انتشرت فلسفة “السجن تأديب وتهذيب وإصلاح” لمعاقبة المنحرفين في أي مكان ومحاولة نبيلة للارتقاء بسلوكهم وتحويل مسارهم نحو الاستقامة، واللافت للنظر أن من يذهب إلى السويد يكتشف نجاح الفكرة في تحقيق المعجزة عندما يفاجأ المرء بسجون خاوية من المذنبين والسجناء على ذمة قضايا سرقة وإتجار في المخدرات بعد أن تعامل المسؤولون داخل السجون مع المتهمين باعتبارهم “زبائن” يقضون فترة محددة داخل السجن، وبالتالي قرروا توفير سبل الراحة لهم ضمن تأهيلهم.
وأمام تراجع أعداد السجناء وانخفاض معدل الجريمة، أعلن مدير السجون والتأهيل في السويد نيلز أوبيرج إغلاق 4 سجون ومركز احتجاز واحد، بعد تراجع واضح في تعداد السجناء منذ 2004، وانخفاض المدانين بتهمة السرقة وجرائم المخدرات والعنف بنسبة 36% و25% و12% على التوالي.
وقال أوبيرج أنه لا أحد يدرى على وجه التحديد السر وراء تقلص نسبة السجناء بهذه النسبة، إلا أنه استنبط من المشهد أن يكون النهج الليبرالي السويدي في السجون والتركيز على مبدأ خدمات التأهيل وتوجيه المنحرفين عاملين كافيين لحدوث الظاهرة.
وانخفض عدد نزلاء السجون السويدية إلى السدس بعد أن بلغ ذروته منذ 9 سنوات بمحصلة بلغت 5722 سجيناً، ليصل إلى 4852 في 2012 في ظل السياسة الإصلاحية المتبعة خلف القضبان.
وتعد السويد من أكبر دول العالم تفعيلاً للعقوبات البديلة، خاصة فيما يتعلق بالجنح، وبمرور الوقت احتلت الدولة الإسكندنافية المرتبة 179 من 221 في تعداد السجناء، وفقًا للمركز الدولي لدراسات السجون، بينما يتصاعد فقدان سيطرة الولايات المتحدة على سجنائها وارتفاع معدل إشغالها إلى 40% فوق طاقتها.
وتفوقت أوروبا في خطة النهوض بسجونها، فسجن “العدالة” في النمسا أحد أرقى سجون العالم بتصميمه الخارجى المذهل الأشبه بالمنتجعات الفاخرة محاطاً بمناظر طبيعية مريحة للأعصاب، والزنزانات تشبه غرف فنادق 5 نجوم. ومن تجربة سجن “هالدن”، استثمرت النرويج 252 مليون دولار في بناء مكان غير اعتيادى يوفر غرفاً مميزة للنزلاء مجهزة بشاشات LCD وثلاجات لحفظ المأكولات والمشروبات وغرفة جلوس ومطبخاً مشتركاً لكل 10 عنابر، وتخصيص دروس لتعلم الطبخ وفرق للموسيقى وساحات للألعاب الرياضية.