7 مايو 2024 , 14:39

أمريكا تدخل افريقيا من بوابة “بوكوحرام”

9

تضع الاستراتيجية الأمريكية ضد الارهاب العبء الأكبر على عاتق وكلاء محليين وجيوش دول أخرى مع قيام القوات الأمريكية بدور قتالي محدود. ويركز البنتاغون على تقديم المعلومات والدعم لقوات صديقة لمحاربة الجماعات الجهادية.

ولكن إرسال الولايات المتحدة الأمريكية لمزيد من قواتها إلى إفريقيا بدعوى محاربة الإرهاب، يشير إلى استراتيجية واشنطن في الانتشار بالقارة السمراء، مع إعلان البنتاجون، إرسال عددٍ من جنوده إلى دولة النيجر بحجة مكافحة “الإرهاب” لتنضم إلى خطة أمريكا للانتشار في وسط إفريقيا.

وقد قال التلفزيون الرسمي ومصادر أمنية في النيجر: إن الولايات المتحدة أرسلت أكثر من 30 جنديًّا إلى وسط النيجر للمساعدة في تدريب القوات المحلية على قتال جماعة “بوكو حرام” الذي أعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.وتقع النيجر في وسط ممر صحراوي يستخدمه متشددون إسلاميون يرتبط بعضهم بالقاعدة، ويقع بين شمال مالي الذي تسوده الفوضى وجنوب ليبيا القاحل.وقال التلفزيون الرسمي: “إن السفير الأمريكي يونس ريديك زار الجنود في وقت سابق يوم الجمعة في القاعدة الموجودة في المدينة التي تمثل بوابة للشمال الصحراوي”.وقال مصدر عسكري في النيجر: “إن التدريب بدأ في منتصف أكتوبر في أجاديز بأكثر من 30 مدربًا أمريكيًّا سيقومون بتدريب أكثر من 100 من جنودنا”.

100 جندي لمواجهة بوكوحرام

وفي فبراير الماضي قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما للكونجرس: إن وزارة الدفاع أرسلت نحو 100 جندي إلى النيجر لمباشرة عمليات القيام بطلعات استطلاع لطائرات بلا طيار فوق مالي، وتبادل معلومات المخابرات مع القوات الفرنسية التي تقاتل متشددين مرتبطين بالقاعدة.وقال أوباما في رسالة إلى زعماء الكونجرس: إن آخر 40 عسكريًّا من بين ما يقرب من 100 عسكري وصلوا إلى النيجر يوم الأربعاء و”أرسلوا بأسلحة بهدف توفير الحماية والأمن لقوتهم”.”هذا الانتشار سيوفر الدعم لجمع معلومات المخابرات وسيسهل أيضًا تبادل معلومات المخابرات مع القوات الفرنسية التي تقوم بعمليات في مالي ومع شركاء آخرين في المنطقة.”وأعلنت النيجر حالة الطوارئ في منطقة ديفا في جنوب شرق البلاد، الأربعاء 14 أكتوبر، بعد مقتل نحو 40 شخصا في الأسابيع الماضية بهجمات شنتها جماعة “بوكو حرام”

قوات أمريكية في الكاميرون

ليست النيجر وحدها من تدعمها أمريكا في مواجهة تنظيم “بوكو حرام” الإرهابي، بل إن هناك قوات أمريكية في الكاميرون، ونيجيريا ومجموعة الدول المتضررة من هجمات تنظيم “بوكو حرام”.وفي 14 أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عن إرسال 300 عسكري أمريكي إلى الكاميرون لتنفيذ عمليات تتصل بالاستخبارات والمراقبة والاستطلاع الجوي في إطار مواجهة جماعة “بوكو حرام” الإسلامية المتطرفة.وصرح مسئول أمريكي بأن العملية تأتي في إطار جهد مكثف من الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة “بوكو حرام”.هذا وأشار البيان الصادر إلى أن القوات التي سترسل إلى الكاميرون ستكون مسلحة لضمان أمنها وحمايتها، مضيفًا أنها ستبقى هناك حتى يصبح وجودهم غير ضروري.

