
أظهرت التساقطات المطرية التي شهدتها مناطق واسعة من البلاد خلال الأسبوع الماضي البداية الفعلية لموسم الخريف على مستوى موريتانيا، مع أمطار تجاوزت في بعض المناطق عتبة ال100 ملمتر.
ورغم البداية المبشرة لموسم الخريف على مستوى تلك المناطق إلا أغلب مناطق البلاد لم تحظ حتى الآن بأية تساقطات رغم مرور أكثر من أسبوعين على البداية فصل الخريف الذي يبدأ نظريا ما بين يوليو وحتى بداية شهر أكتوبر من كل عام.
وبحسب خبراء الأرصاد فإن القادم أفضل فيما يتعلق بالمستوى المتوقع من التساقطات المطرية حيث ينقل أحد هؤلاء الخبراء وهو الخبير المعروف عمر كوناني عن النموذج الأمريكي أن الأيام القادمة ستشهد أمطار قد تصل حاجز 143 ملم على الحوضين.
كما يشير هذا النموذج بحسب الخبير كوناتي إلى أمطار تصل حاجز 315 ملم تتحرك نحو موريتانيا نهاية هذا الشهر.
بداية مبشرة
من جهتها سجلت شبكة الاتصال الإداري التابعة لوزارة الداخلية واللامركزية، يوم الجمعة الماضي كميات هامة من الأمطار في عدة ولايات، تجاوزت في بعض المناطق عتبة 100 ملم.
من جانبه قال رئيس مصلحة قاعدة المعطيات المناخية بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية سيد لمين ولد محمد، في مقابلة مع الوكالة الموريتانية للأنباء (ومأ)، قبل ذلك، إن المؤشرات العامة لموسم الخريف الحالي لاتزال مبشرة؛ رغم العجز المسجل في بداية الموسم.
وأوضح أن كل المؤشرات والتوقعات الأولية خلال آخر تحديث للنشرة الجوية لموسم الخريف 2024 كانت تشير إلى بداية مبكرة لموسم الأمطار لهذه السنة؛ باعتبار أن الظروف الحرارية تبدو مواتية لتسجيل مجاميع مطرية متوسطة إلى فائضة في موريتانيا.
وبين أن بعض المؤشرات ذات الصلة بالآثار الجانبية لظاهرة التغير المناخي أدت إلى تأخر الموسم عن بدايته المعتادة مع منتصف شهر يونيو؛ رغم أن بعض المناطق الرعوية والزراعية في البلاد سجلت بداية فعلية للموسم؛ حيث تجاوزت كمية الأمطار عتبة 50 مم في منطقة عدل بگرو بالحوض الشرقي.
وأشار رئيس مصلحة قاعدة المعطيات المناخية إلى أن التوقعات المسجلة خلال الفترة الثانية للموسم الممتد على طول أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر تشير إلى أن الظروف قد تكون أكثر ملاءمة لتسجيل مجاميع مطرية تتراوح بين الفائضة والمتوسطة على غالبية المناطق الزراعية والرعوية في البلاد؛ مع تسجيل فترة توقف قصيرة خلال شهر يوليو الجاري لا تتجاوز 4 أو 5 أيام بالأكثر؛ لتبدأ الانطلاقة الفعلية للمجاميع المطرية المعتبرة من 20 يوليو الجاري.
وبين أن انتشار المنخفض الحراري على مناطق واسعة من البلاد من شأنه أن يتسبب في ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة على أغلب مناطق البلاد؛ بالأخص في المناطق الشمالية وولاية تيرس زمور حيث ستبلغ درجة الحرارة خلال الأيام المقبلة عتبة الـ48 و 49 على مستوى مدينة بير أم أگرين؛ وهو مؤشر جيد لحالة التسخين الحراري المؤدي إلى التبخر والذي تنجم عنه الظروف الجوية المواتية للتساقطات المطرية.
وأوضح رئيس مصلحة قاعدة المعطيات المناخية أن التوقعات تشير إلى أن نهاية موسم الأمطار هذه السنة ستكون في موعدها العادي مع احتمال تسجيل تساقطات مطرية متأخرة، وستكون التوقفات عموماً خلال هذه الفترة طفيفة ومقبولة قياسا بالتوقعات في المرحلة الأولى.
خريطة التوقعات
وفق دراسة نشرتها الهيئة الوطنية للأرصاد حول توقعات خريف 2024 فإن الأمطار الموسمية في موريتانيا تتأثر إلى حد كبير بالظروف الحرارية لأسطح المحيطات المختلفة كالمحيط الهادي والأطلسي والهندي والبحر الأبيض المتوسط.
وتظهر الدراسة أن تحاليل درجات حرارة أسطح البحار (TSM) ، التي سجلت في أحواض هذه المحيطات وكذا توجهاتها المستقبلية ومخرجات الوسائل الإحصائية والدينامكية وتوقعات النماذج المناخية للمراكز الدولية المتخصصة أن الظروف الحرارية لهذه السنة 2024 قد تكون مواتية للمجاميع المطرية للفترة الزمنية يونيو ويوليو وأغسطس لخريف هذه السنة مع بداية عادية الي مبكرة.
