
بإعلان المجلس الدستوري النتائج النهائية لانتخابات الـ29 يونيو 2024، التي أكدت فوز الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في الشوط الأول وبنسبة زات على الـ56 بالمائة من أصوات الناخبين الموريتانيين، بهذا الإعلان تكون صفحة تلك الانتخابات قد طويت، لتفتح صفحة جديدة على الترقب وانتظار ترتيب البيت الحكومي المنبثق عن نتائج الانتخابات الرئاسية وموازين القوي والتحالفات التي ساهمت في تحقيق هذه النتيجة.
قبل ذلك، وكنتائج لهذه الانتخابات، لا يزال المشهد السياسي والانتخابي يعيش تداعيات الجدل الذي أثاره المرشح بيرام ولد الداه ولد اعبيد ابرز المرشحين لهذه الاستحقاقات والذي حل ثانيا، بسبب عدم اعترافه بالنتائج وتشكيكه في مصداقيتها.
وهي تداعيات اثارت بعض أنصاره وجعلتهم يخرجون إلى الشارع مما تسبب في اعمال تخريب وعنف أدت لمقتل أربع اشخاص في كيهيدي، ودفعت بالسلطات إلى نشر قوى الأمن في الشوارع وقطع خدمة الانترنت الخلوي للحد من انتشار الاخبار التي تتسبب في زعزعة الأمن.
وزارة الداخلية التي أصدرت بيانا حول حادثة ملابسات حادثة كيهيدي تعهدت فيه بفتح تحقيق حولها أصدرت يوم الإثنين بيانا آخر حول الوضع الأمني أكدت فيه أن السلطات العمومية ستظل حريصة كل الحرص على ضمان استتباب الأمن والسكينة العامين، مع توفير ما يكفله القانون من حقوق وحريات فردية وجماعية، في ظل دولة القانون والمؤسسات.
وأضافت أنه حفاظا على مناخ التهدئة والصفح، تم مساء أمس الأحد 7 يوليو 2024 إطلاق سراح جميع المواطنين الذين تم توقيفهم إثر مشاركتهم في أحداث الشغب التي عرفتها بعض مناطق البلاد مؤخرا، بينما تم التحفظ على الأجانب الذين شاركوا في هذه الأحداث، في انتظار استكمال المساطر القانونية المعمول بها.
ويأتي إطلاق سراح هذه المجموعات، بحسب بيان الوزارة، بعد استعادة الوضع الأمني الطبيعي، تجاوبا مع طلبات الوجهاء و الفاعلين المحليين و بعد تقديم ضمانات من قبل وكلاء و أولياء أمور من تم إطلاق سراحهم، و بعد أن تأكدت السلطات المختصة أن غالبية الموقوفين هم من الشباب المغرر بهم من طرف بعض الجهات ذات الأجندات الخاصة.
و في هذا السياق يقول بيان الداخلية “تذكر وزارة الداخلية واللامركزية جميع المواطنين والمقيمين، أن السلطات العمومية ستظل حريصة كل الحرص على ضمان استتباب الأمن والسكينة العامين، مع توفير ما يكفله القانون من حقوق و حريات فردية و جماعية، في ظل دولة القانون و المؤسسات.
اتجاهات التشكيلة
اسدال الستار على الانتخابات الرئاسية لم يغلق باب النقاش السياسي حول هذه الاستحقاقات لكنه هذه المرة تركز حول ملامح المرحلة المقبلة المنبثقة عن الاستحقاقات.
نقاش وجدل يذهب في اتجاهات وسيناريوهات متعددة، ينتظر أن يبدأ تجسيدها على أرض الواقع مع بدء المأمورية الثانية للرئيس الغزواني يوم الثاني من أغسطس المقبل، بعد حفل تنصيبه فاتح نفس الشهر.
بعض السيناريوهات تذهب باتجاه أي يقوم الرئيس بعملية مسح شامل للطاولة تستهدف جميع فريقه الحكومي الحالي وربما يتجه لقطيعة تامة مع مرحلة المأمورية الأولى برجالاتها واستحقاقاتها التي يرى أصحاب هذا الطرح أن الغزواني يريد التخلص منها وفتح مرحلة جديدة برجال وأطقم جديدة متحررا من اكرهات مرحلة البحث عن المأمورية الثانية التي كانت تفرض عليه خيارات الاحتفاظ برجال قد لا يكون أدائهم جيدا.
أما وتجاوز الرئيس إلى مأموريته الرئاسية الثانية فإنه سينتهج سياسة جديدة يحاول فيها تحقيق إنجازات لم يتمكن من تحقيقها في مأموريته الأولى، وهذا ما يفسره بحسب أصحاب هذا الطرح ما شدد عليه الرئيس خلال الحملة الانتخابية وفي برنامج الانتخابي من تأكيد على مواجهته للفساد وبأن هذه المأمورية ستكرس للقضاء على هذه الظاهرة. بالإضافة إلى توجهه نحو فئة الشباب وإشراكها في المشهد.
السيناريو الثاني يرى أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني سيواصل العمل بنفس النهج وإن كان هناك تغيير فهو طفيف من خلال دخول بعض الأوجه الجديدة القديمة بمعني من نفس البطانة والأغلبية التي كانت تدور في فلك النظام والأنظمة السابقة.
ويرى أصحاب هذا الطرح أن الفريق السياسي المحيط بالرئيس هو ما يقاوم إحداثه أي تغيير قد يأتي بأوجه جديدة، لأن هذا الفريق هو المتضرر من نهج إصلاحي يعتمد على أوجه جديدة من خارج الصندوق، ولذلك فإن الرئيس له أمامه سوى الاستماع إلى هؤلاء المحيطين به خصوصا أنهم انخرطوا بقوة في الحملة الرئاسية وإن كانت مساهمتهم بحسب البعض لم ترق إلى ما كان مأمولا من نسبة تصويت لصالح الرئيس بل ومن نسبة مشاركة حتى في الانتخابات رغم الزخم الذي حاولوا إحداثه قبل وخلال العملية التحضير للانتخابات الرئاسية.
وبحسب أصحاب هذا الطرح فإن الرئيس ليس لديه أي خيارات كثيرة للتملص من هؤلاء المحيطين به خصوصا أن محاولة إحداث تغيير جذري في المشهد الحكومي قد تألب عليه هؤلاء وقد يحاولون وضع عراقيل في طريق الإصلاح والتغيير الجذري المطلوب.
اعتراف دولي واسع
ورغم اعلان المجلس الدستوري لنتيجة فوز الرئيس الغزواني، وتأكيده عدم تلقيه أي طعن خلال المدة القانونية لذلك، فإن مسألة الاعتراف لا تزال تثير الجدل، لدى المترشح الخاسر الذي حل ثانيا السيد بيرام الداه أعبيدي الذي لا يزال يرفض الاعتراف.
وعلى العكس اعترف المرشحين الآخرين وعلى رأسهم مرشح تواصل الذي حل ثالثا بالنتيجة فيما هنئ الفائز كل من المرشحين سوماري والوافي. فيما لم يصدر اعتراف أو رفض واضح حتى الآن من كل المرشحين العيد وبا ممادو بوكار.
دوليا تلقي الرئيس تهاني قادة العالم وفي مقدمتهم قادة البلدان الغربية مثل فرنسا واسبانيا والصين وتركيا وروسيا بالإضافة إلى البلدان العربية والإفريقية والإسلامية وبلدان أوروبية وآسيوية عديدة.
ففي رسالة تهنئة إلى الرئيس الموريتاني قال الرئيس الفرنسي ماكرون “في الوقت الذي أعلنت فيه النتائج النهائية لانتخابات 29 يونيو، أود أن أهنئكم بحرارة على إعادة انتخابكم رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية، وأن أبعث إليكم بأصدق تمنياتي لكم بالنجاح، وهي تمنيات موجهة أيضا إلى جميع الموريتانيين.
لقد أكد الشعب الموريتاني بثقته فيكم في الجولة الأولى دعمه المطلق للمشروع الذي تحملونه لموريتانيا.
وأود أن أؤكد لكم أنني على أتم الاستعداد لمواصلة العمل معكم من أجل تعزيز شراكتنا الثنائية، تماشيا مع الروابط العريقة والمميزة التي تجمع بلدينا.
وستظل فرنسا ملتزمة بالعمل مع موريتانيا للمساهمة في ازدهارها الاقتصادي ودعم جهودها الحازمة لتعزيز الاستقرار الإقليمي، سواء تعلق الأمر بالدفاع عن سيادة القانون أو مكافحة انتشار التهديد الإرهابي.
وتفضلوا، سيدي الرئيس، بقبول فائق تقديري.
أما الرئيس التركي فقال في رسالته “باسم شعبي وباسمي شخصياً، أبعث بأحر التهاني إلى فخامتكم بمناسبة إعادة انتخابكم لرئاسة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وأتمنى لكم دوام النجاح في مهامكم السامية.
آمل أن تواصل موريتانيا التقدم نحو مستقبل مزدهر تحت قيادة فخامتكم .
أنا متأكد أنه خلال ولايتكم الجديدة، ستتعزز العلاقات بين بلدينا بفضل جهودنا المشتركة المستندة إلى مصالح شعوبنا والتي تعكس إمكاناتهم الحالية.
