افتتاحية المرابع ميديا : الصحفيون مواطنون وطنيون

تعد الدبلوماسية واجهة أي بلد و وسيلته للتعريف بمقدراته و الدفاع عن مصالح شعبه، و نظرا لأهمية هذا المجال و حيويته و حساسيته فإن النجاح فيه و تحقيق أهدافه يقتضي اشتراك جميع المواطنين خصوصا أولئك المخلصين الذين يعون حجم المسؤوليات و يدركون أن الوطن للجميع و خدمته مسؤولية الجميع حكومة وشعبان معارضة و موالاة، مثقفين و عامة.
و من المستحيل في أي دولة مهما تكن قوتها أن تنجح دبلوماسيتها ما لم يجند الإعلاميون أنفسهم خدمة للسياسة الخارجية لوطنهم، و ليس هذا تقربا إلي نظام حاكم و إنما دفاعا عن مصلحة شعب و سيادة دولة، إن الصحافة في الواقع فاعل أساسي بعد وزارة الخارجية و هي رأس ما يسمي اصطلاحا بالدبلوماسية الموازية بما فيها النشاطات البرلمانية و الثقافية و حتي الرياضية.
و رغم الالتزام بالنهج الصحفي السليم الذي يقتضي الموضوعية و الاستقلالية، و ليس الحياد فالمواطن لا يكون حياديا في قضايا بلده، إلا أن تثمين ما تحقق منذ الاستقلال و حتي الآن يعتبر واجبا و حقيقة يمكننا أن نفتخر بها، لقد كانت بلادنا في سنوات الاستقلال داعما رئيسيا للقضية الفلسطينية استطاعت رغم حداثة النشأة أن تجمع لها الأصوات الإفريقية، كما استطاعت أن تدعم حركات التحرر في إفريقيا و منها علي وجه الخصوص دعم قادة التحرر في غينيا بيساو و جمهورية الكابو فيرد، و في عهد هذا النظام استطاعت بلادنا أن تلعب دورا متميزا في المنطقة ترجمته الزيارات المتبادلة بين رئيس الجمهورية و نظرائه، كما ظهر جليا دورها في إحلال السلام بالمنطقة و من أمثلة ذلك دورها في حل الأزمة الإفوارية، و نجاحها في تحقيق اتفاق و قف إطلاق النار بين الحكومة المالية و الحركات الأزوادية حيث ضحي رئيس الجمهورية و خاطر بنفسه و وفقه الهة ليتم علي يده هذا النجاح الباهر، وقد استطاعت بلادنا اتخاذ موقف الحياد الإيجابي و لها تجربة في ذلك حيث تلتزم نفس الحياد في صراع آخر نتمني أن يلقي حلا سريعا و نهائيا.
و لا يسعني أن أنهي هذا المقال دون الإشادة بالاهتمام الكبير بجالياتنا بالخارج ،و أنا من عايش الغربة و يعي أهمية اهتمام الوطن بمواطنيه، و تجلي هذا الاهتمام في إنشاء وزارة مكلفة بالموريتانيين في الخارج و اتخاذ قرار بافتتاح سفارة في آنغولا، و إجلاء الرعايا الموريتانيين في الدول التي تشهد صراعات، و حماية الثروات البحرية عن طريق الندية في المفاوضات، و هذه كلها عوامل تعزز السيادة الوطنية و تجعل الدبلوماسي و المواطن مرفوعي الرأس، و الصحفي دون شك مواطن يسعد بما يخدم وطنه و يتضرر مما يضره.