29 أبريل 2024 , 1:05

سيد أحمد ولد ابنيجاره يكتب:ملاحظات للمناقشة على مقال” نحن والمسار الحانوتيّ” (الحلقة 2)

big-7988_ابنيجارهفي أول ردود الفعل على مقال الدكتور الشيخ ولد حرمه ولد ببانا،لاحظت استثمار البعض للمقال وجعله الموضوع الأول لجدل قد لا ينتهي، بينما أرى شخصيا أن المقال في بعده التحليلي يعتبر كاشفا لما تعانيه النخبة السياسية الموريتانية التي ظلت مجرد مطية للأنظمة المتعاقبة في البلاد.

وعموما فإن ملاحظاتي على المقال، وعلى الذين وجدوا فيه ضالتهم لتصديق الواقع، ومن ثم استغلال موقف الرجل في السياسة، لصالح هذا الطرف أوضد ذاك الطرف، تظل في أنه يساهم -في نظري- في تخدير وعي الناس الذين يعيشون الواقع بكل مافيه، ولكنهم يتركون للنخبة التمتع بمعاناتهم سواء ايام كانوا في دهاليز السلطة، أوفي نعيم المحظوظين من الساسة برضا الحاكم  في كل زمان ومكان.

ما أود قوله أن المحاججة اليوم بأن شهادة الوزير ولد حرمه – مع احترامي له – تعد شهادة يستحيل معها تبرير المواقف المؤيدة للنظام الحالي، لا يعكس في الواقع ما ذهب إليه هو نفسه، فبغض النظر عن التحريض الواضح ضد النظام، لا أجد في المقال، إلا حسرة مريرة على واقع سياسي تشكل أفضل تجلياته الماثلة، فسيفساء من المعارضة المتناقضة والمنقسمة والباحثة عن ذات المكاسب التي تحرك الآخرين عادة في صراعها على السلطة.

إذا كان الرئيس ولد عبد العزيز قد شكل مفارقة من حيث الوقت والفعل، فهل يمكن للآخرين أن يعطونا دليلا واحدا على صدق النوايا والإستعداد للتضحية من أجل موريتانيا؟

إنني أسأل هؤلاء، أين كانوا عندما كانت “مستوطنة اليهود” تنعم بالطمانينة والهدوء في عاصمتنا الابية؟

ومن غيره تجرأ في مهرجان التحدي قبل الإنتخابات التي أوصلته إلى الحكم، ليعلن للموريتانيين والعالم غلق هذه المستوطنة التي تمسك بها و تباكى عليها كثير ممن يحاولون اليوم القفز على الأحداث من خلال مقال الوزير؟

أقول ذلك، وأستطيع قول الشيء الكثير، وأنا الذي عشت  حياتي مناضلا من أجل الحرية والكرامة، ولم ولن أقبض كما قبض الكثير من السياسيين، وكما قبض غيرهم، وألهتهم بورصة الكذب والنفاق عن قول الحقيقة.

إن حصر الحديث في ما ورد في سلسلة مقالات الوزير، دون واقع النخبة السياسية التي يستميت بعضها لجر موريتانيا إلى أتون الفوضى والتفكك .. يعد تبسيطا لواقع يعرفه الجميع، فقد كان أحرى بالأقلام التي تمشقها أصحابها لنشر غسيل يتراءى لهم في الخيال، أن يتأملوا في ما أنجزوا  هم وما حققوا من فضائل لهذا الشعب الأبي!.

فكفى تنظيرا ومجافاة للحقيقة .. وكفى جلدا للذات بتحميل ولد عبد العزيز، عجز النخبة وفشل المتاجرين بالمواقف.

لقد ساءني كموريتاني، أن يستحث البعض الخطى لخطف إشارة كاشفة لواقع شامل، ليجعل منها لب المشكلة التي ينبغي علينا  ( موالاة ومعارضة ومستقلين) مع أن المشكلة أعظم  ومعالجتها، تفرض علينا النآي عن اتهام البعض بأخطاء غيره..

إن المنازلة الشريفة تقتضي الحرص على حفظ العهد، وإلا فإن الإنكفاء يعني غدرا.. وإلا كيف نصف من لا عهد له؟

بعض السياسيين لا يلقي بالا لكلمة ولا لموقف، رغم أن كل كلمة وكل موقف قد يحسب له أو عليه.. ولعلنا مازلنا نذكر ،عندما تبدلت الظروف السياسية في فترة سابقة، كيف حاول البعض تبديل مواقفه التي لم تنمح من ذاكرة الشعب الموريتاني ؟!

مثل ذلك يحدث الآن، ولن تتوقف قوافل “المغاضبين”، ولكن يبقى الصدق مع النفس ومع الآخرين السبيل الأفضل للإقناع وليس أسلوب التهويل والتضليل.

إن السؤال الأهم اليوم هو: أين نخبتنا من الواقع الذي يحلو للبعض تفصيله على مزاجه؟

أين وكيف يعيشون؟

ما الذي يقولونه للشعب في المواسم السياسية، وماذا أنجزوا لأنفسهم من مجد ومال، بعيدا عن أعين المستضعفين الذين تعودوا على تخديرهم بالإشاعات والمغالطات في معركتهم ضد خصومهم السياسيين؟

ماذا سيقولون غدا إذا جاء رئيس جديد، وكم من حكاية رخيصة سيجعلون منها سبقا إعلاميا لإلهاء مريديهم الفضوليين؟

المشكلة تكمن هنا  في هذه النخبة الفاشلة والعاجزة،  التي دأبت  دوما على لعن الظل الذي تفيئ إليه،  وهي  من هي؟ تحسب النور ظلاما والرخاء جحيما !!! ..

فهل يمكننا أن نصدق هذه النخبة بعد الآن؟

siddirp@gmail.com

شاهد أيضاً

الْمَقْصُورَةُ فِي الْمَسْجِد.. / القاضي أحمد ولد المصطفى

المقصورة في المسجد : باستغلال، وجمع مختصر للغاية بين كلام اللغويين والفقهاء هي مكان يُتَّخَذُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *