تونس (وكالات) – يتوجه ملايين التونسيين اليوم إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التي تشكل اقتراعاً تاريخياً يتنافس فيه الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي وزعيم أول حزب في البلاد الباجي قائد السبسي, يفترض أن ينهي اربع سنوات من مرحلة الانتقال التي تلت الثورة.
وشهدت تونس أمس يوم “صمت انتخابي” حظرت خلاله كل نشاطات الحملة التي انتهت اول من امس, قبل الانتخابات التي ستنهي مرحلة انتقالية صعبة تعيشها تونس منذ الاطاحة في 14 يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
ودعي الى الانتخابات نحو 5.3 ملايين تونسي من المسجلة أسماؤهم على قوائم الاقتراع لاختيار أحد المرشحين, ويمكن ان تعرف النتائج اعتباراً من غد الاثنين, بحسب الهيئة المكلفة بتنظيم الانتخابات التي لديها حتى الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري لإعلان اسم رئيس تونس للسنوات الخمس المقبلة.
وقلص الدستور الذي أقر في كانون يناير 2014 صلاحيات رئيس الدولة الى حد كبير.
وأياً تكن نتيجة الدورة الثانية, سيكلف حزب “نداء تونس” الذي يقوده قائد السبسي وفاز في الانتخابات التشريعية بتشكيل الحكومة, وسيكون عليه فور انتهاء الانتخابات العمل على تشكيل ائتلاف مستقر لقيادة البلاد.
وكانت بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي أشادت ب¯”شفافية” و”نزاهة” الانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت في 26 أكتوبر الماضي والدورة الاولى للانتخابات الرئاسية.
لكن الحملة للدورة الثانية شهدت تبادل اتهامات بين المرشحين وأججت التوتر في البلاد التي شهدت منذ ثورة يناير انتقالاً في الفوضى لكنه لم يتسم بالعنف او القمع كما حدث في دول عربية اخرى.
واعتبرت الصحف التونسية ان “الأمر الاساسي يبقى قبول المرشحين بالنتائج التي ستخرج عن صناديق الاقتراع”.
واختار قائد السبسي اختتام الحملة الانتخابية اول من امس في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة حيث التقى تجمعاً من أنصاره, في حين نظم المرزوقي تجمعاً في مدينة خزندار بعيداً عن وسط العاصمة.
وقال السبسي “على شعبنا ان يختار بين الرجوع الى الترويكا (حزب النهضة الاسلامي وحليفاه التكتل والمؤتمر) التي خربت البلاد خلال ثلاث سنوات أو أناس آخرين يريدون مستقبلاً أفضل لتونس”.
أما المرزوقي فيقدم نفسه كضمانة للحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة, ولعدم انتكاسة البلاد نحو “الاستبداد” الذي كان سائداً في عهد الرئيس المخلوع بن علي.
ويعتبر المرزوقي ان قائد السبسي وحزب “نداء تونس” الذي يضم يساريين ونقابيين وأيضا منتمين سابقين لحزب “التجمع” الحاكم في عهد بن علي, يمثلان “خطرا على الثورة” لأنهما امتداد لمنظومة الحكم “السابقة” في تونس.
وكان قائد السبسي (88 عاما) والمرزوقي (69 عاما) تأهلا الى الدورة الثانية بعدما حصلا على التوالي على نسبة 39,46 بالمئة و33,43 بالمئة من إجمالي اصوات الناخبين خلال الدورة الاولى التي أجريت يوم 23 نوفمبر الماضي.
وتتفق تقديرات المتابعين للشأن التونسي ودراسات مراكز تخصصة في تحديد الاتجاهات التصويتية للناخبين على أن اقتراع اليوم ستسفر نتيجته عن تقدم أحد المرشحين على الآخر بفارق ضئيل من المرجح ألا يتجاوز الثلاث نقاط.
وأفادت دراسات غير معلنة أنجزتها هذه المراكز لجهات سياسية أن توجهات التصويت ستحصر الفارق بين السبسي والمرزوقي في مستوى نقطتين إلى ثلاثة, أو في حدود 51 في المئة لأحدهما مقابل 49 في المئة للآخر, بعد أن كان في الدور الأول من الانتخابات الشهر الماضي في حدود 6 نقاط (39 في المئة للسبسي مقابل 33 في المئة للمرزوقي).
ويفسر مراقبون تقلص الفارق إلى سببين هامين أولهما انحصار المنافسة على مرشحين فقط بعد أن كانت بين 27 مرشحاً في الدور الأول, وثانياً تقاسم الطرفين نقاطاً ايجابية عدة من شأنها أن تدفع لتناصف نسب التصويت.
لكن المصادر نفسها ترى في تقديراتها أن الحسم لصالح أحد المرشحين سيأتي مما أسمته ب¯”الكتلة الرمادية”, التي تمثل أكثر من ثلث الناخبين المسجلين (5.3 مليون ناخب) الذين لم يصوتوا في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية, موضحة ان اقبال قسم من هذه الكتلة على مراكز الاقتراع اليوم قد يكون هو الحاسم في السباق الانتخابي لصالح أحد المرشحين.
ويعد الشباب أكبر شريحة من هذه “الكتلة الرمادية”, وهو ما قد يفسر حرص كل من المرزوقي والسبسي خلال حملتهما الانتخابية على تكثيف لقاءات كل منهما مع قطاعات الشباب وكذلك التصريحات التي تعنى بشؤونهم وتعدهم بمستقبل أفضل.