19 أبريل 2024 , 2:53

الدكتور حماه الله ولد السالم: مالي دولة عنصرية والحل لن يكون إلا “عسكريا” وبالإنفصال

888نقلا عن “الحدث الأزوادي” / في الحوار التالي مع “الحدث الأزوادي” يتحدث المؤرخ والكاتب الموريتاني حماه الله ولد السالم عن منطقة أزواد، وما قاسته من تهميش وإقصاء، ويصف مالي بالدولة العنصرية التي لا تريد السلام، ويرى بأن الأزواديين من أمازيغ وعرب امتداد لدول الشمال الأفريقي، لكن علاقة هذه الدول بمالي وحساسياتها الداخلية تمنعها من السعي إلى إيجاد حل للقضية الأزوادية، مؤكدا تواطؤ الأطراف الدولية وفرنسا خصوصا مع مالي في تحويل المنطقة إلى بؤرة للإرهاب بهدف تصفية القضية، وحذر الغرب بأن إفشال المشروع الأزوادي ستكون نتائجه خطيرة.
كيف تصف مشكل أزواد، هل هو حقوقي أم سياسي أم تنموي؟
مشكل أزواد سياسي، ويتعلق بموقف رسمي ثابت لدى دولة مالي تجاه جزء من مواطنيها وقطعة من أرضها، يقوم على العنصرية تجاه شعب الأمازيغ والعرب، منذ نهاية الاستعمار إلى اليوم، رغم أن خيار معظم النخبة الأزوادية كان في جانب منه التعامل مع مالي لتحقيق الحقوق التنموية والثقافية والعيش الكريم والآمن، ولكن الذي حدث هو الإقصاء والتهميش ثم الظلم ثم القمع.
وببساطة لن يتغير سلوك دولة مالي إلا إذا صادقت على نظام جهوي للحكم، يتيح لأزواد تسييرا ذاتيا حقيقيا وبضمانات كافية تمنع وجود الجيش في أزواد إلا على الحدود، ويكون تسيير الإدارة والحياة العامة للأزواديين، وقبل ذلك الاعتراف بالمكون الأزوادي دستوريا، لكن الحقيقة أن مالي دولة عنصرية تجاه كل أصحاب البشرة الفاتحة كما نعرف منذ قرن مضى، ولن يتغير الأمر إلا إذا تغيرت إيديولوجية الدولة المالية من علمانية إلى إسلامية، أو تغيرت بنيتها لسبب ما، أو استطاع الأزواديون خلق واقع سياسي بالقوة يفرض احترامه.
لا شك أن هذه المعضلة عرفت مراحل من التأزيم إلى الحل المؤقت فالاستفحال مرة أخرى، حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، برأيك لماذا لم توفق دول المنطقة في إيجاد حل دائم؟
هذه الدول لا تريد حل مشكل أزواد، إما لعلاقاتها الخفية مع مالي، أو حساسيتها من العدوى، أو خشيتها من الكيان الأزوادي المستقل! لكن الجزائر وموريتانيا هما أقرب الدول التي يمكن أن تساعد في الموضوع.
أطراف دولية وإقليمية لها يد في استفحال المشكلة، ما هي هذه الأطراف وما دور كل منها؟
الأطراف الدولية تورطت لأن النظام المالي حوّل المنطقة إلى بؤرة للتوتر الأمني تحت شعار الإرهاب، ويريد النظام المالي تصفية القضية في سياق الحرب على الإرهاب، بينما المعروف أن أهل مكة أدرى بشعابها، وأهل أزواد قادرون على مواجهة كل المخاطر العابرة للحدود في أرضهم ومن دون تدخل دولي.
للمستعمر السابق فرنسا كامل المسؤولية حسب كثير من المراقبين، هل يمكنك توصيف هذه المسؤولية؟
فرنسا هي مستعمرة الدول في المنطقة، وهي من رسم حدودها، لكنها رغم طابعها الاستعماري خيرت السكان بين البقاء في مالي والانفصال، وقد حدث ما حدث بسبب الانشقاق بين أعيان أزواد والخطأ الذي ارتكبه بعضهم في ذلك الموضوع، وعلى أية حال لا معنى للرجوع للماضي إلا للإفادة من دروسه، وأعظمها ضرورة الوحدة بين الأزواديين، وإلا سيكونون فريسة سهلة، ولكن للأسوأ هذه المرة.
ورغم ذلك فإن فرنسا شريك ضروري للقضية الأزوادية لا يمكن الاستغناء عنه، من حيث كون إعلامها يشكل منبرا وجمعياتها مؤازرة وسلطتها قوة مهيمنة على قرار مالي من طريق غير مباشر.
ربما لا يعرف الكثيرون أن لأزمة أزواد امتدادات في الجنوب الجزائري والليبي وشمال النيجر، هل يمكن أن تبين هذه الارتباطات وأهميتها؟
أزواد أرض إسلامية أمازيغية ثم عربية، ولهذه المكونات ولاسيما الأمازيغية امتدادات في كل البلدان في المنطقة، ويمكنها أن تشكل عمقا للأزواديين وظهيرا لهم إن أحسن استغلالها.
كيف تقيّم الدور الموريتاني في المسألة؟ ولماذا تحجم عن المساهمة في إيجاد حل؟
موريتانيا تحجم عن المساهمة نتيجة الحساسية تجاه وجود زنوج موريتانيين قد يطالبون بحقوق جهوية، وهي حساسية بلا معنى، لأن زنوج موريتانيا ليست لهم مناطق خاصة بهم وهم أقلية.
هذا جعل الكثيرين يطالبون الجزائر برفع يدها عن السعي لإيجاد حل، والاكتفاء بالمساعدة، ما رأيك؟
الجزائر يمكنها احتضان المفاوضات وأن تكون دولة ضامنة، رغم أن هذا فشل في إقناع مالي ولم يجعل حكوماتها تتصرف بجدية، وسيظل الحل عسكريا، ويبدأ بتحرير ولو منطقة من أزواد وفرض الحل عمليا، حينها ستقتنع مالي.
الحراك الأخير عرف تحولا في مسيرة أزواد، هل يعود ذلك لتزامنه مع حراك في المنطقة أم لظروف دولية؟
فقط لأن أزواد صار موضع اهتمام بالحرب على ما يسمى الإرهاب، ومالي نظامها مازال هو نفسه.
كيف ترى مسيرة المفاوضات الأخيرة في الجزائر؟
بلا فائدة، لأن مالي لن تطبق ما توقع عليه، وستظل تراهن على عامل الزمن ولعبة فرق تسد، وإشغال العالم بالإرهاب، وتنام مرتاحة، والإقليم تحت سيادتها نظريا، ولا يكلفها فرنكا واحدا، يموت أهله بالجوع والمرض والاقتتال، ومالي هناك في باماكو والحزام الغابوي.
ما دور الطوارق جنوب الجزائر في إيجاد حل للمسألة الأزوادية؟
هو مؤازرة القضية دوليا والدعم داخل الجزائر بوصفها دولتهم، وتوفير حاضنة للأزواديين في المحن.
كيف تنظر موريتانيا الرسمية للصراع المغربي الجزائري حول هذه المسألة؟
موريتانيا ـ وهذا ليس سرا ـ تجد في الخلاف المغربي الجزائري ما يشغل هاتين الجارتين الكبيرتين عنها، وهي أيضا تحتفظ بعلاقات معينة مع كل طرف.
هل سيؤثر إيجاد حل للمسألة الأزوادية في استقرار المنطقة عامة وليبيا خاصة؟
العكس حل مشكل أزواد يزرع الأمن في الصحراء الكبرى، وربما سيمكنها في سنوات قليلة من الأمن أن تكون واحة للسلم والسياحة والتجارة كما كانت عبر القرون.
ما المعايير التي تراها ضرورية لنجاح أي حل سياسي في أزواد؟
لن يكون هناك حل سياسي بل سيكون هناك حل بالقوة، والانفصال عاجلا أم آجلا، وإلا فربما سيتحول الجميع في الصحراء الكبرى إلى منطق مواجهة مالي، بل والعالم الغربي تحت راية جديدة.
حاوره علي الأنصاري

شاهد أيضاً

الرئيس غزواني يجري مقابلة مع مؤسسات إعلامية (نص المقابلة)

جرى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، مساء أمس، مقابلة مشتركة مع خمس مؤسسات إعلامية محلية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *