30 أبريل 2024 , 0:25

نسيبة.. والتزوير الإيجابي… يكتبها / العربي ولد الطالب

 g7wr

حفلت المواقع الألكترونية بكثير من اللغط خلال الأسبوع الماضي بعد أن فجر الإخوان إحدى قنابلهم الصوتية التي تضعهم على الواجهة الإعلامية، ويشغلون الناس بها عن المهم من شؤونهم. ولأنهم أتقنوا تقسيم الأدوار، وتعدد الأوجه فقد عهدوا إلى من لم يستح من التزوير في “الراية”، وإطلاق الشائعات في “السراج”، والكذب في “الصميم” بفبركة رواية تجعل نسبة تركيز الميلانين سبابا في إقصاء فتية آمنوا بشريحتهم وزادهم الإخوان ضلالة. كانت تلك التدوينة العنصرية إشارة انطلاق لحملة إعلامية أنعشتها عشرات الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها لمورد لجهة عمومية معروفة. وتداعت الأكلة على قصعة اللون والفئة والعرق، فذهبوا بإفكهم كل مذهب.. حلت مدرسة من أطار محل نسيبة.. وإذا كانت مشكلة شباب نسيبة في ألوانهم، فهل أطفال أطار من سلالة اسكندنافية؟ وهل من بين مواطني الجمهورية الإسلامية الموريتانية شخص أبيض حسب تعريف أصحاب نظرية الأعراق؟ فنحن جميعا سود يتفاوت تركيز مادة الميلانين لدينا بفعل العوامل الجغرافية. ومنذ نشأة الدولة كان الممارسون للرياضة عموما من سكان المدن، وقلما مارسها البدو، ولم يقف ذلك حائلا دون تمثيل الجمهورية في كل المحافل الدولية. فلم يشترط في أي فريق التدرج في نسبة تركيز الميلانين لدى أفراده ليحق لهم تمثيل الوطن.
والآن، وقد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، واتضح للجميع، إلا من أقسم أنها عنزة ولو طارت، أن ما منع شباب مدرسة نسيبة1 من المشاركة في الدورة الرياضية هو أن أعمارهم تجاوزت بسنوات السن الأقصى لقبول المشاركة وهو إحدى عشرة سنة. فالسؤال المهم ليس لماذا منعوا من المشاركة في دورة ينظمها بلد أجنبي يضع لها المعايير التي يراها، بل ما الذي يفعله شاب من مواليد 1990(25 سنة) في الإعدادية؟ لماذا سمح له بالبقاء في مرحلة تعليمية تجاوزتها سنه بسنوات عديدة؟ لماذا سمح له بالبقاء في الإعدادية بعد تخرج أقرانه في الجامعة؟ سيجادل سفهاء الحقوقيين بأن ذلك حق مكتسب بفضل نضالاتهم التي فرضت “التمييز الإيجابي”.. نفس التمييز الإيجابي هو الذي يمنع شرطي المرور من التعرض لعربة يجرها حمار في أكبر شوارع العاصمة، رغم صراحة القانون في منع ذلك. لكن الذي يلهب ظهر الحمار، ويعطل السير من شريحة معينة يحميها “التمييز الإيجابي” من تطبيق القانون. فحين يزهق صاحب عربة صغيرة نفسا بشرية يوقف، لكن إيقاف سائق الشاحنة الذي ارتكب نفس الجرم، استهداف لشريحة معينة… وبذلك يتم استغلال “التمييز الإيجابي” ليصبح سلبيا، يؤلب فئة اجتماعية ضد فئات أخرى.
يعلم الإخوان أن اللون بريء من منع شباب مدرسة نسيبة1 من المشاركة في الدورة، فالذي منعهم هو التمييز الإيجابي الذي أبقاهم في الإعدادية، وقد تجاوزتها أعمارهم بكثير، والنظم التعليمية في العالم ليس فيها تمييز إيجابي إذ المنافسة في العلم الذي لا يعرف التمييز، لا سلبا ولا إيجابا. فما ينبغي هو ضبط المنظومة الدراسية بحيث تناسب الأعمار الدراسية الأعمار البيولوجية، ويتساوى المواطنون أمام القانون، بلا تمييز، سلبي أو إيجابي، لأن كل تمييز هو في الأساس سلبي، وإن ظهرت له بعض الإيجابيات العرضية.
ولعل ما أغضب “الحقوقيين” هو امتناع الحالة المدنية عن الاسترشاد “بالتمييز الإيجابي” لممارسة “التزوير الإيجابي” لصالح شباب مدرسة نسيبة1(إقصر أعمارهم) ليصبحوا جميعا في السن التي اشترطها منظمو الدورة. كان التزوير، في حقب ماضية أمرا عاديا (إقصر عمر) كل موريتاني، أو يطيله، حسب الحاجة؛ فيغدو الموظف أصغر من حفيده ليتحاشى التقاعد، والطفلة أكبر من أمها لتستغل موسم الحج لجلب البضائع.. ولا يحتاج الأجانب أكثر من ساعات ودريهمات ليتمتعوا بامتيازات المواطنة كاملة. قضت الوثائق المؤمنة على كل ذلك فحاربها المندسون، والمجرمون باسم الحقوق.
لقد ظلم “التمييز الإيجابي” شباب مدرسة نسيبة1 مرتين حين كان سلبيا فأضاع أعمارهم على كراسي مدرسة لم يعد جيلهم ينتمي إليها، وحين لم يكن “إيجابيا” بما يسمح لهم بالتزوير فمنعتهم “عنصرية الدولة” من تسخير أجهزتها لاستخراج أوراق، مجرد أوراق، تشهد أنهم ولدوا كلهم عام 2004. فشعروا بمرارة الظلم الذي وقع عليهم حين تمسكت الحالة المدنية بالحقيقة، ولم تجارهم وذويهم، ومن ظاهرهم من “الحقوقيين” في كذبتهم البريئة براءة الطفولة التي يريدون العودة إليها في عمر بلغ 25 سنة. وبلغت بهم المرارة حد التظاهر مطالبين بحقهم في “التزوير الإيجابي”، وحين تصدى لهم أقرانهم من رجال الشرطة ظهر أن مواليد 2004 زادهم الله بسطة في الجسم ومعرفة بفنون الكر والفر.. فتراهم مشمرين عن سواعد مشعرة، وبراءة الأطفال في عيونهم، والحجارة والهراوات في أيديهم، تهتف حناجرهم الطرية بشعارات لا تناسب أعمارهم الافتراضية… فأطفال نسيبة الذين أنجبتهم في سنة واحدة فرادى وتوائم، كل واحد منهم بعيد ما بين منكبيه، طويل النجاد، شلولخ، لكنه مستعد للعودة إلى المهد، وإعادة تعلم الحبو، حين تبتعد الشرطة، ونسيان اللغة “ليمشل نشيب أحشن تمجيل”…
لقد كان هذا النظام، الذي يتهمه الإخوان زورا بالعنصرية هو من مكن الشرائح كلها من رفع عقائرها مطالبة بحقوقها، ورفع التابوهات الاجتماعية عن الممارسات التي تحكم بالدونية على فئة دون أخرى. كان الناس، قبل هذا النظام يهمسون باسم لمعلم، وينطقون الحرطاني على استحياء… وبفضل هذا النظام أصبح للمعلمين حراكهم، وللحراطين ميثاقهم. بعد أن كان لمعلم (ولد عم ذيك الصدراية)، أصبح يفتخر، وحق له، باشتقاق اسمه من العلم والتعليم. ورسخ هذا النظام محاربة مخلفات العبودية في الممارسة اليومية، والثقافة الشعبية فعاقب القانون من يستخدم صفة العبد غير مضافة إلى أسماء الله الحسنى، وشملت الحرية صاحبة المثل الشهير (امرأة ولد بونه). ثم يأتي الإخوان ليتهموا من أطلق برنامج أمل، وأنشأ وكالة التضامن، وأهل الحي الساكن للسكن بتوفير المرافق وتخطيط العمران، ودشن تجمعات بورات، وفم لقليته.. بالعنصرية لأن حاصل طرح 1990 من 2015 لا يساوي إحدى عشرة سنة ليتمكن شباب مدرسة نسيبه1 من العودة إلى الطفولة بعد اتساع الهوة بينهم وبينها…
والأدهى من كل هذا هو خرجة أحد مثقفي الشريحة، ممن يمسكون العصى من النصف، فيؤذن للنظام ويقنت لإيرا، بمطولة وضع فيها “رواية الحقوقيين، ورواية الدولة…” على نفس المستوى من عدم الإقناع، وهو موقن بتهافت رواية من يسميهم “الحقوقيين” بدل “الإيراويين”، كما يسمي الصيارفة الربا فائدة. ويعلم علم اليقين أن الدولة لم تقدم “رواية” وإنما أبرزت أدلة وبراهين على شروع شباب مدرسة نسيبة في تزوير أعمارهم لينافسوا أطفالا حقيقيين لم يحظوا بتمييز إيجابي. وينسب ذلك إلى الوسطية! ولعلها وسطية الإخوان التي هدتهم إلى إنكار بعض الحدود، وشجب “وصمهم” بصفة الإسلاميين، لأنها من التنابز بالألقاب! وبين الإخوان وإيرا من الوشائج ما جعلهم يتعاونون من قبل على حرق كتب الفقه، ويتظاهرون اليوم على التزوير…
العربي ولد الطالب

شاهد أيضاً

ولد الغزواني: القضاء على الفقر لم يعد ممكنا بسبب الأزمات والإرهاب

قال الرئيس الموريتاني ورئيس الاتحاد الإفريقي محمد ولد الشيخ الغزواني، إن القضاء على الفقر لم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *