7 مايو 2024 , 19:59

العفو الملكي في المملكة المغربية الشقيقة يفتحُ أبواب المصالحة أمام معتقلي”السلفية الجهادية”

كان لافتاً أن يشْملَ العفو الملكي الأخير  في المملكة المغربية الشقيقة بعضاً من معتقلي السلفية الجهادية المحكوم عليهم في قضايا التطرف والإرهاب، بعدما أبانوا عن مراجعات في مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية، وأعلنوا بشكلٍ رسمي نبذهم لكل أنواع التطرف والإرهاب، حيث أقرَّ عدد من المتتبعين بأنَّ الأمر فيه رسالة من أعلى سلطة في البلاد مفادها “فتح فصل جديد من فصول المصالحة”، معتبرينها “خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، الذي طالما نادت به الهيئات الحقوقية”

ويتعلق الأمر بـ22 معتقلا إسلاميا، توزعت أحكامهم بين أربع سنوات والمؤبد، شاركوا في الدورة الثانية من برنامج “مصالحة”، الرامي إلى إعادة إدماج هؤلاء السجناء ومصالحتهم مع المجتمع، والمنجز بشراكة بين المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، ووزارة العدل، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان

وتأتي هذه المبادرة الملكية استجابة لملتمسات العفو، التي دأب هؤلاء السجناء على رفعها بعدما راجعوا مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية، وأعلنوا بشكل رسمي نبذهم لكل أنواع التطرف والإرهاب، وتشبثهم القوي بثوابت ومقدسات الأمة، وتعلقهم الراسخ بالمؤسسات الوطنية.

ويرى متتبعون أن المغرب يتوخى من فتحهِ باب المصالحة مع المعتقلين الإسلاميين إنهاء الصراع القائم بين الدولة وبعض الأطياف الدينية، التي تعاني مشكلة عدم القدرة على الانضباط داخل الهياكل الدينية الرسمية، مضيفين “بهذا العفو عبرت الدولة بوضوح عن التزامها بما اتفقت عليه مع السلفيين، الذين قبلوا بمراجعة أفكارهم وإيديولوجياتهم المتناقضة مع قناعات أغلبية المجتمع”.

كما أن المقاربة الرسمية من شأنها تعزيز الثقة بين الدولة والجماعات المعنية، ومن شأنها أيضاً القضاء على المخاطر الأمنية، التي تواجه المغرب منذ أزيد من عقدين، حسب عدد من المراقبين، الذين أكدوا أن مسألة الثقة المتبادلة تمثل لبنة أساسية في أي مقاربة تهدف إلى إرجاع المياه الأمنية إلى مجاريها الطبيعية.

حليم المذكوري، الخبير الهولندي في قضايا الإرهاب والتطرف، يعتبرُ أنّ مبادرة الملك للعفو عن بعض المدانين ليست مفاجئة لأنها تشكل جزءا أساسيا من المقاربة التي تنتهجها الدولة. كما أنها تؤكد جدية الدولة في تنفيذ وعودها للمعفى عنهم بعد قبولهم بشروط الدولة، ومن بينها مشاركتهم في برامج هدفها مغادرة مسرح التطرّف ومراجعة الأفكار الدينية، التي كان يعتمدها المتطرفون في إضفاء “الشرعية السماوية” على أنشطتهم المهددة لأمن وسلامة البلد.

ويمضي المذكوري في المنحى ذاته قائلاً إنَّ “هذه المقاربة المعتمدة عدة سنوات هي إحدى ميزات السياسة المغربية في محاربة الخطر الإرهابي والتطرف”، مضيفاً أنه “إلى جانب اليقظة الأمنية والحزم القضائي تحاول السلطات كذلك إعادة إدماج المتطرفين في المجتمع لتفادي عودتهم إلى أنشطتهم الراديكالية، التي قد تعرض أمن المجتمع للخطر مجددا”.

ويشير الخبير في العنف السياسي إلى أنَّ هذه المقاربة التي تندرج في المغرب تحت مسمى “مصالحة” أصبحت تنتهج في جل البلدان التي تعيش خطر الإرهاب، فأول بلد عرف مثل هذه المقاربة هي مصر أواخر القرن الماضي/ بداية القرن الحالي، حيث قررت الجماعة الإسلامية هناك الشروع فيما يسمى بـ”نهج المراجعات”، الذي أدى في الأخير إلى إطلاق سراح الآلاف من أعضائها من السجون المصرية، وسمح للجماعة بأن تتحول إلى جماعة دعوية تنبذ العنف.

ويعدد الباحث في قضايا التطرف مميزات المقاربة المغربية، إحداها تكمنُ في مشاركة أطراف مختلفة، حكومية وشبه حكومية، في برنامج “مصالحة” كالجهات المكلفة بحقوق الإنسان، التي لها دلالة خاصة في هذا المضمار، قبل أن يضيف مستدركاً “أود أن أرى مشاركة أطراف أخرى غير الجهات الأمنية كمؤسسات وجمعيات المجتمع المدني، اتحاد المحامين، وزارة الشؤون الاجتماعية والشغل والأسرة

شاهد أيضاً

مايغا : المملكة بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس عملت دوما علي تحقيق الاستقرار في مالي

أكد الوزير الأول المالي، تشوغويل كوكالا مايغا، أن المملكة المغربية الشقيقة تعد بلدا صديقا تعتمد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *