27 أبريل 2024 , 16:58

هوامش على مقال السيد هيبتنا..!

66655

في مقال طويل احتل واجهات بعض المواقع الألكترونية ليوم كامل، طفق مدير مشروع تثمين التراث في عهد النظام السابق هيبتنا ولد سيدي هيبه، ينفق مما تبقى من رصيد الواقفين على رصيف اليأس والإحباط، من بقايا الشخوص المتناثرة على درب “الرحيل” المقفر، بلغة عربية لا تتناسب ومكانته العلمية، مستخدما مفردات أقرب إلى ثقافة السوق الواطئة.

يستهل الكاتب مقاله بالتساؤل عما إذا كان الحوار هو الحل السحري، ودون أن يشخص المشكلة التي يبحث لها عن حل، يجيب في سطره الأخير بأن الحوار في حال حدوثه لن يكون الحل السحري.. وبين السطرين الأول والأخير يتقيأ ولد سيدي هيبة من عبارات التشهير والقدح في حق الرئيس محمد ولد عبد العزيز أكثرها بذاءة..!

يتحدث رئيس سلطة “الهابا” السابق عن حكم العسكر لهذه البلاد على مدى 40 سنة كان خلالها يغير جلده فقط، ليضيف ” وليس آخر إفرازاته المتناهية التعسف و النزعة البيْعية الشرائية و الفساد و المحاكاة و النفاق و عدم الكفاءة و سوء التسيير، ليست هي التي تشذ عن هذه القاعدة الذهبية”.. هنا نسجل للسيد هيبتنا هذا الاكتشاف المتأخر بإضافته لحقبة الرئيس السابق ولد الطائع إلى حكم العسكر.

يستطرد الكتاب “من التصور الخاطئ الغير مجدي اعتقاد إمكانية الثقة في هذا النظام المبني على الحنث، على الانقلاب الدائم، وعلى الدهاء – لكي لا نقول الخداع – على الرشوة و اللجوء التلقائي إلى القوة الغاشمة ضد الخصوم السياسيين و المدافعين عن حقوق الإنسان (المناضلين ضد الاستعباد) و بسطاء المواطنين الذين يقفون سلميا في وجه التعسف”..

المؤكد أن النظام لو كان قمعيا حقا لابتلع الكثيرون ألسنتهم، لكن هامش الحرية غير المسبوق والتغاضي المبالغ فيه عن كل ما ينشر هو ما دفع بالكثيرين إلى الولوغ في أعراض الناس والتعريض بشخص الرئيس بمناسبة وبدونها، وفي ركب هؤلاء تندرج هذه الروح “الثورية” الجديدة للسيد ولد سيدي هيبا..

قبل سنوات كان الناس “أمة واحدة” بعارضة زرقاء، يكاد العسس يتحسس أحلامهم وهم نيام، ولم يجرؤ أحد- والسيد هيبتنا لديه الخبر اليقين- على ادانة أي فعل يصدر من القصر رغم جرائمه وجرائره التي لا تعد ولا تحصى، ويتذكر الموريتانيون أن السجون كانت مليئة بالعلماء والدعاة والعسكريين واصحاب الرأي فجر الثالث من أغسطس 2005 حينها لم نكن نسمع لأحد من كلمة أو نحس له ركزا، باستثناء القلة القليلة، وما صاحب المقال منها بقريب.

وقد لجأ نظام ولد سيدي هيبه عام 2001 لعقد مؤتمر طارئ للحزب الحاكم وإقالة الأمين العام أنذك محمد يحظيه ولد المختار الحسن لأنه “سمح” بدخول ثلاثة إلى أربعة نواب من المعارضة إلى الجمعية الوطنية لأول مرة في تاريخ البلاد، أقيل الرجل الذي كان نائبا في البرلمان وتم تعيينه لمدة شهر في منصب الوزير الأمين العام للرئاسة ليقال من جديد وقد فقد صفة النائب ومنصب الوزير..

أما اليوم فإن الكل ينتقد النظام بما فيه وما ليس فيه، يستوي في ذالك المعارض والمناوئ ومن يقف بين الموقفين.

إن الاستغلال السيئ لأجواء الحرية التي وهبها الرئيس محمد ولد عبد العزيز، قناعة منه بحتمية بناء دولة القانون والمؤسسات، هو الذي يدفع كبار “مثقفي” البلد و”متنوريه” إلى السقوط، في مستنقعات يعافها الذباب، لما فيها من تردي ودونية وانسحاق..

لن نرد على السيد هيبتنا بما تفوه به من عبارات، ولن نقول إن كل إناء بالذي فيه ينضح، فالوازع الديني والأخلاقي، وفارق السن والعلم والتجربة يحول بيننا مع ذالك، لكننا نربأ بالرجل أن يضع نفسه في مواطن كهذه، وأن ينزل بها إلى هذا المستوى من الدونية والسقوط المدوي.

يختتم السيد هيبتنا مقاله بما ابتدأ به: ” إن صخرة سيزيف “العزيزية” وعنوانُها الحوار الوهمي ستظل إذن تُدحرج أو سننتظر وعود عرقوب و كلام “الرئيس المؤسس” و تعهداته التي لم و لن يفيَ بها.”.. إذا لم تقنعك الشواهد والمشاهد الماثلة فأنت معذور على أية حال.. “إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”.. صدق الله العظيم..

سيدي محمد ولد ابه

sidimoha@yahoo.fr

شاهد أيضاً

بين الطوباوية والبرغماتية / الولي ولد سيدي هيبة

اثبتت دراسات قيمة أن أكثر ساكنة المعمورة جنوحا إلى السلم هم ساكنة ضفاف الأنهار، التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *