نشرت بعض المواقع مساء الجمعة 21-09-2013 مقالا يحمل عنوان: “شكر الله سعي تواصل” ينتقد فيه صاحبه حملة تواصل التي أطلقها لمساعدة المتضررين من الأمطار، والتي شملت شفط المياه وتنظيف الشوارع وردم المستنقعات في خمس مقاطعات. والمتتبع لأفكار الكاتب الغير منظمة، وتسلسلها المعوج ،)كان يحاول الوصول الى فكرة فيحدث عن غيرها كبصقة الأعمى)، يتذكر المثل المشهور المحكي عن “انسيب الناس” الذي لا يعيّد لهم ولا يترك غيره يفعل ذلك. إن كثيرا ممن يتشدقون بحب الوطن و الشغف به، هم أول من يجني عليه بتمالئه – عن قصد و غير قصد- مع أعداء الوطن من المستبدين و الفاسدين ، ولو ادعى زورا مناهضتهم و الوقوف ضدهم، وليس الذي يجلس خلف جهازه في مكتب مكيف كالذي ينزل الى الميدان يتحمل لفيح الشمس ليخفف عن المواطنين و يساعدهم في ظروفهم الحالكة..
إن حملة تواصل لشفط المياه ليست أول حملة يقوم بها الحزب ، فهو حريص على تقديم ما أمكن للوطن والمواطنين ، لا ينتظر بذلك جزاء من أحد ولا “شكورا”، ومن قبل حملة شفط المستنقعات كان قد أطلق قبلها –في هذه السنة فقط- حملة لسقاية طلاب الباكلوريا و أخرى لسقاية العطشى من سكان الترحيل ، و حملة صحية لمعالجة المرضى والمستضعفين، وحملة لإطعام الفقراء في الرياض،و حملة لتنظيف شوارع العاصمة من الأوساخ والأدران وغير ذلك من الحملات التي تترك أثرا بالغا في القلوب الطيبة المحتاجة، ويكون أثره كالسيل على الحجر في قلوب أخرى.
لقد كان شعار الحملة “العاصمة نواكشوط..إهمال يتجدد” ومن قبله شعار حملة سقاية أحياء الترحيل “معاناة الترحيل..عطش سببه الإهمال” دليل آكد على تحميل الحكومة المسؤولية عن ما تسببته الأمطار، التي غدت عنوانا لمأساة حقيقية لا يدرك حقيقتها إلا من وقف عليها ، وليس من رأى كمن سمع، أكان حكومة أو “مناضلين” وإذا كان تجاهل الحكومة لمآسي الناس و عدم الاهتمام بهم يعد جرما ، فإن إدانة العمل التطوعي الذي يهدف إلى خدمة الناس والتخفيف من معاناتهم هو جرم أكبر من جرم الحكومة وأشد تنكيلا، و ليس الناس بحاجة إلى من يزيد عليهم عبء حياتهم من المشاكل. يؤسفني جدا أن المتضررين لن يجدوا فرصة للاستماع إلى نقاشك وأطروحاتك “النيرة” لأنهم يبحثون الآن عمن يساعدهم ويخفف عنهم، وربما لو تحول مقالك إلى حفنة من تراب لكان بإمكانه أن يسد حفرة صغيرة في طريق الوطن المتقعرة، تساؤلك سيدي هل حزب تواصل حزب سياسي أو منظمة خيرية تساؤل في غير محله، وهل كان حزب التكتل حزبا رياضيا حين أشرف رئيسه على انطلاق بطولة رياضية في الرياض؟ إن مشروع حزب تواصل هو “مشروع جامع لمستقبل واعد” يهدف إلى نهضة هذا البلد، بسواعد المؤمنين المخلصين من أبناء هذا الوطن، يهمه كل مواطن في هذه الأرض من شرقها إلى غربها وشمالها وجنوبها، ويؤلمه أن يكون في بلاد الحديد و السمك مريض أو ضعيف أو محتاج، ويسعى ما وسعه الجهد لمساعدة كل أولئك. إن نزول شباب تواصل إلى الميادين و خدمتهم المنقطعة النظير للمواطنين وحرصهم على ذلك في كل مرة يحتاج لهم الوطن، على حساب صحتهم ووقتهم وأموالهم هو أمر يستحق التشجيع و المؤازرة، بدل الاستنكار و التجاهل، وعلى المرء أن لا يرضى لنفسه أن يكون أقل فائدة من “أظفار الكرعين”. . إن الوعي الذي تتحدث وهو مبتغى جهدك في الأمر، لا يحصل بالتنظير “اليابس” والكلام المعسول المكرر، بل لا بد له من عمل و جد و تضحية و خدمة للناس، ولو أنك أنفقت نصف تنظيرك في العمل التطوعي لاستطعت الوصول إلى مبتغاك، و ما لا يدرك بالجد والتضحية لا يدرك بالمنشورات و الفقاعات و العنتريات. هب أن الناس صدقت كون الأحزاب السياسية ليست معنية بالعمل التطوعي،وهب كذلك أنها اكتفت بالخطابات و المهرجانات و اللقاءات، فمن يكون للشعب المطحون ، المغلوب على أمره.؟ و أنت من اعترفت بتجاهل الحكومة والمجتمع المدني للمأساة ، أنترك المواطنين حتى يمخرهم الضعف والوهن ، فنخطب فيهم : جئناكم على طريق الأمل نحمل لكم الأمل..! كانت العرب تقول إن سيد القوم خادمهم (لا مخّدمهم كما يفعل البعض)، و هو أمر يستحق من أصحاب الضمائر الحية والشباب المثقف أن يتسابق لأجله، و أن يتعالى على الأفكار العجائزية التي أثبت الدهر فشلها و ضعفها وهوانها على الناس. لا يحتاج تواصل إلى نصيحة من مخلفي الأعراب، ولا يحتاج كذلك إلى دعوة “المتثاقفين” للوقوف معه، بل يكفيه شرف خدمة الشعب و الوطن.. |