تقرير كيمون حول الصحراء يحمل بصمة الجزائري الأخضر الإبراهيمي/ بقلم: د.عبـد الفتـاح الفاتحـي
24 مايو, 2014
آراء وتحاليل
إن هناك مؤشرات قوية حول تحوير المبعوث الأممي والعربي المشترك إلى سوريا الجزائري الأخضر الإبراهيمي لتقرير بان كيمون لـ 10 أبريل 2014 لخدمة أجندة بلاده السياسية في نزاع الصحراء.
معالم تدخل أيادي معادية لصياغة تقرير بان كيمون كشف عن تناقضات غريبة وغير مستساغة، ذلك أنه إذا كان بان كيمون يدعم مسار الإصلاحات الحقوقية والسياسية التي يقوم بها المغرب، بل ويدعو إلى التسريع بتفعيلها ودعوته للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في الداخلة والعيون لمواصلة إعداد تقارير سنوية حول الوضعية الحقوقية في منطقة الصحراء. وكذا بعدما أثنى الأمين العام على ما أصدرته الحكومة من قرار يقضي بتسريع التعاطي مع شكايات المواطنين في الأقاليم الجنوبية وبعد مشروع تعديل القانون العسكري حتى لا تتم متابعة المدنيين في المحاكم العسكرية… وأمام كل هاته الحيثيات كيف تأتى لكيمون أن يسوي بين الصحراء ومخيمات الاحتجاز بأن دعا إلى إيجاد آلية مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان.
إن هذه التناقضات الصارخة في تقرير كيمون لم يكن ما يبررها، مما أعطى الانطباع ومن خلال الصياغة التي كتب بها التقرير أنه لم يلتزم بشروط الحيادية اللازمة، وهو ما أعطى الاحتمال بأن الأمين العام استعان بجزائريين وبأعضاء من جبهة البوليساريو لصياغة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة.
ولقد تأتى للأخضر الإبراهيمي وهو الذي يعيش خريف عمره داخل الهيئة الأممية استغلال وضعه الاعتباري داخل الأمم المتحدة كأحد العارفين بخبايا وكواليس منظمة الأمم المتحدة، بل إنه أحد الأعمدة المؤثرة اليوم في قرارات المنظمة، ولذلك من السهل عليه أن يؤثر على الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون أثناء صياغة تقريره حول الصحراء.
وحول دقة هذه الفرضية فإن تدخل الإبراهيمي في تقرير كيمون جاء متزامنا مع دوره السياسي الذي ترجحه له جهات عليا في بلاده لتدبير مسار المرحلة الانتقالية التي تحدث عنها مقربون من بوتفليقة، اعتبارا لمكانته لدى رجال الدولة وفئات كبيرة من المعارضة والشخصيات الوطنية في الجزائر، فضلا عن حنكته الدبلوماسية وشبكة علاقاته الدولية والإقليمية.
وأن ما أورده بان كيمون في تقريره حول الصحراء لم يكن على قدر ما تقتضيه النزاهة والحيادية التي تقتضيها هيئة أممية مكلفة بتدبير نزاع الصحراء. لذلك وقف الجميع على انحياز مفاجئ لتقرير الحالة عن الصحراء في 10 أبريل 2014 خلافا لما ظل يميز تقارير الأمناء العامين السابقين لمنظمة الأمم المتحدة.
هذا وأن استقراء تطورات ملف الصحراء وحتى المتغيرات الدولية والإقليمية لم تكن على القدر الذي يحدث كل هذا الانحياز في تقرير الأمين العام، ولكل هذه الحيثيات ترجح فرضية تدخل الدبلوماسي المخضرم الأخضر الإبراهيمي في صياغة عدد من القضايا التي وردت في تقرير الأمين العام، ولاسيما تلك التي تتعلق بالشق الإنساني والحقوقي.
فضلا عن العديد من المؤشرات الأخرى التي تعزز هذه الفرضية، فإن الإبراهيمي كان من مهندسي ما بعد عبد العزيز بوتفليقة من خلال توليه المرتقب لمنصب رئاسة لجنة المشاورات السياسية، كأول إجراء سياسي يقدم عليه بوتفليقة، وإن لم يكن ذلك بشكل رسمي، فإنه شرع في أداء مهامه بصورة غير رسمية من خلال العمل السياسي لصالح مواقف بلاده داخل الأمم المتحدة.
*باحث متخصص في قضية الصحراء والشؤون المغاربية