تكنولوجيا «المحمول» تكافح لصوص الماشية.. وتدعم المزارعين في السنغال
9 أغسطس, 2014
حوادث ومجتمع
«دارال» يجمع بيانات الثروة الحيوانية.. و«إم لوما» يوفر سبيلاً لبيع المنتجات الزراعية بسعر السوق
تعتمد السنغال، التي تمتد على مساحة نحو 196 ألف كيلومتر مربع غرب القارة الإفريقية، أساساً على الزراعة وتربية الماشية. وبالنسبة لكثيرٍ من السكان لا تُمثل تربية الماشية مجرد مهنة، بل تعني مصدر الرزق والثروة، والحالة الاجتماعية، وخطتهم لما بعد التقاعد.
ويمنح كل ذلك مشكلة مثل سرقة الماشية أهميةً كبيرة، يجعلها هماً أساسياً ليس للأفراد والعائلات فقط، وإنما للحكومة أيضاً؛ فيرغب الطرفان في الحد من هذه المشكلة، التي تهدد واحدة من أهم ثروات البلاد. ويرى البعض في تكنولوجيا الهواتف المحمولة وانتشارها المتسارع في إفريقيا فرصةً واعدة، للمساعدة في هذا الشأن.
وبحسب ما تضمن تقرير نشره موقع «بي بي سي»، تُقدر قيمة الماشية التي تجوب ريف السنغال بمبلغ 490 مليار فرنك إفريقي، أي ما يعادل مليار دولار.
ويربي 70% من سكان السنغال الماشية، ومنهم عبدول با، الذي يعيش في قرية دجيلور، ويقول: «هذا هو اهتمامنا، حينما يتعلق الأمر بتربية الماشية فهي عملنا، عندما تولد ترى والدك يقوم بذلك، إنها تُمثل كل شيء بالنسبة لنا».
وسبق لـ«با» أن واجه مشكلة سرقة الماشية، وفي المرة الأخيرة سطا اللصوص على سبع بقرات، خلال عودة القطيع من الحقل. وتعتبر الحادثة طفيفة مقارنةً بسرقة 120 رأساً من الماشية خلال الليلة نفسها، ومع ذلك أخفقت محاولات العثور عليها بمساعدة الجيران في استعادتها.
وتتسبب سرقة الماشية في خسائر على المستويين الفردي والعام، وفي مسعى لحل هذه المشكلة، فكر البعض في أن التكنولوجيا يمكنها تقديم حل مناسب.
ومن هنا جاءت فكرة مشروع «دارال» Daral، الذي يعني اسمه «سوق الماشية» في اللغة الولوفية، ويهدف إلى متابعة صحة الثروة الحيوانية في السنغال وحمايتها من السرقة. ويُمثل «دارال» ثمرة لتعاون مبادرة «فور إفريقيا» التابعة لشركة «مايكروسوفت»، ومنظمة «كودرز فور إفريقيا» Coders4Africa غير الحكومية، فضلاً عن فريق من المطورين الشباب.
وصُمم التطبيق المعتمد على الإنترنت، لجمع بيانات عن الماشية لمصلحة وزارة الثروة الحيوانية السنغالية، وبعد تسجيل كل حيوان، يتوافر له رقم مميز، كما يمكن تحميل صورته مع إضافة وصفه. ويوجد ممثلو مشروع «دارال» في الحقول، لتسجيل بيانات الماشية بواسطة أجهزة كمبيوتر محمولة، متصلة بمفاتيح إلكترونية «دنغل»، تتيح اتصالاً عريض النطاق بشبكة الإنترنت.
ويستفيد مشروع «دارال» من تكنولوجيا الهواتف المحمولة وانتشارها الواسع في السنغال، على الرغم من عدم توافر كثير من وصلات الإنترنت السريعة في ريف السنغال.
وقال ليجيه جيبا، من منظمة «كودرز فور إفريقيا»: «إذا ما سألت 10 أشخاص في إفريقيا، سيكون لدى ثلاثة منهم أجهزة كمبيوتر، لكن إذا أخذت الأشخاص الـ10 أنفسهم، فسيكون لدينا 10 أشخاص في إفريقيا مع 10 هواتف محمولة». وأضاف: «نحن على ثقة من أن أفضل طريقة لإعطاء معلومات ولتقديم معلومات، هي استخدام هاتف محمول».
ويتيح «دارال» للمزارعين الإبلاغ عن سرقة ماشيتهم، والتواصل مع الشرطة على مستوى المنطقة التي يوجدون فيها، من خلال الرسائل النصية القصيرة، ولا يتطلب ذلك معرفة المزارعين بالقراءة والكتابة، بل يمكنهم التعامل من خلال سلسلة من الأوامر الرقمية.
وفضلاً عن الدور المحتمل لتطبيق «دارال» في مكافحة سرقات الماشية، فإنه يستهدف توعية المربين بالحفاظ على صحة الحيوانات، مثل الاهتمام بحملات التطعيم، إذ اشتكى مفتش الماشية، مامادو ديا، من ضعف استجابة المزارعين لحملات التحصين، ولا يجدي في ذلك الحديث مع رؤساء القرى والمجتمعات الريفية، وقادة تجمعات رعاة الماشية.
وفي مواجهة ذلك، يُرسل «دارال» رسائل نصية قصيرة لتذكير المزارعين بتطعيم ماشيتهم.
وتتضمن المرحلة التالية توفير إمكانية تتبع الأبقار، من خلال زرع رقاقات الراديو اللاسلكية التي تُحدد الهوية عن طريق موجات الراديو، ويُمكن قراءتها بواسطة ماسح ضوئي محمول، وتم حتى الآن شحن نحو 2000 رقاقة، ويُنتظر شحن 10 آلاف بطاقة أخرى.
وقال سينابو ندوي سيني، من شركة «مايكروسوفت»: «لا نريد أن تكون لدينا شارات على الحيوانات؛ لأنه عادةً توضع البطاقات في الأذن مثل القرط، ثم يقطع اللص الأذن، لا نريد أن تتعرض الحيوانات للتشويه».
وحتى الآن، تُشير الدلائل الأولية إلى الدور الرادع لمشروع «رادال»؛ إذ لم تتعرض ماشية أيٍ من المزارعين المشاركين للسرقة، وستُظهر الفترة المُقبلة مدى قابلية هذا الوضع للاستمرار.
وفي الوقت نفسه، تجري تغييرات أخرى ترمي إلى مواجهة لصوص الماشية؛ فضاعفت «وزارة العدل» في السنغال عقوبة السجن لجريمة سرقة الماشية لتراوح بين خمس و10 سنوات، وهو ما طالب به المزارعون منذ فترة.
وفضلاً عن الثروة الحيوانية، يعمل عدد غير قليل من السكان بالزراعة، ما يمنح أهمية لتجربة «إم لوما» mLouma وهو متجر على الإنترنت لبيع المنتجات الزراعية السنغالية. واستلهم مطوره أبوبكر سيدي يونكو، الفكرة من والديه اللذين يعملان بالزراعة، ليقدمها في مسابقة نظمتها شركة «فرانس تيلكوم» للمطورين الشباب.
ويوفر متجر «إم لوما»، الذي نال عدداً من الجوائز في إفريقيا وخارجها، سبيلاً آمنة للمزارعين لبيع منتجاتهم مباشرةً للمشترين في المدن بسعر السوق، وهو ما يفيد بشكلٍ خاص المزارعين الذين يعيشون بعيداً عن الأسواق المزدحمة في المناطق الحضرية.
ويتيح المتجر تحميل معلومات البضائع من خلال الرسائل النصية القصيرة، أو عبر تطبيق للهواتف المحمولة، وبالتالي لا يتطلب استخدامه توفير معدات باهظة الثمن.
وقال سيدي سونكو: «نعلم أن نحو 70% من السنغاليين يعملون في الزراعة، وهم يقومون بأشياء جيدة جداً، ويقدمون منتجات ذات جودة».
وأشار سيدي سونكو إلى تأثر المزارعين سلباً بوجودهم في أماكن بعيدة عن الأنظار، إضافة إلى مشكلة الوسطاء الذين يعرضون أسعاراً منخفضة للمنتجات، لافتاً إلى أن التكنولوجيا تتيح للمزارعين الفرصة، ليطلع على عملهم أشخاص في داكار، وفي باريس، وفي أي مكان. وبعدما بدأت شركة «إم لوما» بمزارعي البصل، تتوسع حالياً إلى محصولات أخرى، وتحاول التوصل إلى طرق أفضل تسمح للمزارعين بالوصول بإنتاجهم إلى المشترين. وقال سيدي سونكو إنه حان الوقت الآن لتتطلع الشركات الناشئة في السنغال إلى الزراعة.
ولفت إلى اعتقاده أنه الوقت المناسب لاستخدام التكنولوجيا، لمساعدة أولئك الذين يقبعون في أسفل الهرم.
المصدر: الإمارات اليوم