إلى أين تسير وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ؟؟ / بقلم: أحمد ولد عبدالله
10 أغسطس, 2014
آراء وتحاليل, الأخبار
تعتبر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من أهم الوزارات وأكثرها حيوية وحساسية إذ تتولى هذه الوزارة الإشراف على وضع الخطط والتصورات العامة للتعليم العالي والبحث العلمي في بلادنا، بالإضافة إلى إشرافها على متابعة دراسة وتكوين الطلاب الموريتانيين في الخارج وكذا منح التكوين بالنسبة لموظفي ووكلاء الدولة.
وقد مرت هذه الوزارة بفترات مد وجزر وتأرجح أبان عن ارتباك في السياسات التي رسمت لهذا القطاع من أجل انتشاله من حالة المرابحة والاسترزاق والمحسوبية إلى منطق إدراي قابل للبقاء والاستمرارية، غير أنه في كل مرة تأبى حليمة إلا أن تعود لعادتها القديمة مع نصيب من الانتكاسة قل أو كثر نصيبا مفروضا، ولعل أكبرانتكاسة شهدتها هذه الوزارة وقطاع التعليم العالي بصفة عامة كانت تعيين الوزير الحالي البكاي ولد عبد المالك الذي ترقى بقدرة قادر من (…) إلى أعلى هرم في المنظومة التعليمية دون مراعاة لأبسط معايير الخبرة والكفاءة أو أدنى مقومات الإصلاح التعليمي، لتبدأ مسيرة الفساد والفشل والمحسوبية والزبونية .
وكان بعض العاملين في هذه الوزارة قد استبشروا خيرا عند تعيين الوزير الحالي البكاي ولد عبد المالك ، لكن سرعان ما خاب أملهم فيه عندما اكتشفوا الوجه الحقيقي للقادم الجديد، وأن آمالهم وتوقعاتهم لم تكن في محلها ، حيث قام هذا الوزير بإتباع سياسات مافيوية زبونية في تسيير شؤون هذا المرفق السيادي الحساس ولم يولي أي إهتمام لسير العمل ولا لتضحيات العاملين والأغرب من ذلك أن هذا الوزير لم يجتمع يوما واحدا بأي إدارة من الإدارات التابعة لوزارته ولم يكلف نفسه عناء الإطلاع على سير العمل عن قرب ولا حتى الإضطلاع على ظروف العمال بل بقي مختبئا وراء مكتبه على مقعده الوثير مكتفيا بما يقدمه له سماسرته ومعارفه من معلومات مغلوطة .
لا تجد كبير عناء في الحكم على الوزير الجديد ومستواه وطبيعة تعامله مع مرتادي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ممن شاءت لهم الأقدار أن يرتبط مستقبلهم الوظيفي بهذا (…) الوصي ــ ظلما وجوراــ على منظومتنا التعليمية الأكاديمية.
وصارت إحدى أهم وزاراتنا السيادية وكرا من أوكار الفساد والمحسوبية حيث تحكم فيه الوزير في عنجهية وغطرسة لا تمتان بصلة إلى طبيعة مجتمعنا ولا ديننا الحنيف أما الأخلاق فابحث عنها في سلة المهملات، هو منطق الزبونية والتحكم الاستبدادي الذي أتاح له تعيين من شاء من معارفه ومحسوبيه ومن يقدم أفضل خدمة بينما يتم إقصاء أصحاب الكفاءات والخبرة والشهادات المستحقين ومنعهم من حقوقهم الطبيعية في التعيين بحجج واهية لا تصمد أمام أي سؤال أو استفسار.
ولم تكن التعيينات التي أقدم عليها الوزير مؤخرا إلا تجسيدا وإمعانا في هذه السياسات المافيوية الإستئصالية فقد قام البكاي ولد عبد المالك بتعيين بعض محسوبيه ومعارفه من خارج الوزارة ، حتى بلغ به ذلك أن قام بتعيين شخص تابع لوزارة أخرى هي وزارة التهذيب الوطني (إدارة الكفالات) – يدعي محي الدين – رئيسا لمصلحتين مختلفتين في إدارتين منفصلتين هما إدارة الأشخاص وإدارة التعليم العالي رغم كون هذه الإدارات مليئة بالكفاءات العلمية المتمرسة والمشهود لها بالنزاهة، بل لم يكتفي بذلك حيث قام بتعيين أشخاص آخرين (نتحفظ على ذكر أسمائهم في الوقت الحالي) من خارج الوزارة وهم المعروفون بعدم الكفاءة وانعدام المسؤولية ، دون مراعاة لأبسط قيم النزاهة والكفاءة.
وقد قام هذا الوزير بتعطيل عمل لجنة المنح بعد أن فشل في فرض رأيه عليها والقاضي بمنح بعض الطلاب من معارفه ومحسوبيه دون مراعاة للمعايير المعروفة المنظمة لعملية إسناد المنح لحملة الباكالوريا وكذا الطلاب المتفوقين الحاصلين على ليصانص من جامعة انواكشوط، بل بلغ به الغي أن شكل لجنة من خارج الوزارة من معارفه في كلية الآداب والعلوم الإنسانية حيث أوكل لها مهمة (التدقيق) في عمل لجنة المنح وهي ذريعة واهية استغلها لفرض بعض التغييرات على اللائحة النهائية للممنوحين ضاربا عرض الحائط بكل النصوص المنظمة للمنح وخارقا بذلك كل معايير النزاهة والشفافية ، وهو ما عطل وأخر إجتماع اللجنة الوطنية للمنح حتى الآن ، رغم الإنعكاس السلبي لذلك على مستقبل الطلاب الموجهين إلى الخارج حيث ان أي تأخر في وصول ملفاتهم إلى الجامعات في الخارج سيؤدي بالضرورة إلي عدم تسجيلهم وبالتالي ضياع سنة دراسية وانتظار سنة أخرى لكي يتمكنوا من التسجيل .
ويستغل الوزير فترة عمل لجنة المنح كموسم للفساد والمحسوبية وزيادة الدخل، ويقوم بالانقطاع الكلي عن العالم الخارجي – بإستثناء سماسرته – للتبتل في مكتبه المظلم لينتقي ما يروق له من العروض حسب الوحي والإلهام والهوى والرغبة الشخصية ذي الطبيعة النفعية الظلامية.
ولم تسلم التعويضات التي تمنح عادة للموظفين عن عملهم خارج أوقات الدوام الرسمي من هذه الممارسات الشائنة حيث قام هذا الوزير بمنح تذاكر سفر وتعويضات لبعض الموظفين رغم أن أسفارهم لم تكن لمهام رسمية بل لبعض حاجاتهم وأغراضهم الشخصية بينما يحرم المستحقون لهذه التعويضات من حقوقهم في تحد سافر لكل القيم .
إن أي سياسة إصلاحية لهذه الوزارة يجب أن تمر ضرورة بتعيين شخص يملك رؤية إستشرافية للمستقبل بإمكانه أن يضع تصورا مستنيرا يكفل الرقي بهذا القطاع الحساس سبيلا إلى النهوض بمنظومتنا التعليمية العتيدة ،(ففاقد الشئ لايعطيه).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*تم حذف عبارتين من المقال لدواعي أخلاقية