضية حمل النقاب في المؤسسات التربوية والإدارية وقيام بعض قياديي أحد الاحزاب التي تولت السلطة بتصرفات وتصريحات تشجع على هذه المظاهر (تكفير المعارضة – استقبال شيوخ الشرق في مقرات السيادة – التساهل مع العنف الديني..) وهو ما ادى إلى مزيد انتشار الظاهرة شيئا فشيئا حتى بلغت ما بلغته اليوم من احداث خطيرة ومؤلمة.

حلول

تعيش تونس اليوم حالة من الفراغ القانوني في ما يتعلق بالتصدي للارهاب بعد تعليق العمل بقانون 2003 وهو ما يؤكد ضرورة اسراع السلطات المختصة بإصدار قانون جديد يسمح بالمعالجة الامنية والقضائية للظاهرة بكل صرامة وان يكون رادعا وغير متسامح مع المخالفين في كنف احترام حقوق الانسان.

ومن جهة اخرى تجد حكومة مهدي جمعة اليوم نفسها امام تحديات من الحجم الثقيل تتعلق اساسا بتحييد دور العبادة والمساجد وتطهيرها من سيطرة المتشددين دينيا إلى جانب تحييد المؤسسات الإدارية والتربوية من الأفكار التكفيرية. ويبقى الحل الامثل هو فرض رد الاعتبار لقيم الدين الاسلامي المعتدلة التي تتميز بها تونس منذ مئات السنين وذلك عبر ادراجها في البرامج التربوية وعبر التشجيع على تضمينها بالخطب في المساجد وعبر وسائل الاعلام.

منذ 2002

وفق ما أورده الموقع الالكتروني لـ«لجنة مجلس الأمن المتعلقة بتنظيم القاعدة وما يرتبط به من أفراد وكيانات» والتي تأسست في أكتوبر 1999، أدرج اسم «الجماعة التونسية المقاتلة» منذ أكتوبر 2002 في القائمة الموحدة ككيان مرتبط بتنظيم القاعدة .وتأُسّست الجماعة التونسية المقاتلة وفق الموقع نفسه عام 2000 وأعلنت عزمها على تقديم الدعم لأسامة بن لادن ثم نظمت أنشطة تجنيد متطوعين للتدريب في معسكرات ذات صلة بتنظيم القاعدة في أفغانستان.

ويضيف هذا الموقع أن للجماعة التونسية المقاتلة صلات بالمهاجمين التونسيين اللذين اغتالا في سبتمبر 2001 أحمد شاه مسعود وأن أفراد الجماعة التونسية المقاتلة قدموا أيضاً الدعم اللوجستي لجزائريين ينتمون إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. ويُعتقد أن للجماعة التونسية المقاتلة خلايا في أوروبا، لا سيما في فرنسا وإيطاليا ولكسمبرغ وهولندا والمملكة المتحدة. وتنسِّق الجماعة التونسية المقاتلة وفق الموقع نفسه مع عدد من الكيانات الأخرى في المغرب العربي المدرجة في القائمة الموحدة، مثل الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية والجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.

الأفغان العرب من الجزائر إلى تونس

عاشت الجزائر في تسعينات القرن الماضي، تجربة ما يسمى بالأفغان العرب ،وهم أساسا جزائريون قضوا فترات طويلة في افغانستان وتدربوا على النشاط الارهابي ثم عادوا الى الجزائر وارتكبوا جرائم بشعة في حق المواطنين والامنيين العسكريين.

وبالنسبة لتونس أكدت تقارير اعلامية توجه العشرات من الشباب التونسي إلى الأراضي السورية للقتال والخوف كل الخوف ان يعود هؤلاء الى ارض الوطن مشحونين بأفكار خطيرة ويرتكبوا ما ارتكبه الافغان العرب في الجزائر.

تونس ـ «الشروق»

شاهد أيضاً

ذكرى زيارة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه لطنجة سنة 1947 .. درس في الكفاح الوطني من أجل الوحدة والاستقلال

تحل اليوم الثلاثاء 9 أبريل الذكرى 77 للزيارة التاريخية الميمونة للمغفور له محمد الخامس، طيب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *