خلافا لمنظمات قارية أخرى- يعتمد (قطاع النشاط الخارجي) فى الإتحاد الأوروبي مساطر تمهيدية قبل إرسال أي بعثة أوروبية لمراقبة الإنتخابات فى بلد معين.
أول هذه الإجراءات، و يتم بالتشاور مع مجلس الوزراء والبرلمان الأوروبي، هو إدراج ذلك البلد ضمن قائمة ما يسمى (البلدان ذات الأولوية) فى نشر بعثات المراقبة الأوروبية.
والإجراء الثاني هو إيفاد بعثة استكشافية لتحديد ما إذا كان مستحسَنا ومجديا ومفيدا نشر بعثة مراقبة من الاتحاد الأوروبي فى البلد المذكور.
وإذا نص تقرير البعثة الإستكشافية على توافر هذه الشروط،تبدأ إجراءات اختيار رئيس الفريق الأساسي لبعثة المراقبين، وغالبا ما يكون عضوا فى البرلمان الأوروبي، و تنشر اللجنة الأوروبية على موقعها إعلانا لاختيار بقية أعضاء الفريق الأساسي، حسب معايير الخبرة والكفاء والقدرة على التكيف مع ظروف العمل فى البلد المقصود.
أما يقية المراقبين فتختارهم اللجنة من بين مجموعة من المرشحين المقترحين من طرف الدول الأعضاء .
ويمكن للبرلمان الأوروبي أيضا إرسال وفد مستقل لمراقبة الانتخابات، بالتنسيق الوثيق مع رئيس فريق المراقبين، ولا يصدر وفد البرلمانيين أي تقييم منفصل.
و تنقسم بعثة المراقبة الإنتخابية الأوروبية عادة إلى فريقيْ مراقبة: الأول طويل الأمد، والثاني قصير الأمد، وهذا التصنيف خاضع، إلى حد كبير، لحجم البلد وعدد مراكز الاقتراع التي ينبغي أو يمكن تغطيتها بالمراقبين الأوروبيين.
وبيت القصيد هنا أن نشر بعثة أوروبية لمراقبة الانتخابات، بشكل طبيعي، يتم ثمانية أسابيع قبل يوم الاقتراع ،بالنسبة للمراقبين على المدى الطويل،أما المراقبون على المدى القصير فيصلون بفترة وجيزة قبل يوم الإقتراع،لتعزيز قدرات بعثة المراقبة فى حضور عمليات الفرز و تجميع النتائج.
هذه الإجراءات تتطلب، فى أحسن الأحوال، ستة أشهر، بعد أن يحدد البلد المنتخِب تواريخ اقتراعاته، ويوجه رسالة واضحة بهذا الشأن إلى الإتحاد الأوروبي.
ولكُم أن تحسبوا الفترة التي مرت على مهاتفة الوزير الأول لرئيس الجمعية الوطنية، والتي “غاب” له فيها ناشدا تاريخا مناسبا للإنتخابات، فاكتشف العالم أن ثمة جهة موريتانية عليا تمارس الكذب فى رابعة النهار: (رئيس يقول فى ملأ من الناس إن اللجنة المستقلة للإنتخابات هي من حددت تاريخ الإنتخابات، وأنه – أي الرئيس- أخذ علما بهذا الأمر عبر وسائل الإعلام، ورئيس الجمعية الوطنية يؤكد أن حكومة الرئيس هي التي حددت تاريخ تلك الإنتخابات).
فى مثل هذه الظروف، اعتبر الإتحاد الأوروبي أن إرسال بعثة من مراقبيه إلى موريتانيا ليس مستحسَنا ولا مجديا ولا مفيدا.
ويبدو أن الحكومة الموريتانية أرادت تحييد الأوروبيين عن قصد، وإلا لكان وزيرها الأول، وهو سفير سابق فى بروكسل، احتاط بما يلزم لتعويض التشكيك الداخلي فى نزاهة الإنتخابات المرتقبة بما يحسن عليه السكوت من التزكية الخارجية.
أما ما ذُكر من استقدام مندوبية الإتحاد الأوروبي فى انواكشوط لخبيرين سيساعدانها فى إعداد تقريرها عن الإنتخابات، فهذا إجراء روتيني لا يُعتبر- بحال من الأحوال- مشاركة من الإتحاد الأوروبي فى مراقبة الإنتخابات الموريتانية.
*********************
قرار الإتحاد الإفريقي إرسال بعثة مراقبة إلى موريتانيا يعود الفضل فيه إلى الجزائر التي سخَّرت دبلوماسيتها وتأثيرها المالي فى الإتحاد الإفريقي لهذا الغرض.( تُعتبر نيجيريا، الجزائر،جنوب إفريقيا،ليبيا ومصر الدول الخمس الأكبر مساهمة فى ميزانية الإتحاد الإفريقي، وبين الدول الثلاث الأولى تحالفات استراتيجية سياسية وعسكرية واقتصاديةحيوية).
أما بقية القصة فهي أن (وحدة الديمقراطية والدعم الإنتخابي) فى الإتحاد الإفريقي تابعة لمفوضية الشؤون السياسية التي ترأسها الدبلوماسية النيجيرية عائشة عبد الله،بينما يرأس الدبلوماسي الجزائري إسماعيل الشرقي مفوضية السلم والأمن، خلفا لمواطنه الدبلوماسي البارز وخبير الشؤون الموريتانية، ووزير الخارجية الحالي: رمضان لعمامره الذي زار انواكشوط أواخر الشهر الماضي).
أما رئيس بعثة المراقبين الأفارقة لانتخابات 23 نوفمبر فسيكون رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق أحمد أويحيا.