الخبرة والكفاءة تحميان ظهر الوزير ولد خونا “افتتاحية”

قد نبالغ إلي ابعد الحدود اليوم حين نقول إن وزيرا ما يملك حصانة خاصة تبعده عن دائرة الخطر حين تقرر حكومته تعديلا أو تدويرا وزاريا …كل من تسلم حقيبة وزارية يعلم جيدا انه قد يسلمها في اليوم الموالي قبل أن تلقى الشمس تحيتها الصباحية علي الأرض…لم يعد منذ بعض الوقت للوزراء رماة يحمون ظهورهم أو مفوهون يدافعون عنهم ..هناك مبدأ الكفاءة والقدرة علي تدوير عجلة القطاع وتسيير أولوياته ورسم سياساته بطريقة واضحة ومقنعة

صحيح أن الرئيس ولد عبد العزيز أجرى أكثر من تعديل وزاري في فترات قياسية …سقط وزراء … وصعد آخرون وبقي القلائل فترة زمنية طويلة يتنقلون بين كراسي الوزارات في سياق ما بات يعرف عندنا بالتدوير الوزاري وهو ما جعل البعض يعتقد أن بقائهم بسبب حماية ظهورهم من طرف نافذين وضباط سامين فيما ذهب البعض إلي فرضية كفاءتهم وخبرتهم في تسيير القطاعات التي قادوها

ولعل الوزير محمد ولد خونا واحد من هؤلاء الوزراء الذين رضي الرئيس عنهم واحتفظ بهم منذ وقت طويل ..وان صحت تأويلات أولائك الذين رجحوا عامل الكفاءة والخبرة ..فإن ولد خونا سيكون بلا منازع علي القائمة فولد خونا يجسد- بحق- مجموعة أرقام صعبة معقدة تحتاج مزيدًا من التحليل الهادئ، فهو خبرة عقدين من الزمن تنقل خلالهما بين إدارات الشركة الوطنية للصناعة والمناجم “اسنيم” مهندسا بارعا إليه أسندت مهام خاصة في مراكز تكوين الشركة التي تولى إدارتها لبعض الوقت متكئا علي رصيد من الخبرة والمعرفة استقاه من رحلاته الدراسية في فرنسا والتكوينات التكميلية في الولايات المتحدة وانجلترا والصين وكندا

ولأنه رقم صعب في معادلة التكوين كلف بحقيبة التشغيل والتكوين المهني لسنوات فغير من واقع التكوين فلسفة ومنهجا فعمت المدارس المتخصصة والمراكز أرجاء البلاد قبل أن يغادر نحو قطاع الطاقة والصناعة والمعادن حيث بدأ الرجل مسيرته المهنية وظل علي رأس القطاع المتشعب حتى أسندت له حقيبة المياه …مسار مهني وتدرج في الوظائف صعودا هبوطا ينفي فرضية حماية ظهره عسكريا أو سياسيا ويؤكد خبرة الرجل وحنكته وكفاءته ويبعد دون شك عن دائرة الاتهام الضابط الذي يشهد مساره المهني علي انشغاله بأمن وطنه عن عوالم السياسة

فهو من ظل يمسك بيد من حديد علي حوزة تراب وطنه يتتبع أثر المجرمين الساعين إلي النيل من استقراره ليحفر اسمه بين كبار ضباطنا الأشاوس في حكاية الثغور وحماية الوطن والمواطن ولعل موقعة الرياض الشهيرة شاهد حي علي الانضباط والتفاني …قدم حينها الضابط الشاب صورة رائعة في الدفاع عن الوطن وشحذ همم الجنود والضباط ليكونوا يدا بيد وكتفا بكتف مشكلين سدا منيعا يحمي حوزة موريتانيا من عبث المجرمين وكيد ومكر المتطرفين

لم يقع الوزير في قاع التخلف كما يعتقد البعض فتحت قبة اكبر البرلمانات حدثت شجارات عنيفة تعدت حدود الكلام إلي العراك القوي والضرب بالسلاح وحسب فقهاء السياسة والقانون فإن تلك المظاهر تجسد سلوك الديمقراطيات الحديثة وتؤكد أن قبة البرلمان لم تعد فضاء لتمجيد سياسات القائد وتقديس وزرائه وتمرير المشاريع دون دراسة وتنقيط …. في أمريكا ودول ديمقراطية عريقة تلاسن نواب وأعضاء الحكومات وتراشقوا وتعاركوا تحت قبة البرلمان فيما سجلت برلمانات عربية عديدة أرقاما قياسية في شجار وتلاسن النواب فيما ينهم و مع ممثلي الحكومات فهي عادة صحية في عهد الديمقراطيات الحديثة

المرابع ميديا