مضى احد عشر شهرا على وفاة فقيد المساجد و المحاظر و بذل المال على هلكته في الحق و الذي يعتبر اختفاءه ثلمة في مجال القضاء حيث تندر في هذا الزمان الصفات التي جلبه الله عليها من أمانة و ورع و زهد و نزاهة و استقامة على النهج القويم.
كذلك يشكل غيابه رزء مس الشأن العام و جميع أعمال البر و أبواب الخير على اختلاف إشكالها قبل أن يمس الأحبة و الأهل.
إنه قاضي مقاطعة المجرية سابقا .
و إيمانا منا بجميع مدلولات و مشمولات ما ورد في القرآن الكريم بأكمله وخاصة الآيات المتكررة الدالة على أن الموت حق و إن الإيمان به جزء لا يتجزأ من الدين و هو حتم كتبه الله على كل نفس و لا يدفعه دواء طبيب و لا بكاء حبيب قال تعالى كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون )العنكبوت 57 (
وقال أيضا قل لا املك للنفس ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل امة أجل إذا جاء اجلهم فلا يستاخرون ساعة ولا يستقدمون (يونس 49).
وقال أيضا و جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد (ق: 19).
إلى أخر الآيات الواردة في هذا الشأن فنحن نؤمن بها إيمانا تاما من غير تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه .
و بنفس الدرجة من الإيمان نؤمن بما ورد في السنة الصحيحة بمجملها وخاصة تلك الأحاديث الواردة في الموت و على أنه حكم به على كل شيء و لا راد لحكم الله. و نكتفي بذكر جانب من هذه الأحاديث الصحيحة و هو الحديث المتفق عليه حديثَ عبد الله بن مسعود رضي اللهخ عنه قال:”حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو الصادق المصدوق، قال: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح و يؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه و أجله و عمله و شقي أو سعيد..إلخ.
هذا نزر من كثير مما ورد في أن الموت قضاء ز قدر يجب الإيمان به و لا ينبغي لهم أن يشغلوا أنفسهم في البحث عن الأسباب و العلل فهو يأتي بسبب و غير سبب.
غير أنه ليس من المعقول و لا من المستصاغ أخلاقيا و لا عرفيا و لا إنسانيا حتى الآن امتناع السلطات الإدارية وقتها من تجهيز سيارة إسعاف مقاطعة المجرية بالوقود لنقل رئيس محكمة نفس المقاطعة و هو في حالة غيبوبة و قد تطلب الأمر ساعات طويلة و اللجوء إلى شخص خارج المقاطعة ليتعهد بضمان وقود سيارة إسعاف تحمل رسم الدولة مسخرة عادة لهذا النوع من الحالات.