إسحاق عبد الرحمن يكتب : ” معاناة مواطن “

أن تكون مواطنا من بلد عربي أمر كاف لدق ناقوس الخطر دوما، فكيف إذا أضفت “للعروبة” طابعا إفريقيا موسوما بصبغة الطبقة الثالثة ( العالم الثالث ).. لا يتمنى أي إنسان أكثر من العيش بأمان وعافية وسبلِ عيش مناسبة ليهنأ بحياة كريمة. لـكنها بطبيعة الحال أمور تنعدم في بلد له من الثروة ما يضمن الرغد لساكنيه إن سُيِّر تسييرا صحيحا.، يَحسَب السَّاسة أنَّ المقدرات لهم دون المواطن البسيط متناسين ” الآية من سورة الحشر …( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ) .. “، وربما ذهب جُلُّهم إلى الهَمَجِيَّة القارُونية ” إنما أوتيته على علم عندي ” بل هي فتنة، مشهد لا يسر الفؤاد ذلك الذي تراه في شبه الشوارع وبين المساكن وفي أزقة السوق، فضلات أطعمة ومخلفات أشربة، سجائر و” بُصاقٌ ” وجيف وبركٌ طينية .. لا وُجود لصرف صحي ولا مستشفيات .. أوبئة جديدة تظهر كلما جادت سحائب الخير بإذن ربها بماء زلال يعرض له ما يكدر صفوه، والضحية هو المواطن. لما نحقق من الكهرباء اكتفاءا ذاتيا بعدُ، فما الداعي لتصديرها لدول الجوار؟، إن كنتَ في ريف أو بادية لا تُضار فيهما ليلا عند رؤية القمر، فلا حرجَ إن انقطع التيار الكهربائي، لكن المفارقة في أنك كمواطن عادي صار لزاما أن تضيف لمعاناتك اليومية بضعَ ساعات من الظلام فيم يفترض أنه عاصمة البلد.. تكمل بها لائحة المقاساة.، فهي معاناة مواطن بيع المؤسسات العلمية في سنة التعليم، إلغاء منح الطلاب، تسريب مواد الامتحان، انحلال الأخلاق وتفش الجرائم بأشكالها .. من سرقة وخطف واغتصاب وحرق، وقتل وإطلاق نار بسبب، كفاكهة – لايُخَوِّلُهَا في جميع الأحْوَال – أو بدون سبب، أرهبت الآمن واسْتَقطَبت الفاشل، فاحْتُرِفَتْ مِهْنَةً مثل اتِّخَاذِ الإعْلاَم مهنة لمن لا مهنة له، لا لعلاقة تربطه به فلا هو مَحْرَمٌ ولا نسيب. معاناة وطن ” فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ” الآية خمسة وخمسون عاما عُمْرُ الإستغلال للمكتسبات الوطنية، حديد ونحاس وذهب ونفط وسمك، والنتيجة فَقرٌ مدقعٌ وتخلُّف بائِنٌ وتدهورٌ متتابِعٌ، فهل إلى خروج من سبيل؟ مساحة شاسعة وماشية متنوعة، وثلاثة ملايين، يتباهى الشقي منهم بأكل المال العام واقتطاع الحقوق من أهلها، ويَعُدُّون ذالك مجدا ومفخرة. نفاق وعطاء ممن لا يستحق لمن لا يستحق، أهوال هي بحق معاناة مواطن بوطن ووطن بمواطن. كبر الغلمان وشاب الشبان ومات الشيوخ .
فما شاب رأسي من سنين تتابعت … طوال ولكن شيبته الوقائع.