28 أبريل 2024 , 3:57

“الرحيل المر”بقلم محمد محمود الصيام

siyam_862376093

كنت قد عدت للتو  ، تركت البيت مع أولى خيوط الشمس قبل أن أغفل عائدا إليه وسط ظلام الليل ، سلكت الطريق إلى العالم الأزرق الذي اعتاد الناس في أيامنا هذه العيش بين جدرانه ينفذون أدخنة  أحزانهم وينشرون أريج أفراحهم ويواسون بعضهم …

صفعتني تدوينة لأحد الأصدقاء يترحم فيها على الأخ احمدو ولد عبد العزيز نجل الرئيس الموريتاني ، قذفتني التدوينة إلى قاع الصدمة … تشبثت بهاتفي ، طلبت رقم أحد الأصدقاء ،  أكد لي الخبر ، نعم رحل احمدو هذا المساء إثر حادث سير هو وأحد الصحفيين الشباب  …

أول ما جال في خاطري هو  كيف كان وقع الخبر على السيد الرئيس  ؟

لا تقدير لمرارة الفقد ، فهي عاصفة كالريح  ، مؤلمة كرؤوس الخناجر في الأحشاء ، خصوصا  إذا تعلق الأمر بإبن هو بمكانة الصديق والمفخرة بالنسبة لأبيه .

قضى  الراحل سنوات عدة مغتربا في إطار تحصيل علمي  يستوطن أعماقه حلم المساهمة في نهضة وتنمية بلد هو بحاجة ماسة إلى سواعد ابنائه  .

حين عاد  وعلى حداثة سنه بادر إلى تسلم مهامه كرئيس لهيئة  الرحمة الخيرية ، فكان  يوزع المساعدات على الفقراء و المساكين …

لم يسجل له حضور سياسي ، فقد اختط لنفسه فيما يبدو مسارا مغايرا  ، بيد أن القدر لم يمهله  لإكماله .

شاء القدر أن تكون النهاية مساء الثلاثاء الماضي  وهو في طريق العودة  من مهمة إنسانية في الشرق الموريتاني .

اللافت في حكاية الرحيل هذه هو مقدار التوافق الذي بدا عليه الشعب الموريتاني بمختلف مكوناته  ،والذي تمكن قراءته في دروب المؤازرة التي سلكها  المواطنون  بما في ذلك ممثلوا القوى السياسية في البلد على تباين مواقعها من النظام  .

يذكر أن الراحل كان يشغل ايضا منصب نائب رئيس منظمة إيمان العالمية المهتمة بحوار الأديان ومواجهة التطرف ودعم الأصوات المعتدلة في العالم العربي والتي وصفه رئيسها السيد ريبال الأسد بأنه كان صاحب التزام عميق، ووطنية عالية، يعمل دون كلل، ودون أدنى رغبة فى الاعتراف له بالجميل، لقد كان يمثل البلد الذي ينتمى إليه أحسن تمثيل .

أختم برثاء كتبه ذات يوم طه حسين لمصطفى العقاد  رحمهم الله جميعا

 

أمثالك تموت أجسامهم ،لأن الموت حق على الأحياء جميعا، ولكن ذكرهم لا يموت لأنهم فرضوا أنفسهم على الزمان، وعلى الناس فرضا ،وسيوارى شخصك الكريم في أطباق الثرى، ولكن القبر الذي سيحتوي شخصك  ، لن يستأثر بك لأنك في قلوب الذين يحبونك.

كل التعازي لرئيس الجمهورية وكافة أفراد العائلة الكريمة  ولعائلة الصحفي انجاي ايضا الذي قضى في نفس الحادث و تغمد الله  الفقيدين  بالرحمة والمغفرة  وإنا لله وإنا إليه راجعون .

 

siyammed@gmail.com

شاهد أيضاً

الْمَقْصُورَةُ فِي الْمَسْجِد.. / القاضي أحمد ولد المصطفى

المقصورة في المسجد : باستغلال، وجمع مختصر للغاية بين كلام اللغويين والفقهاء هي مكان يُتَّخَذُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *