17 مايو 2024 , 17:40

الدستور وطن / بقلم الدكتور أحمدو محمد الحافظ

دستور
(“ماهو الوطن ؟ ليس سؤال نجيب عنه ونمضى إنه حياتك وقضيتك معا “)

محمود درويش شاعر عظيم ولكنه قبل ذلك إنسان ذاق مرارة البعد عن الوطن وجسد بأحرفه العابرة لجدران القلوب والمستقرة في نواحي العقل والمسافرة بك في عالم البوح حكاية وطن خذلاناه جميعا وكانت حروفه وحدها الوفية
. تذكرت مقولة درويش وأنا أتجول في إحدى الدول المجاروة بين مدنها مستمتعا بهوائها النقي وبمستوى التقدم والرفاه الذي تعيشه رغم أنها أقل منا موارد و سكانها أكثر منا عددا لكنه الفرق بين من يملك إرادة التقدم الحقيقي وبين من يدعي البناء الوهمي . آثار اشمئزازي حد التقيؤ التفرج على رجال بلغوا من العمر أرذله وهم يرفعون لا فتات تطالب بتعديل الدستور وأن يترشح الزعيم الخالد لفترة ثالثة ورابعة وخامسة حتى لا يبقى في هذا الوطن شيئ يستحق الاحترام
الوطن هو الدستور هكذا كان يقول الزعيم المصري الراحل سعد زغلول حين حاول فؤاد الأول أن يعدل الدستور ويتجاوز صلاحياته بعد الثورة الأولى في 1919حينها كان سعد زغلول يتحدث عن ضمير أمة وعن دستور ضحى آلاف المصريين من أجل أن تكتب حروفه ولم يكن مستعدا أن يتم تعديله استجابة لنزوات ملك. الذين يتدافعون كالحمام الظمآن على الماء من أجل إقناع الرئيس بتعديل الدستور لا يعرفون حجم جرمهم وطعنتهم لهذا الوطن الذي تعود الطعنات فهم سيقضون بهذا على النقطة البيضاء الوحيدة في تاريخ دساتير العسكر الموهوبة وهي أن تكون فترة الرئاسة محدودة بعد أن كانت بلاحدود
المفارقة المبكية االمضحكة أن بلدا آخر مجاورا يستعد زعيمه لتعديل الدستور ليس للترشح مرة ثالثة ولكن من أجل تقليص مأموريته ، ماكي صال يبحث عن مجد تالد باق يذكره له التاريخ وصاحبنا يراد به أن يسلك نفس الطريق الذي سلكه بعض أسلافه لعله يشرب من نفس الكأس التي كان ساقيها . صحيح أن الدستور مجرد عقد اجتماعي وليس نصا مقدسا كما يتبجح علينا بعض مدونى السلطان ولكنه القيمة الأقدس في الدول التي تريد أن تسير على نهج الديمقراطية وتعديله من أجل رغبات أو نزوات شخص هو إفراغ لدولة المؤسسات من معناها الحقيقي ووأد لحلم لم يبق منه إلا السراب

لهؤلاء الذين يريدون أن يعدلوا الدستور أقول لهم عن درويش وبتصرف خذو ماشئتم من سمكنا وانصرفوا خذوا ما شئتم من نفطنا وانصرفوا خذوا ما شئتم من حديدنا وانصرفوا لكن رجاء اتركوا لنا تلك الورقة البيضاء واقضوا ما تبقى لكم من مأموريتكم وانصرفوا لعل فارسا آخر يأتى فيقضى من هذا الوطن وطرا لينجب أبناء أكثر برورا منكم فأنتم له عاقون وبه مستهترون
د.أحمدو محمد الحافظ

شاهد أيضاً

ولد الطيب : الحكمة والمسؤولية سمات لازمت قيادة حزب التكتل

بسم الله الرحمن الرحيم.لم أتفاجأ بالقرار الصائب الذي اتخذه حزب التكتل بدعم المرشح فخامة الرئيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *