20 أبريل 2024 , 13:47

“الوحدة الوطنية” … ضمان لتنمية المكاسب….

إن تاريخنا الوطني حافل بقيم التماسك والتلاحم والتعاضد، وثقافة التآخي والتكافل والتعاون المستمدة من تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف، المنغرسة في وجدان شعبنا الذي تمتع بخصوصية سوسيولوجية فريدة من نوعها فى المنطقة، انبثقت من رحم التلاقي بين ثراء البعد الافريقي والعمق العربي، وظلت تتعزز عبر الحقب والعصور عصية على كل دعوات التفرقة وخطابات الكراهية والتمييز بكل أشكالها.
ومن هذه الثوابت والمنطلقات الراسخة استقى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز رؤيته لتعزيز الوحدة الوطنية وتجسيد التناغم الاجتماعي بين مختلف المكونات الوطنية، وهو ما تحقق بالفعل وعشناه واقعا ملموسا خلال العشرية الأخيرة علي كل المستوىات إصلاحات دستورية ، وقوانين تشريعية، وسياسات حكومية كان لها الأثر العميق فى تعزيز حقوق الإنسان الذي يعتبر مرتكزا ومرجعا ومؤشرا على نجاعة كل السياسات الحكومية ، بل يمكن اعتباره أهم المؤشرات وأكثرها مصداقية على الإطلاق في تقييم التحول الديمقراطي، فكلما كانت المنظومة الحقوقية تكفل الحرية ، وتعترف بالتعدد اللغوي والعرقي والثقافي، وتكرس قيم الاختلاف وتوفر آليات تسييره وتدبيره، وتطبق بشكل صارم وعام المساواة والعدالة بين أفرادها ، كلما دلت تلك المعطيات على وجود إرادة سياسية قوية وصادقة وجادة تؤمن بهذه القيم وتسعي جاهدة لتطبيقها لذاتها بدل اعتبارها وسيلة للاستمرار في الحكم، ولعل هذا ما يعكس بشكل واضح وصريح تميز المناخ الديمقراطي الذي عشناه خلال العشرية الماضية، حيث راكمت بلادنا في مجال حقوق الإنسان والوحدة الوطنية إنجازات لامست مختلف نواحي الحياة بالنسبة للمواطن الموريتاني فعلى مستوى سن القوانين وتطويرها و تطبيقها على أرض الواقع تمت دسترة الحريات العامة والحقوق الأساسية وضمان كرامة الإنسان ، والحق في الحياة والسلامة البدنية ومناهضة التعذيب والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري ، وحرية التنقل والتعبير، والمساواة بين المواطنين، والتضامن الاقتصادي والاجتماعي والحق في المشاركة السياسية، وفي الحصول على الخدمات والإدارية وأنشئت المحاكم المختصة بمكافحة آثار الاسترقاق، ونص القانون على أن “الاستعباد يشكل جريمة ضد الإنسانية غير قابلة للتقادم” وأقر معاقبة جرائم الاسترقاق والتعذيب بوصفها جرائم ضد الإنسانية.
وفى مجال الحريات العامة ، وفي إطار سياسة شاملة وواضحة لترسيخ وتعميق الممارسة الديمقراطية، وتكريسا لحقوق الإنسان الموريتاني الأساسية، ولا سيما حقيه في حرية التعبير وحرية الصحافة المكرسين في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تم تحرير الفضاء السمعي البصري بموجب القانون 045/2010 حيث حرر لأول مرة في تاريخ البلد الفضاء السمعي البصري وجعل ـ على غير العادة ـ حرية التعبير هي الأصل؛ إذ نصت الفقرة الأخيرة من المادة (3) على أن ” كل التباس أو غموض في النص يجب أن يؤول لصالح حرية التعبير”.
وعلى خلفية تنامي خطابات الكراهية والتحريض على العنف ينبغي أن تعبر كل الأطياف اليوم من خلال المسيرة المنتظرة عن تطلعها لمستقبل واعد ومشترك لكل الموريتانيين بلا استثناء، لامكان فيه للخطابات الشرائحية الضيقة، ولا للدعوات العنصرية البغيضة، ولا للولاءات القبلية والجهوية المعيقة، ونعلن بصوت واحد رفضنا المطلق لكل ما من شأنه أن ينال من قيمنا وثوابتنا ، وندعو الى تمكين القيم المدنية الحضارية وتكريس مفهوم المواطنة المنبثقة من ثقافتنا وديننا الحنيف، والمؤسسة على الحكمة والسلم سعيا للوصول الى توطيد وحدتنا وتحصين مجتمعنا من آثار دعاة التشرذم والفتنة.

الأستاذ صالح ولد دهماش

شاهد أيضاً

واشنطن تتوصل إلى اتفاق مع نيامي لسحب قواتها من النيجر

واشنطن-أ ف ب قال عدد من المسؤولين الأميركيين مشترطين عدم كشف هوياتهم، إن الولايات المتحدة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *