17 مايو 2024 , 11:57

مقتل حمزة بن لادن.. نهاية رحلة خلافة الوالد في العائلة والتنظيم

منذ مقتل أسامة بن لادن قبل حوالي ست سنوات بات نجله حمزة صوتا آخر قويا من أصوات تنظيم القاعدة، كما بات مطلوبا بشكل ملح للولايات المتحدة الأميركية التي ترى فيه رأس جيل جديد من الإرهابيين المتأثرين بفكر تنظيم بن لادن الأب وخطابه.

وطوال السنوات الماضية كان حمزة يرسل بين الحين والآخر رسائل تهديدية للولايات المتحدة ومصالحها في أنحاء العالم ثأرا لوالده الذي قضى في عملية عسكرية نفذتها الولايات المتحدة في باكستان، حيث أقام أسامة بن لادن آخر أيام حياته.

وفي فبراير/شباط الماضي رصدت الولايات المتحدة الأميركية مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى حمزة الذي خشيت الولايات المتحدة من أن يستغل رمزية والده ويجمع حوله فلول القاعدة خصوصا أنه يتقدم بخطاب حماسي مثير لعواطف الشباب.

هل قتل بن لادن؟
نقلت شبكة “أي.بي.سي” الأميركية عن مسؤولين أميركيين أن حمزة نجل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قتل في وقت سابق خلال عملية قامت المخابرات الأميركية بدور فيها. وأشارت الشبكة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفض التعليق على سؤال صحفي بهذا الشأن.

وأفادت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلا عن مسؤوليْن أميركيين بأن العملية التي قتل فيها حمزة بن لادن (30 عاما) -وهو أحد القادة الأساسيين في القاعدة- تمت في السنتين الماضيتين دون تحديد تاريخها. وأضاف المسؤولان أن التأكد من مقتله استغرق وقتا.

وذكرت وكالة رويترز أن مسؤولا أميركيا قال الأربعاء إنه يُتوقع أن تصدر الحكومة الأميركية بيانا قريبا بشأن حمزة بن لادن، وذلك بعدما نقلت محطة “أن.بي.سي” في وقت سابق عن ثلاثة مسؤولين حكوميين القول، إن واشنطن حصلت على معلومات مخابراتية تفيد بوفاة حمزة

بيد أن عددا من وسائل الإعلام نقلت عن بعض أنصار القاعدة على الإنترنت تشكيكهم في الخبر، ودعوتهم إلى توخي الحذر في التعامل معه في انتظار صدور بيان رسمي من الجماعة يثبت أو ينفي التسريبات الأميركية، خصوصا أن أجهزة المخابرات الغربية دأبت على اللجوء إلى مثل هذه التسريبات بهدف تحديد مواقع بعض القادة “الجهاديين” وفقا لهؤلاء.

خليفة الزعيم المؤسس
إذا صحت المعلومات المتداولة بشأن مقتل حمزة بن لادن، فإن واشنطن تكون قد تخلصت من واحد من أبرز خصومها المسلحين في العالم، خصوصا أن الشاب حمزة حاول إعادة بناء تنظيم القاعدة من جديد، مركزا على الخطب والرسائل الحماسية.

ويحتل حمزة الرتبة الخامسة عشرة في ترتيب أبناء أسامة بن لادن، لكنه كان الأقرب إليه طيلة حياته، واستطاع لاحقا أن يكون أبرز خليفة له من أسرته المتعددة المتشارب وأبنائه المتوزعين على أمهات متعددات، وأدرجت الولايات المتحدة اسم حمزة ضمن لوائح المطلوبين للعدالة الأميركية، باعتباره يمثل خطرا على أمن واشنطن.

الشاب الثائر
لا تتوفر معلومات كثيرة عن حياة حمزة بن لادن وما إذا كان قد تلقى تعليما عاما أو دينيا أو مختلطا، لكن المعلومات المتوفرة تصفه بأنه يحاول دائما الظهور بمظهر خليفة والده، وسبق لحمزة أن دعا القبائل العربية في السعودية إلى الاحتشاد والقتال ضد الولايات المتحدة الأميركية، وذلك ضمن سعيه لنيل الثأر لوالده أسامة.

وألحقت السعودية حمزة بوالده حيث سحبت جنسيته السعودية، فيما تؤكد وسائل إعلام أميركية أن واشنطن هي الأخرى ألحقت حمزة بوالده أيضا.