حلف إفريقي

كما شكلت دول وسط إفريقيا حلفًا عسكريًّا لمواجهة الأخطار والهجمات المتكررة من قبل تنظيم “بوكو حرام” الإرهابي، فتشارك الكاميرون والتشاد والنيجر ونيجيريا في حلف عسكري أنشئ مطلع 2015 للتصدي لجماعة “بوكو حرام” التي نفذت عدة عمليات انتحارية في عدد من هذه الدول.ومن المفترض أن تعمل القوة المشتركة وقوامها 8700 فرد ومقرها في نجامينا عاصمة تشاد بكامل طاقتها، وتضم قوات من تشاد والنيجر وبنين ونيجيريا والكاميرون.وتسببت جماعة “بوكوحرام” المتطرفة بأعمال عنف في كل من النيجر والكاميرون وتشاد، وقد ألقت النيجر القبض على ما لا يقل عن 1100 متشدد، يشتبه بانتمائهم لـ”بوكو حرام” هذا العام.وأظهرت إحصاءات نشرتها الأمم المتحدة، أكتوبر الماضي، أن منطقة ديفا في النيجر شهدت 57 هجوما على الأقل منذ فبراير. ويعيش في المنطقة ما لا يقل عن 150 ألف لاجئ فروا من هجمات “بوكو حرام” في نيجيريا.

انتهاكات جماعة بوكو حرام

هاجمت جماعة بوكو حرام وفي بعض الحالات استولت على أكثر من 130 قرية وبلدة، حيث فرضت تفسيرها لقوانين الشريعة. وارتكب مقاتلو جماعة بوكو حرام أعمال القتل وهدموا ونهبوا المنازل والشركات والمدارس والكنائس والأسواق والمرافق الصحية في ولايات بورنو ويوبي، وأداماوا.امتد العنف إلى مدن كانو، وجوس وكادونا وغومبي، وباوتشي، ولاغوس، وأبوجا، وإقليم العاصمة الاتحادية، حيث قتلت عدة تفجيرات – زعم المتمردون مسؤوليتهم عنها – أكثر من 410 أشخاص. ومن بين حوالي 6 آلاف مدني قتل في هجمات نفذتها جماعة بوكو حرام منذ عام 2009، قتل أكثر من 2563 شخصاً في سنة 2014 وحدها.

دمرت جماعة بوكو حرام منذ 2009، ما لا يقل عن 211 مدرسة في بورنو وحدها، واختطفت أكثر من 500 سيدة وفتاة من الشمال الشرقي، نجحت أكثر من 100 على الأقل من بينهن بالفرار أو أُنقذت على يد قوات الأمن أو أُطلق سراحها من قبل المتمردين. عانت بعض المُختَطَفات من انتهاكات أخرى كالعنف الجنسي، والزواج القسري، واعتناق ديانة أخرى قسراً.وفي أكبر عمليات الاختطاف حتى الآن، خطفت الجماعة 276 طالبة من مدرسة ثانوية تديرها الحكومة في تشيبوك، بولاية بورنو، وتبقى 219 من بين الطالبات في الأسر. تعرض الطلاب الذكور أيضاً للاستهداف في هجمات جماعة بوكو حرام على المدارس: فقتل المسلحون أكثر من 100 طالب في المدارس المملوكة للحكومة في بوني يادي وبوتيسكوم، بولاية يوبي، خلال هجمات في شهري فبراير/شباط ونوفمبر/تشرين الثاني. كما اختطف المسلحون وجنّدوا قسراً مئات من الشبّان والصبية؛ أما من يقاومون التجنيد فالإعدام مصيرهم.

إستراتيجية التغلغل

قرارات باراك أوباما تعبر عن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة؛ حيث يتزامن هذا الاهتمام الكبير بإفريقيا مع التفكير الجديد في واشنطن بأن الحروب الكبرى مثل العراق وأفغانستان هي أقل بكثير من المحتمل في المستقبل؛ لذلك حان الوقت لتغيير الأولويات نحو التحضير الأصغر للصراعات الإقليمية.وفي أكتوبر2015، قرر باراك أوباما تقديم دعم مالي بقيمة 45 مليون دولار لخمس دول إفريقية لدعم قدرتها على التصدي لتنظيم “بوكو حرام” الإرهابي الآخذ في التمدد في منطقة جنوب غرب الصحراء الكبرى. وقال نيد بريك الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: إن جمهورية بينين والكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا ستحصل على الدعم الأمريكي، وجميعها تتشارك في الحوض التشادي العظيم بغرب إفريقيا، ويستهدف الدعم كذلك دعم القدرة الحركية لقوات مكافحة الإرهاب لتلك الدول من خلال التدريب وتنفيذ مهام العمليات المشتركة.

كما ووقعت الولايات المتحدة والنيجر على اتفاقية في يناير 2015 تنظم وجود القوات الأمريكية في النيجر ممهدة الطريق أمام إرسال طائرات استطلاع بلا طيار وعتاد عسكري.وصرح مسئول بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بأن القيادة الأمريكية بإفريقيا ” أفريكوم” التي تختص بالعلاقات العسكرية مع إفريقيا أرسلت الطائرات بلا طيار للنيجر لدعم سلسلة من المهام الأمنية الإقليمية والارتباطات مع الدول الشريكة.وللولايات المتحدة بالفعل طائرات بلا طيار وطائرات استطلاع في عدة نقاط حول إفريقيا. وتوجد قاعدتها العسكرية الوحيدة في جيبوتي على بعد أكثر من 4828 كيلومترا من مالي.

وقال مصدر حكومي رفيع: إن النيجر أعطت موافقتها لتمركز طائرات استطلاع أمريكية في أراضيها لتحسين معلومات المخابرات بشأن “بوكو حرام” المرتبطين بالقاعدة في شمال مالي ومنطقة الصحراء الكبرى بوجه عام.وعلى الرغم من انخفاض التأييد للوجود الأمريكي في إفريقيا إلا أنه لا يمكن إخفاء حقيقة أن الولايات المتحدة قاربت على نشر لواء عسكري كامل (5000 جندي) خلال عام 2015، وسيكون لديها أيضًا وجود عسكري في 38 من 54 دولة في إفريقيا، ويمكن لأفريكوم أن تحرك ما يصل إلى 100 بعثة عسكرية منفصلة في أرجاء القارة، وهي غالبًا ما ستكون مدعومة بفرق من وزارة الخارجية الأمريكية والمتعاقدين من القطاع الخاص المتخصصين.وتدخلت فرنسا في مالي المجاورة للنيجر الشهر الماضي، بعد أن تقدمت ميليشيات “بوكو حرام” صوب العاصمة باماكو بعد سيطرتها على شمال البلاد خلال حالة الارتباك التي أعقبت وقوع انقلاب عسكري في مارس 2012.

إنها الاستراتيجية الأمريكية الجديدة للتغلغل في إفريقيا، وبسط النفوذ، عبر الانتشار العسكري والأمني وهو يأتي عبر تنسيق مع حليفتها فرنسا، والتي تعتبر ذات النفوذ الأبرز في القاهرة السمراء، محاربة الإرهاب هي إحدى الطرق الأمريكية للتغلغل في القارة الغنية بالثروات والغنية أيضًا بالصراعات، والجماعات المسلحة، وهو ما يشير إلى استراتيجية أمريكية لمد النفوذ والسيطرة تحت ذريعة محاربة الإرهاب

شاهد أيضاً

مايغا : المملكة بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس عملت دوما علي تحقيق الاستقرار في مالي

أكد الوزير الأول المالي، تشوغويل كوكالا مايغا، أن المملكة المغربية الشقيقة تعد بلدا صديقا تعتمد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *