17 أبريل 2025 , 22:15

هل تنجح موريتانيا في إقامة الانتخابات ؟!

 

 Digital Cameraلا يمكن فصل موريتانيا عن ما يجري حولها من حراك في كل الاتجاهات و في جميع الأقطار العربية والدول الإفريقية المجاورة  لها، التي تعيش أوضاعا مختلفة باختلاف واقع كل بلد من هذه البلاد على حدة في الشمال الغربي من حد ودنا يعيش المغرب “مثلا” حالة مخاض لما تكتمل فصولها وهي الحالة الأقرب والأكثر تشابها بالحالة الموريتانية على مستوى المغرب العربي لأن إسلاميوها هم الأقرب احتكاكا وتواصلا مع جماعة حزب “تواصل ” وهي استطاعت تجاوز ما يسمى “الربيع العربي ” رغم أنه جاء بحكومة إسلاموية إلى السلطة فيها. لكن في حالتنا الموريتانية فإن الإسلاميين لا يملكون ذلك الحضور والقبول الجماهيري رغم إيغالهم المفرط في (المعارضة) والمناورة تارة وهي كلها سبل للتقرب من السلطة بأي ثمن !.

 

لكن فشل الإخوان الذر يع في إدارة  مصر  ونزوعهم نحو إقامة دكتاتورية إقصائية أخاف الرأي العام العربي عموما وألغى بظلال من التوجس في نفوس الشعب الموريتاني ذوي الإسلام الوسطي المعتدل والحس القومي الجياش عبر تاريخ الوطن العربي وما مربه من أحداث  يزكي هذا .

 

صحيح أن الانفتاح الديمقراطي الذي تشهده موريتانيا منذ العام 1991 قد تخللته عدة محاولات انقلابية بعضها فشل والبعض الآخر نجح في تغيير النظام في العام 2005 والعام 2008 في جميع هذه المحاطات من تدخل الجيش في الحياة السياسية فإنه مما يأسف له هو الانخراط العلني والمستغرب من الذين يشكلون ما يعرف ب” منسقية المعارضة ” التي تم تأسيسها عقب انقلاب 2008 وقد ظلت تعلن معارضتها للرئيس الحالي السيد محمد ولد عبد العزيز الذي اعترفت بنزاهة الانتخابات التي جاءت به  فرفض إشراك أي من مكوناتها في الحكومة مما ضاعف بعد الهوة بينهما لتعلن صراحة مطالبتها برحيله محفزة الجيش علا نية على الإطاحة به في سابقة خطيرة من سياسيين يدعون (معارضتهم للانقلابات ) ولما أحست المنسقية فشلها الحقيقي في قدرتها على ترحيل النظام بدأت تأكد عدم اعترافها ومقاطعتها لأي انتخابات تصدر بدعوة من الحكومة الموريتانية مالم يلبي النظام مطالبها المتضمنة حكومة وحدة وطنية وهذا ما يرفضه النظام بشدة ويدعو المنسقية للدخول في الانتخابات التي يحضر لها في الفترة مابين سبتمبر وأكتوبر القادم وقد بدأت عملية الإحصاء الخاصة بها رسميا بعد إعلان اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات المشرفة على هذا الملف برمته .

 

وتأتي هذه الانتخابات المعلن عنها بعد فترة تأجيل دامت أكثر من  سنتين بطلب من المنسقية نفسها العام 2010 وقد استجابات الحكومة لذلك المطلب لدفع وإعطاء فرصة لجميع الأطراف للتحضير والاستعداد لإجراء انتخابات شفافة لا تقصي أي طرف من مكونات المشهد السياسي الوطني .

 

إلا أن ما يتضح من حين لآخر أن المنسقية ليست جادة ولا تسعى إلا لقتل الوقت ودفع البلاد إلى التأزيم وعرقلة عمل الحكومة التي لا بد لما يصدر عنها من قوانين لإجازة البرلمان وكذلك فإن المجموعات المحلية في الريف تحتاج لعمل الهيئات المحلية المنتخبة في البلديات للسهر على إدارة الحياة اليومية للمواطنين في بلد مساحته شاسعة وسكانه مازالوا قريبي العهد بالبادية .

 

كما أن الممول الخارجي قد لا يظل يقبل بالتعامل مع مؤسسات منتهية الصلاحية ما قد يدفعه للإحجام عن إعطاء قرضه التي تحتاج إليها التنمية المحلية لدولة من العالم الثالث مثل موريتانيا التي تعاني من أمية مرتفعة وتحارب الفساد في الإدارة النازفة من جراء هذا الورم المستشري فيها .

 

ولأن الاستقرار في بحر من العواصف على جميع أطراف موريتانيا يظل المطلب الغالي والأول الذي لا يمكن تحقيقه بدون ضبط الحلة الداخلية للبلاد، ولن يتـأتى ذلك في ظل تعطيل عمل المؤسسات الدستورية في البلاد.

 

من هنا يتحتم على جميع الأطراف وفي المعارضة  بوجه خاص تغليب المصالح العليا على المنافع الذاتية الفردية التي يمكن أن يحصلوا عليها في ظل المصلحة العامة للوطن إن كانوا جاديين؟ وترك العملية الانتخابية تمر دون تشويش !.

 

أما إن كان دافعهم هو مجرد الخلاف مع النظام لوجه الخلاف الشخصي فينبغي على الرأي العام الوطني التنبه إلى مخاطر هذا الصنف من السياسيين وركنهم في مزبلة التاريخ والسير في انتخابات شفافة لاتقصي أحدا …لأن ثقافة الإقصاء لا توصل إلا إلى حضيض الأزمات والحروب لا قدر الله وهذا ما تسعى هذه الانتخابات لتضيع فرصته على المتربصين بالاستقرار والأمن الوطني…

 

                                                                                          

 

                                                                                                                 الحسين سيدي الزين

 

شاهد أيضاً

الحوار السياسي المرتقب في موريتانيا.. طريق للتقدم والازدهار

كسبت الساحة السياسية الموريتانية زخمًا كبيرًا منذ إعلان رئيس الجمهورية الدعوة للقوى السياسية الموريتانية لإجراء …

اترك تعليقاً