وفي 1989 ولد حمزة بن لادن وهي الفترة نفسها التي كان والده فيها مقيما بالسودان، وانتقل معه في رحلة اضطرارية إلى باكستان ومنها إلى كهوف أفغانستان، وتصفه المصادر المتداولة بأنه شاب ذو “شخصية قيادية”، وبأنه مثّل أحد الخاصة من رجال الثقة حول والده طيلة سنوات.

ورغم أن حمزة لم يكن حاضرا لحظة مقتل والده، فإن الأميركيين عثروا على رسائل متعددة أرسلها إلى والده وتتضمن إعجابه بنهج والده وحرصه على الاستمرار في الطريق ذاته.

وفي عام 2017 صنفت الولايات المتحدة حمزة إرهابيا عالميا، وذلك بعد ندائه الصارخ لاستهدف المصالح الأميركية في كل مكان ومحاولة استثارة القبائل العربية في السعودية للحرب المفتوحة ضد واشنطن متعهدا بالانتقام لوالده.

نقاط قوة
وقد تركزت قوة حمزة بن لادن -بغض النظر عن حياته أو موته- على عناصر عدة أبرزها:

رمزية الوالد: حيث تحول والده أسامة بن لادن إلى أيقونة رمزية لدى الجماعات والتيارات الجهادية في أجزاء واسعة من العالم الإسلامي.

رمزية الثأر الشخصي: الذي يجعل منه حاملا لأزمة شخصية زيادة على نهجه الفكري المعادي للولايات المتحدة، ورغم أن حمزة عاش 11 عاما فقط مع والده قبل أن تفرقهما نيران القصف الأميركي، حيث أقام حمزة وفق ما هو متداول لفترة تحت الإقامة الجبرية في إيران.

الخطاب الحماسي: ركز حمزة في خطاباته القليلة على محاولة تحميس الشباب واستثارة عواطفهم من أجل إعادة تجميع قوة جديدة تعيد للقاعدة قوتها المنهارة، بعد ضربات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

توحيد الجهاديين: أتيحت لحمزة ورقة مهمة من أوراق صراع الحركات الجهادية مع الولايات المتحدة الأميركية، وهي ورقة اللعب على تجميع شتات التنظيمات الجهادية الموزعة نحو العالم، معتمدا على الرمزية التاريخية لوالده وعلى خطابه الحماسي، إضافة إلى حالة الانهيار والتشتت التي أصابت تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

نقاط ضعف
غير أنه إلى جانب نقاط القوة تلك فقد كان حمزة يفتقد عددا من الأوراق المهمة، كما وقفت أمامه عوائق وعقبات عديدة أبرزها:

انعدام التجربة القيادية: فباستثناء كونه ابن أسامة بن لادن لا يوجد شيء يقدم الشاب حمزة أمام رموز التنظيمات الجهادية وزعاماتها، مما قد يجعل سعيه إلى الزعامة بوابة صراع وقتال بين تلك القيادات.

تراجع حركات العنف: لصالح الحراك المدني والعمل السياسي ورفض الشعوب العربية والإسلامية لـ”ويلات الإرهاب”، مما يجعل إحياء خيارات العنف وتفعيل نشاطات جماعاته خيارا محفوفا بالمخاطر في معظم إن لم نقل جميع البلدان الإسلامية، وقد لا يجد سندا شعبيا كافيا.

محلية العنف: حيث انهارت بوفاة أسامة بن لادن أحلام عالمية العنف التي سعى إليها الرجل، وتراجعت إلى محلية العنف، إضافة إلى انحصار مناطقه في كثير من العالم لاعتبارات عديدة، من بينها مرارة التجربة وعدميتها، وحجم التنسيق والمواجهة الأمنية العالمية، فضلا عن عمليات الحوار والتفاوض التي قادتها حكومات متعددة مع التنظيمات المسلحة التي مثلت لسنوات أكبر خطر يتهدد الولايات المتحدة الأميركية.

وإلى أن تتضح الصورة أكثر، وهل تم بالفعل القضاء على حمزة أو أنه نجا من الموت الذي يترصده كل حين، فإنه يظل حتى الآن أبرز صوت في عائلة بن لادن، والأكيد أيضا أنه سينال شهرة أكبر إذا تحققت أنباء مقتله.

شاهد أيضاً

بنين ترفض عبور الشحنة الأولى من نفط النيجر بسبب الخلاف الحدودي بينهما

رفضت دولة بنين، اليوم، تصدير النفط الخام من النيجر عبر مينائها ، بعد أن منعت …