في حين قد تتحسن الظروف الحرارية بشكل جيد وتكون أكثر ملائمة للمجاميع المطرية للفترة الزمنية يوليو أغسطس وسبتمبر 2024 مع نهاية عادية إلى متأخرة للموسم.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التوقعات تعطي من ناحية تقييما عاما للمجموع المطري المنتظر للفترتين يونيو ويوليو وأغسطس وسبتمبر لموسم الأمطار هذه السنة 2024، مقارنة بمتوسط الفترة المرجعية 1991-2020 و من ناحية اخري تعطي فكرة عن تاريخ بداية و نهاية موسم الأمطار وكذلك عن فترات توقف التساقطات المطرية خلال الموسم.
التواريخ المحتملة
ستكون بداية موسم الأمطار عادية الي مبكرة على عموم التراب الوطني تقريبا تاريخ نهاية موسم الأمطار: ستكون نهاية موسم الأمطار عادية الى متأخرة على عموم التراب الوطني فترات توقف الأمطار من المحتمل أن تشهد الفترة يونيو ويوليو و اغسطس فترات توقف) فترات انقطاع المطر (الممتدة طويلة إلى عادية على اجزاء كبيرة من الشريط الزراعي الرعوي للبلاد في حين ستكون هذه التوقفات عادية على عموم التراب الوطني في النصف الثاني من الموسم أي الفترة يوليو أغسطس وسبتمبر.
الاحتمال الأكبر أن تسجل المجاميع المطرية وضعية متوسطة أو فائض أي ما يعادل متوسط المجاميع المطرية أو أكثر للفترة المرجعية (1991-2020) بثقة 45و35 بالمائة تباعا، على الشريط الجنوبي للبلاد.
في حين من المحتمل أن تسجل المناطق المتبقية التي تشمل ولايات تیرس زمور و داخلت نواذيبو، وضعية متوسطة أو فائضا بثقة 50 و 30 بالمائة.
وأوضحت الدراسة أن خبراء الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية سيقومون بالمراقبة المستمرة للتحديثات المنتظمة بشأن تطور مؤشرات اتجاهات الموسم وكذا مخرجات النماذج المناخية خلال بقية الفترة. وبما أن هذه التوقعات لا تعطي تفاصيل عن الظواهر المتطرفة التي قد تحدث في هذا الموسم، استعرضت الدراسة توصيات للحد من المخاطر.

الحد من المخاطر الرئيسية
لمواجهة خطر الفيضانات نظرا للطبيعة الممطرة للموسم بشكل عام المتوقعة هذه فان خطر الفيضانات عالي جدا مما قد ينتج عنه فقدان الأرواح البشرية والمحاصيل و السلع المادية وفقدان المواشي، خاصة في المناطق المكشوفة، والمجابهة هذه المخاطر ينصح بما يلي:
- تعزيز نشر التوقعات الموسمية وتحديثاتها من اجل إعلام وتوعية المجتمعات بشان المخاطر و اتخاذ التدابير اللازمة لتجنب الكوارث، من خلال دعم جهود الصحافة ومنصات الحد من مخاطر الكوارث و المنظمات غير الحكومية و أنظمة الإنذار المبكر.
- تعزيز قدرات المراقبة والتدخل للوكالات المسؤولة عن مراقبة الفيضانات، والحد من مخاطر الكوارث والمساعدات الإنسانية.
- تجنب الاحتلال الفوضوي للمناطق المعرضة للفيضانات من قبل السكان وكذلك المحاصيل والحيوانات.
- تدعيم الحواجز الواقية والتأكد من صيانة السدود والبنية التحتية للطرق.
- تنظيف مجاري المياه لتسهيل تصريف مياه الأمطار.
- مراقبة عتبات التنبيه عن كتب في المواقع المعرضة للفيضانات وخاصة في حوض نهر السنغال.
- تفعيل التعاون القوي بين خدمات الهيدرولوجيا والأرصاد الجوية من أجل السماح للإدارة الاستباقية لمخاطر الفيضانات في المناطق المعنية.
- تشجيع زراعة النباتات التي تتكيف مع استمرار حالات المياه الزائدة في التربة، والحفاظ على الوصاية ومتابعة تحديثات هذه التوقعات الموسمية و التنبؤات قصيرة ومتوسطة المدي التي تصدرها الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية.
من ناحية أخرى في إطار هذه التداعيات فإن مواجهة خطر الأمراض يمكن أن تؤدي الأراضي الرطبة والأراضي التي غمرتها الفيضانات إلى تطور الجراثيم المرضية كالكوليرا و الملاريا و حمي الضنك والبلهاريسيا و كذا الأوبئة الحيوانية كحمي الوادي المتصدع، كما أن فترات الجفاف الطويلة الى متوسطة المتوقعة لا سيما في أجزاء معينة من المنطقة الزراعية الرعوية يمكن أن تتسبب في استمرار درجات الحرارة المرتفعة والرياح المغبرة التي تؤدي إلى انتشار الجراثيم الأخرى للأمراض الوبائية، و لهذه الغاية يوصي بما يلي: - تعزيز قدرات النظم الصحية الوطنية والمنصات الوطنية للحد من مخاطر الكوارث، ورفع مستوي الوعي و نشر المعلومات التحذيرية بخصوص الأمراض الجرثومية الحساسة للمناخ، بالتعاون مع خدمات الأرصاد الجوية و المصالح المختصة بوزارة الصحة.