بهذه المناسبة، أكرر أطيب تمنياتي لفخامتكم بالصحة والسعادة، وللشعب الموريتاني الصديق والشقيق بالرفاهية والازدهار.
الحكومة تؤكد نزاهة الانتخابات
من جانبه قال وزير البترول والمعادن والطاقة الناطق باسم الحكومة، السيد الناني ولد اشروقه، إن الآجال القانونية للطعون في الانتخابات الرئاسية انتهت ولم يتلق المجلس الدستوري أي طعن فيها، وهو أصدق برهان على نزاهتها وعلى التوافق حولها.
وأشاد، في رده على سؤال حول الانتخابات، خلال تعليقه على نتائج اجتماع مجلس الوزراء مساء الأربعاء الماضي بنضج الشعب الموريتاني وتقدمه في ممارسة العمل الديمقراطي، والذي برهن عليه بالنجاح الباهر الذي حققته هذه الانتخابات.
وأضاف أن العديد من قيادات دول العالم( أوربا، آسيا، إفريقا) بادرت إلى تهنئة فخامة رئيس الجمهورية، قبل إعلان النتائج النهائية، مهنئا الشعب الموريتاني ورئيس الجمهورية على نجاح الانتخابات وعلى النسبة الكبيرة التي نالها( 56%) والتي تجاوزت انتخابات 2019 ب 4%.
وكان المجلس الدستوري قد أعلن مساء الخميس الماضي خلال جلسة علنية عقدها برئاسة رئيس المجلس السيد؛ جالو ممادو باتيا؛ أن المترشح محمد ولد الشيخ الغزواني، قد انتخب رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية، في الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية التي جرت بتاريخ 29 يونيو 2024 وذلك لحصوله على الأغلبية المطلقة من الأصوات المعبر عنها والمطلوبة دستوريا.
وأكد رئيس المجلس أنه نظرا لانصرام الآجال القانونية دون تلقيه لأي طعن في النتائج المؤقتة المعلنة من طرف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات؛ وبعد الاطلاع على جميع محاضر التصويت والتقارير المقدمة من طرف ممثلي المجلس الدستوري بالدوائر الانتخابية”؛ وتماشيا مع حسن أداء سير المجلس الدستوري؛ وما يقتضيه من إعلان النتائج النهائية دون تأخير؛ فإن المجلس يقر ويعلن هذه النتائج.
وأعلنت وزارة الداخلية واللامركزية، في بيان لها يوم الثلاثاء الماضي، عن وفاة ثلاثة من المتظاهرين، وإصابة اثنين من رجال الأمن أحدهما في العناية المركزة، إثر أعمال النهب والتخريب التي شهدتها مدينة كيهيدي في وقت متأخر من ليلة البارحة.
وفيما يلي نص بيان وزارة الداخلية الذي تلقت الوكالة الموريتانية للأنباء نسخة منه:
“شهدت مدينة كيهيدي في وقت متأخر من ليلة البارحة أعمال نهب وتخريب عنيفة استهدفت المواطنين الآمنين وممتلكاتهم والمرافق العمومية وقوى الأمن في المدينة، مما أرغم قوى الأمن على التصدي لها واحتجاز بعض المجموعات التي كانت تمارس الشغب في حالة تلبس جلية.
ونظرا للعامل المفاجئ ولتأخر الوقت ولارتفاع عدد المتظاهرين، وسعيا إلى السيطرة على الوضع، اضطرت الوحدات الأمنية إلى احتجاز الموقوفين في أماكن الحجز المتوفرة.
وفي هذه الظروف سجلت، للأسف الشديد، وفاة ثلاثة من المتظاهرين حيث توفي اثنان منهم بحضور باقي زملائهم الموقوفين وفي مكان الحجز فيما توفي الثالث منهم لاحقا في المستشفى.
وعلى إثر هذا الحادث الأليم، تتقدم وزارة الداخلية واللامركزية بأصدق التعازي لذوي المتوفين، وتتضرع إلى المولى عز وجل أن يشملهم برحمته الواسعة، وإنا لله وإنا إليه راجعون، كما تتمنى الشفاء العاجل لاثنين من رجال الأمن وقعا ضحية لأعمال الشغب حيث يوجد أحدهما في العناية المركزة فيما أصيب الآخر بجروح خطيرة.
وتؤكد الوزارة للعموم أن النيابة العامة تعهدت بالملف وأنه سيقام، تحت اشراف القضاء، بتحقيق شفاف ومعمق للوقوف على أسباب وملابسات وفاة المعنيين، كما سيتم إطلاع الرأي العام على نتائج التحقيق أولا بأول”.
#حصري_للمرابع_ميديا