بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فأريد أن أنبه في هذا البيان المختصر على ثلاث نقاط.
النقطة الاولى:
حرمة الجنة على المشركين وحرمة الاستغفار لهم والترحم عليهم لأن مغفرة الله لمن مات مشركا مستحيلة شرعا لدليل قول الله تبارك وتعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وقال الله تبارك وتعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين وعليه فان الإستغفار والترحم لمنديلا وجميع المشركين لا يجوز شرعا إلا لمن علم موتهم على الإسلام والمشهور عن منديلا انه غير مسلم وان كان من كبار رجال السياسة في بلده ومن أراد أن يمدحه فلا يتعد حدود الله في ذلك قال الله تبارك وتعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا
النقطة الثانية:
يجب على المسلمين جميعا محاربة السحر والسحرة لأن السحر كفر والعياذ بالله تعالى قال الله تبارك وتعالى مخبرا عن اليهود في كتابه العزيز :واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان) صدق الله العظيم والكفر المنفي عن سليمان عليه الصلاة والسلام في الآية هو السحر وتعاطيه كما في تفسير الجلالين وغيره, وفي الحديث الذي ورد في صحيحي البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» واللفظ للبخاري. ويقول خليل بن اسحاق في مختصره في باب الردة أعاذنا الله منها “الردة : كفر المسلم بصريح أو لفظ يقتضيه أو فعل يتضمنه: كإلقاء مصحف بقذر وشد زنار وسحر وقول بقدم العالم أو بقائه أو شك في ذلك أو بتناسخ الأرواح أو في كل جنس نذير أو ادعى شركا مع نبوته صلى الله عليه وسلم أو بمحاربة نبي أو جوز اكتساب النبوة أو ادعى أنه يصعد للسماء أو يعانق الحور أو استحل: كالشرب لا بأماته الله كافرا على الأصح وفصلت الشهادة فيه واستتيب ثلاثة أيام بلا جوع وعطش ومعاقبة وإن لم يتب فإن تاب وإلا قتل” ٠ النقطة الثالثة:
يجب علينا جميعا ان نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وأن نؤمن باليوم الاخر ونؤمن بالقدر خيره وشره كما يجب علينا أن نؤمن إيمانا كاملا أن دين الله الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه هو الدين الحق الذي لا لبس فيه ولا مراء ولا شك فيه وانطلاقا من هذه العقيدة الصحيحة يجب علينا أن نتبع رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ويجب علينا عند الاختلاف أن نتحاكم إلى شرع الله الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تومنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تاويلا ). صدق الله العظيم، ويجب علينا جميعا ان نعلم علما جازما أن الشريعة المحمدية حاكمة على جميع خلق الله الأبيض والأسود والعالم والجاهل والولي الصالح والمرأة والرجل والحاكم والمحكوم فلا يمكن لأحد من المسلمين أن يخالف الشريعة المحمدية إلا لضرورة معتبرة شرعا، وفي هذا السياق أمر يجب التنبيه عليه لغلط بعض عامة المسلمين فيه تارة عن حسن نية وتارة عن غير ذلك ، وهو دخول أولياء الله في عموم الخطاب الشرعي كسائر المسلمين فلا يجوز لولي من أولياء الله مهما بلغت كراماته وكثرت أنصاره أن يبدل حكما من أحكام الله عز وجل بفراسته أو مرائيه فالولي عبد من عباد الله المسلمين لا يجوز له أن يحكم فراسته أو خواطره في دين الله عز وجل، ولا يجوز له أن يسقط واجبا أو سنة أو مندوبا عن نفسه ولا عن غيره ولا يجوز له أن يرخص في محرم أو ممنوع أو مكروه لنفسه ولا لغيره ولا يجوز شرعا قياس أولياء الله على الخضر عليه السلام في تصرفاته التي وردت في القرآن العظيم لأن الخضر عليه السلام مختلف فيه على أربعة أقوال: قيل هو نبي مرسل وقيل نبي فقط وقيل ولي من أولياء الله وقيل هو ملك من ملائكة الله كما في فتح الباري. فعلى القول بأنه نبي مرسل لا يمكن قياس أولياء الله على الأنبياء المرسلين لأن الأنبياء يوحى إليهم وأولياء الله لا يوحى إليهم وعلى القول الثاني بأنه نبي غير مرسل فكل نبي يوحى اليه مرسلا كان أو غير مرسل والأولياء كما أسلفنا لا يوحى إليهم وعلى القول الثالث على أنه ولي من أولياء الله فمن المحتمل عقلا أن يكون أمره نبيه الذي يتبعه الخضر في زمانه بجميع تصرفاته التي استشكلها عليه موسى صلوات الله وسلامه عليه لأن الخضر عليه السلام أجاب موسى صلى الله عليه وسلم بقوله في القرآن العظيم ( وما فعلته عن أمري) ومن المحتمل عقلا أيضا إذا كان الخضر وليا من أولياء الله فقط أن يكون الدين الذي هو عليه في ذلك الزمان يبيح التصرف بالإلهام أو يفرضه على الملهمين بحكم إلهامهم وعلى هذا القول لا يمكن قياس أولياء الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الخضر لأن الخضر إن كان متبعا لنبي في ذلك الزمان وأمره بذلك فهذه الأمة المحمدية هي آخر الأمم ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء، قد أكمل الله به الدين قال الله تبارك وتعالى (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) ولم يكن الإلهام من مدارك الشريعة المحمدية وعلى القول الرابع بأن الخضر عليه السلام ملك من ملائكة الله عز وجل فبطلان قياس أولياء الله على ملائكة الله أوضح من أن يبين لأن ملائكة الله هم السفراء بين الله ورسله وسكان السماوات وهم معصومون من الصغائر والكبائر قال الله عز وجل في وصف ملائكته (لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يومرون) وقد ذكر القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى حكاية عن الخضر (وما فعلته عن امري).قال القرطبي: يدل على نبوته وأنه يوحى إليه بالتكليف والأحكام، كما أوحى للأنبياء عليهم الصلاة والسلام غير أنه ليس برسول. إلى أن قال: كرامات الأولياء ثابتة، على ما دلت عليه الاخبار الثابتة، والآيات المتواترة – إلى أن قال – قال شيخنا الامام أبو العباس: ذهب قوم من زنادقة الباطنية إلى سلوك طريق تلزم منه هذه الأحكام الشرعية، فقالوا: هذه الأحكام الشرعية العامة إنما يحكم بها على الأنبياء والعامة، وأما الأولياء وأهل الخصوص فلا يحتاجون إلى تلك النصوص، بل إنما يراد منهم ما يقع في قلوبهم، ويحكم عليهم بما يغلب عليهم من خواطرهم. إلى أن قال: وهذا القول زندقة وكفر يقتل قائله ولا يستتاب، لأنه إنكار ما علم من الشرائع، فإن الله تعالى قد أجرى سنته، وأنفذ حكمته، بأن أحكامه لا تعلم إلا بواسطة رسله السفراء بينه وبين خلقه، وهم المبلغون عنه رسالته وكلامه المبينون شرائعه وأحكامه، إلى آخره . انتهى من القرطبي باختصار.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته