كتاباتي عن موضوع الصحراء المغربية ترجع إلى زمن سبق ولادة “جبهة البوليساريو الانفصالية”

نشرت المجلة الورقية الشهرية الإسبانية “أطليار”، في عددها الأخير، استجوابا مع الدبلوماسي المتقاعد جمال الدين مشبال تحت عنوان “المسكوت عنه في قضية الصحراء”، وذلك بمناسبة إصداره كتابا باللغة الإسبانية يحمل عنوان “المغرب وصحراؤه”.

وقال مشبال في جوابه على سؤال حول الهدف من كتابه الجديد إن “كتاباتي عن موضوع الصحراء المغربية ترجع إلى زمن سبق ولادة البوليساريو وظهورها على الساحة، عندما كانت الصحراء ما تزال تسمى الصحراء الإسبانية، وكان الصراع حولها بين المغرب وإسبانيا”، مشيرا إلى أن “فكرة نشر الكتاب كانت مبادرة من خوسيه ماريا ليزونديا”.

وأضاف أن “ما أثار اهتمام صديقي خوسيه ماريا ليزونيا، هو أنني أتناول في عملي تصريحات رسمية ومراجع لمسؤولين إسبان، إلى جانب مصادر أخرى من الأمم المتحدة”، مبرزا أنها “معلومات ومعطيات غير معروفة، ويتم القفز عليها أو السكوت عنها لسبب غير واضح، وبدلاً من ذلك، وفي الوقت نفسه، يتم تقديم معلومات كاذبة ومعطيات خاطئة وطروحات وتفسيرات مغرضة بعيدة عن الواقع يجب الإيمان بها كحقيقة مطلقة صافية”.

وعن رأيه في الدور الذي ينبغي على إسبانيا والمغرب ومؤسساتهما اتخاذه في موضوع حساس كمسألة الصحراء، قال جمال الدين مشبال: “منذ أن عادت الملكية ومعها الديمقراطية إلى إسبانيا، عملت كل الحكومات المتعاقبة، سواء في المغرب أو إسبانيا، على تحسين علاقاتهما وتوطيد التعاون بين البلدين باستمرار وبشكل مضطرد، فاستفادت الحكومات المتعاقبة في البلدين من كل الأخطاء والنجاحات، من أجل المزيد من تقوية العلاقات والثقة المتبادلة والرفع من آفاق التعاون والعمل معا”.

وأشار مشبال في السياق ذاته إلى أن “إسبانيا تعرف أن قضية الصحراء بالنسبة للمغرب ليست مسألة تتعلق بالسلامة الإقليمية فحسب، بل هي بالدرجة الأولى مسألة وجود، ومسألة حياة وبقاء، لأن المغرب لن يسمح أبداً بقطع جذوره الأفريقية، إنها من درجة الخطورة والرفض شبيهة بمحاولة إنشاء دول مستقلة في إقليم الباسك، نافارا، أراغون وكطالونيا تفصل إسبانيا عن أوروبا، إنها خطوط حمراء تتعلق بحاضره ومستقبله”.

وقال جمال الدين مشبال إن “علاقات ممتازة توجد اليوم بين إسبانيا والمغرب على جميع المستويات، ويدرك كل طرف دور الآخر في التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف في جميع المجالات”، مؤكدا أن “المسؤولين في البلدين على يقين الآن بأن أمن البلد واستقراره اليوم يبدآن انطلاقا من أمن واستقرار البلد الآخر، والبلدان يعملان معا وبتعاون كبير وكامل في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية”.

وأورد مشبال، في الحوار الذي أجرت معه نور العمارتي، أن “العلاقات بين المغرب وإسبانيا حاليًا تسير نحو آفاق واسعة وكبيرة، وبطموحات مشتركة في إطار رؤية مستقبلية واحدة”، ولهذا، يضيف جمال الدين، فإن “البوليساريو ليس بقضية ذات أهمية تذكر على هذا المستوى من العلو، لا سيما وأنه تنظيم مسلح يعيش في حالة جمود وركود، ويخضع للجزائر ويسترزق بـ(قضيته) محوّلا إياها إلى أصل تجاري مربح ووسيلة للإثراء”.

وقال المتحدث إن “التفكير في إنشاء دويلة صغيرة تعداد سكانها أقل من أحد أحياء مدريد أو سعة ملعب كرة قدم، وعلى أرض تفوق مساحتها مجموع مساحة بريطانيا العظمى وإيرلندا، هو السير في الاتجاه المعاكس للتطور، وهو بهتان يفوق مشروع المتطرفين الجهاديين الذين يبشرون بدولة إسلامية، بمعنى أنها مشاريع من أجل إنشاء دول فاشلة ذات نتائج خطيرة على العالم وأمنه تنضاف إلى دول فاشلة أخرى توجد في محيطنا لا تنتج سوى القتل والدمار واللاجئين وبؤر للإرهاب”.

وورد ضمن الحوار ذاته أنه “باستثناء اقتراح المغرب القائم على الحكم الذاتي، لا يوجد أي عرض آخر على طاولة المفاوضات تشيد به الأمم المتحدة وتعتبره جادا وذي مصداقية وواقعية وعمليا وتلقى الترحيب من قبل أعضاء مجلس الأمن بالإجماع”، يقول مشبال الذي أضاف أن “المغرب وافق على التخلي عن الاندماج التام والكامل للصحراء مقابل حل قائم على الحكم الذاتي الموسع، بينما قبلت الجزائر ومعها البوليساريو بالتخلي عن خيار الاستقلال فقط مقابل اقتراح التقسيم، لكن سرعان ما عادا إلى الخيار الأول، خيار الاستقلال”.

إن الانفصاليين بعد فشلهم في الحرب والعنف الثوري، يضيف مشبال، “هم الآن قابعون في موقفهم لا يتحركون، ومع ذلك يطالبون بمفاوضات وتسوية، دون تقديم مقترحات وحلول جدية وواقعية تكون دائمة وذات مصداقية لدى الأمم المتحدة كما فعل المغرب”، مشيرا إلى أنه “في كل الأحوال، نأمل أن يتم التوصل إلى حل، وأن لا تتسبب هذه القضية في مزيد من معاناة أهل الصحراء، وأن تتحقق قريبا المصالحة بين الدول المعنية بما فيه مصلحة المغرب الكبير وبناء وحدته

شاهد أيضاً

لماذا غزواني ثانية؟ / محمد محمود أبو المعالي

لا جَرم أنه ما جانف الصواب من طرح اليوم السؤال عما ينتظره الموريتانيون من ترشح …