- تنظيف المستوطنات وتجنب ملامسة المياه الملوثة من خلال عمليات تنظيف الصرف الصحي.
- الوقاية من الأمراض عن طريق تطعيم السكان و الحيوانات، والوقاية من الأوبئة الحيوانية و الجراثيم التي تفضل الظروف الجيدة الرطبة.
- زيادة اليقظة ضد أمراض وآفات المحاصيل (دودة الحشد و غيرها من الحشرات الضارة).
مواجهة خطر الجفاف
في المناطق التي من المتوقع أن تشهد فترات جفاف طويلة يمكن أن تؤدي إلى عجز في المياه لا سيما في مناطق الشريط الزراعي الرعوي فهنالك خطر كبير من أن يتأثر نمو المحاصيل و نباتات الأعلاف للتعامل مع هذه الوضعية يوصي بما يلي: - تنويع الممارسات الزراعية من خلال تشجيع الري و تسويق البستنة للحد من مخاطر انخفاض الإنتاج.
- اختيار أنواع و أصناف المحاصيل المقاومة لنقص المياه في المناطق المعرضة للجفاف، اعتماد تقنيات الزراعة للمحافظة على المياه و التربة.
- منع تكاثر الآفات التي تأثر علي القمح و الدخن، وضمان الإدارة الرشيدة لموارد المياه السطحية لتلبية الاستخدامات المختلفة.
- التفاعل مع الفنيين الوطنيين والإقليميين في مجال الأرصاد الجوية والهيدرولوجيا والزراعة للحصول علي معلومات و مشورة محددة في ما يتعلق بما يجب القيام به.
توصيات
و للاستفادة بشكل أفضل من موسم الأمطار في ضوء أفاق الأمطار المتوقعة لسنة 2024 و التي قد تسجل فائضا أو وضعية متوسطة في معظم أنحاء البلد، يوصي بان يقوم المزارعون و مربي الماشية و مسيري الموارد المائية والمشاريع و المنظمات غير الحكومية و السلطات العمومية بما يلي:
ـ استخدام أمثل للتدفق المتوسط الي الزائد المتوقع للسهول الفيضية لحوض نهر السنغال من خلال تطوير المحاصيل المروية.
- زيادة الاستثمار في المحاصيل ذات المرد ودي العالية والتي تتحمل الظروف الرطبة كالأرز وقصب السكر، وإقامة أنظمة لجمع و حفظ مياه الجريان السطحي للاستخدام الزراعي والمنزلي في موسم الجفاف.
- دعم نشر التقنيات الذكية مناخيا لزيادة كميات المحاصيل الزراعية والأعلاف، في مواجهة مخاطر المناخ ولا سيما تلك المرتبطة بمياه الأمطار الزائدة والجفاف.
- تعزيز آليات المعلومات والإشراف والمساعدة في مجال الرصد الزراعي والمناخي والمائي للمنتجين، وتسهيل وصول المنتجين الي البذور المحسنة و المدخلات الزراعية الملائمة لاحتياجاتهم.
- تامين الدخل وتخفيف الخسائر الزراعية من خلال الترويج والاشتراك في التامين الزراعي القائم علي المؤشر، حيث يمكن أن يسهم التنفيذ الدقيق لهذه التوصيات في التخفيف من الصعوبات التي يواجهها السكان الأكثر هشاشة حاليا.

نماذج من المخاطر
وكانت اللجنة الفنية لطوارىء الأمطار قد أعلنت، أن السيول التي عرفتها مقاطعة امبود بولاية كوركول، يوم الجمعة اللماضي أدت إلى انجرافات بجوانب الطريق المعبد ما بين امبود المدينة وامبود القديم.
وقالت اللجنة في أولى نشراتها لهذا العام عن أضرار الأمطار والعواصف، أن هذه الأضرار شملت عددا من الولايات والمقاطعات، مؤكدة سقوط عدد من الأعرشه وبعض الأعمدة الكهربائية جراء عاصفة شهدتها بلدية أكجرت التابعة لمدينة لعيون.
وأضافت اللجنة أن السيول هددت الحاجز الرملي الحامي لمدينة امبود وتسربت بعض السيول من نقط متآكلة من الحاجز، مما تسبب فى غمر مياه الأمطار محطة النقل العمومي، بسبب عدم وجود فتحات تسمح بصرف المياه خارج المحطة، وهو ما يجعل من الضروري ترميم الحاجز، بحسب النشرة.
وأكدت النشرة، أن التساقطات المطرية التي شهدتها مدينة كيفة يوم الجمعة، خلفت مستنقعات عديدة في بعض أحياء المدينة.
#انتاج_المرابع_ ميديا_
#تابعونا_