14 مايو 2024 , 5:45

بالصور.. عمال الحرف في موريتانيا.. عنصرية وبطالة واضطهاد

1

تطلق شريحة “لِمعَلمِين” في موريتانيا على الصناع التقليدين الذين تميزوا عبر التاريخ بعملهم اليدوي والحرفي، ووفروا صناعة متعددة ساعدت المجتمع في الوصول إلى عصر الحداثة، غير أن الشريحة مع ذلك ظلت ولا زالت تعاني الكثير من التمييز والاضطهاد من المجتمع التقليدي الذي ينظر إليها بسخرية وتختزل ذاكرته الشعبية الكثير من الشائعات الخادشة للأخلاق في حق صناع كانت أياديهم تراثًا أصيلاً للبلد وساكنيه.

 

عانت شريحة “لِمعَلمِين” بموريتانيا من ظلم تاريخي مجحف بسبب النظرة الدونية من قبل المجتمع، اذا كان يعتبر الشريحة عبارة عن أفراد غير محسوبين على أي من المكونات القبلية في البلد، معطيا بذلك صورة قاتمة عنهم واصفا إياهم بفقدان الأخلاق الحميدة من علم، ومروءة، وأنفة، وشهامة، مكتفيًا بمنحهم كل الأوصاف السيئة من غش، وكذب، وجهل، وخيانة للعهود، ولم تقف عملية اضطهاد الشريحة عند هذا الحد بل ذهبت المخيلة الشعبية لتقول إنه لا صلاة لمن يصلي خلف أئمة “لِمعَلمِين“.

 

 

وترفع الشريحة الآن شعار البحث عن حقوقها التي طالت الجانب المعنوي اذ يعتبر المجتمع التقليدي أن “لِمعَلمِين” نسبا ومنهة، غير أن مراجع النسب التي خلفها الكثير من فقهاء موريتانيا توضح أن الشريحة من نفس أصول المجتمع (عرب ـ بربر – صنهاجه – زنوج)، وأنها إلى جانب ذلك تنقسم إلى قبائل شتى من كل الاعراق السالفة الذكر.

 

نضال ضد التمييز

 

شكل مثقفو “لِمعَلمِين” عدة إطارات للدفاع عن حقوقهم وتوجيه المجتمع إلى طريق واضح للتخلص من براثين تلك الحقبة السوداء من التاريخ التي تظلم الشريحة، حيث قرروا تعيين مجلس للدفاع عنهم، إضافة إلى انشاء منابر على شبكة التواصل الاجتماعي “فيس بوك” تسمى “حراك لِمعَلمِين” و “شريحة لِمعَلمِين” تعنى في الأساس بالدفاع عنهم وتوضيح اضطهادهم والدعوة لإنهائه بشكل عاجل.

 

ويرى الناشط الحقوقي الشيخ ولد بيب وأحد أوجه شريحة “لِمعَلمِين” إن ظلم شريحته وتهميشها ممنهج حيث تحظى بتمثيل لفرد أو اثنين في السلطة، معتبرا أن الحل الجذري لإنهاء ظلم الشريحة يكمن ابتعاد المجتمع عن الخرافات ونبذ الفرقة والعصيبة الجاهلية التي تنظر للآخرين نظرة استهزاء وسخرية، دون استناد لأي سند شرعي أو تاريخي يعيب العمل اليدوي ويجعل منه منقصة، مستدلا بالسنة النبوية التي تمجد العمل وتعتبره شرف“.

 

وقال ولد بيب لمرسل ـ مصر العربية ـ بموريتانيا إن من بين الشريحة فقهاء، وسياسيون، شعراء، ونقاد، وإن هؤلاء يعانون كلهم من التهميش والظلم، مطالبا السلطات بالنهاء الحيف والجور بحق ذويه، والقيام بدور أساسي في تثقيف المجتمع لتجاوز التقاليد والخرافات التي زال الكثير من المجتمع يحتفظ فيها ويلهو بها في أحاديث الصالونات وفي بعض التجمعات الخاصة للطبقات الأخرى.

 

وثيقة لإنهاء الاضطهاد

 

اعتبر حراك شريحة “لِمعَلمِين” في وثيقة سلمها للجهات الرسمية إن الشريحة كأية مجموعة بشرية مكتوية بنار الظلم والتهميش والإقصاء والازدراء وهي تطالب بإنهاء ذلك ولديها تصورات جاهزة وفق ما يتطلبه الوضع الراهن وما تقتضيه مصلحة الوطن والمواطن.

 

 ورأت الوثيقة أن الحل يمكن في انهاء الاسطورة التاريخية الظالمة، وفصل المهنة عن النسب، معتبرة أن الدولة هي الإطار الجامع لكافة مكونات الشعب والمسؤولة عن أمنه واستقراره وهي مطالب بأن تلعب دور الأم الحنون التي لا تفرق بين أبنائها ولا تقبل بتغوُّل بعضهم على بعض.

 

وفي الجانب الاجتماعي دعت الوثيقة لتجنيد الوسائل الإعلامية والمنابر الدينية لتصحيح الصورة النمطية التي بنى المخيال الجمعي عن الشريحة، و إقامة منتدى وطني للحوار حول كيفية دمج هذه الفئة ومسايرتها للحياة الاجتماعية والنشاط الاقتصادي، و تشجيع المبادرات الهادفة إلى زيادة الحوار والنقاش حول ضرورة التجانس بين مكونات المجتمع.

 

وفي الجانب الاقتصادي طالت الشريحة بوضع الآليات القانونية المناسبة لتنظيم مهنة الصناعة التقليدية من أجل أن تكون منتجاتها قابلة للتنافس ومدرة للدخل، وإقامة مراكز تدريب مهنية من أجل تأطير الصناع التقليديين، والعمل على فتح قرض للصناعة التقليدية، وكذا خلق طبقة رجال أعمال من فئة “لـمْعَلْمينْ” بتوفير فرص استثمار من خلال منح رخص الصيد ورخص المعادن، وانتهاء بتنظيم معارض وطنية للصناعة التقليدية وتشجيع مشاركتها في المعارض الدولية مع مراعاة أحقيتهم في التمثيل أكثر من غيرهم.

 

نقلا عن صحفية مصر العربية

شاهد أيضاً

وزارة الزراعة تتسلم 10 آلاف فسيلة لصالح الولايات الواحاتية.

تسلم الأمين العام لوزارة الزراعة، أحمد سالم العربي، مساء اليوم الاثنين في نواكشوط، 10 آلاف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *