18 مايو 2024 , 20:18

المرابع ميديا تنشر الخطاب الكامل لرئيس (الهابا) حمود ولد أمحمد أمام اجتماع الشبكة المتوسطية لهيئات الضبط بالدول المحاذية للبحر الأبيض المتوسط

ول امحمد

قال رئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (الهابا) حمود ولد امحمد في كلمته الافتتاحية لاجتماع الشبكة المتوسطية لهيئات الضبط بالدول المحاذية للبحر الأبيض المتوسط المنعقد اليوم بقصر المؤتمرا بنواكشوط إن شبكةَ هيئات الضبط المتوسطية، تمثل بالنسبة لنا امتدادا لمؤسستنا الوطنية. فهي اليد الطولىَ والذراع الممتد وراء الحدود للَمِّ الشمل وتوحيد الرؤى وتعزيز الشراكة بينها وبين نظيراتها المتوسطية. إنها المشكاة التي ترشدنا إلى التكاتف من أجل خلق فضاء مشترك نتطارح فيه الإشكالات ونتبادل الأفكار ونتقاسم الخبرات بما يعزز التعاون والتضامن ويساعد على أداء مهامنا الضبطية
وأكد رئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (الهابا) أن هذا اللقاء يعتبر أولا وقبل كل شيء لقاءَ تفكير وتأمل وتبادل للخبرات والتجارب وفتح آفاق للشراكة الناجعة. إنه فضاء نتساءل فيه عن حاضر ومستقبل مهنتنا التنظيمية وما نطمح إليه من حكامة لوسائل الإعلام واستقلالية لسلط الضبط والتنظيم وغير ذلك من المشاغل اليومية لمؤسساتنا
نص الخطاب :
السيد رئيس شبكة هيئات التنظيم المتوسطية السادة الزملاء السادة أعضاء الوفود أيها السيدات و السادة
يسعدني أن أرحب بكم هنا في موريتانيا باسمي شخصيا وباسم السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية
لقد حللتم أهلا ونزلتم سهلا في موريتانيا حيث لن تشعروا أبدا بأنكم غرباء، لأن استقبال الضيف عندنا ليس مجرد الإكرام وتوفير ظروف الراحة، بل هو، فضلا عن ذلك، شعور الوافد أنه بين ذويه وأن الخيمة التي يتفيّأُ ظلالها إنما هي ملك له. ولأننا قبل ذلك كنا عبر الزمن وما زلنا رغم البعد واعتراض الصحراء الشاسعة، جزءا من العالم المتوسطي تشبّعَ ماضينا وحاضرُنا بعطائه الثقافي ومدِّه الحضاري. كما ساهمنا في ربط عُدْوته الدنيا بعدوته القصوى حين رحل أجدادنا المرابطون من هذه الأرض الجرداء إلى مشارف الأندلس ينشرون ثقافتهم ومعتقدهم. ومنذ ذلك العهد لم تنقطع صلتنا بإخوتنا في الشمال. وسواء كان الظرف ظرف صداقة أو عداء، لم تنصرم أـبدا بيننا الأواصر البشرية ولا الثقافية، بل حَبَكَتْ خيوط عيشنا المشترك فتراتُ السلم والحرب والتحالف. لقد جاب علماؤنا وشعراؤنا وتجارنا الأوائل مختلف أرجاء هذا الفضاء الرحب دون أن تقيّدهم حدود الوهم التي لم نتعلم رسم خرائطها إلا منذ عقود معدودة. وإن وجودكم اليوم على هذه الربوع، وقد شطّ المزارُ وبعُدت الشُّقة، لبرهان ساطع على التضامن المثمر الذي يوحدنا على الدوام رغم النّأْى وحواجز الصحراء المترامية الأطراف
أيها السيدات والسادة إن اللقاءَ الذي يجمعنا اليوم تعبيرٌ جلي عن ضرورة التضامن من وراء البحار بين الشمال والجنوب. ولا أظن أن للبشرية اليوم خيارا غير حوار الثقافات والحضارات. فلا مستقبل دون التشاور والتآزر والتعاون. لذلك يجب أن تكون شبكتنا المتوسطية جسرا يربط بين هذه الحضارات ويطوي مسافات البعد بين الأمم ويفتح للشعوب آفاق التقارب والتلاحم. ولا شك أن اختيار العربية لغةً من لغات شبكة هيئات التنظيم المتوسطية يمثل إرادة صادقة في لم شمل الثقافات وتوطيد عرى الشراكة بين الدول
وإن هذا اللقاء يعتبر أولا وقبل كل شيء لقاءَ تفكير وتأمل وتبادل للخبرات والتجارب وفتح آفاق للشراكة الناجعة. إنه فضاء نتساءل فيه عن حاضر ومستقبل مهنتنا التنظيمية وما نطمح إليه من حكامة لوسائل الإعلام واستقلالية لسلط الضبط والتنظيم وغير ذلك من المشاغل اليومية لمؤسساتنا
أيها السادة والسيدات نحن اليوم سعداء بوجود شقيقتنا التونسية معنا في هذا اللقاء. لقد مكنت ثورة الياسمين إخوتنا في تونس من تنظيم انتخابات تشريعية كانت مثالا للصدقية والشفافية، والعملُ جارٍ على إكمال المسار الديمقراطي بانتخاب رئيس للجمهورية. وبهذه المناسبة نرجو لهم مزيدا من التوفيق والنجاح
ونحن كذلك سعداء بأن نستقبل بين ظهرانينا السيد أحمد غُزالي الرئيس السابق للسلطة المغربية العليا للإعلام السمعي البصري ولشبكتنا المتوسطية، صاحب الخبرة الواسعة في مجال التنظيم، والصديق الذي لعب دورا بارزا في انضمام بلادنا للشبكة المتوسطية
وإننا في هذا اللقاء لنعتز كذلك بوجود أساتذة أجلاء بيننا وخبراء متميزين وتقنيين مَهَرَةٍ خَبِروا ممارسة الضبط والعمل على تنظيم وسائل الإعلام، مما سيكون له دون شك أثر بالغ في تزاحم الأفكار وإثراء النقاش ونجاح المنتدى
أيها السادة والسيدات إن السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية التي تتشرف باستقبالكم اليوم مؤسسة ناشئة لا يربو عمرها على ثمان سنوات. إلا أن التحديات الجسام التي كان عليها رفعها فورَ نشأتها مكنتها سريعا من اكتساب الخبرات والمهارات اللازمة لأداء مهامها التنظيمية. لقد استطعنا خلال فترة وجيزة ضبط التغطية الإعلامية لانتخابات محلية كان فيها مئات المرشحين، أغلبهم مستقلون، حريصين على النفاذ إلى وسائل الإعلام. ونجحنا بعد ذلك في تنظيم تغطية انتخابات وطنية شاركت فيها أحزاب سياسية عديدة، بعضها على طرفي نقيض، كانت تراقب بدقة أبسط المخالفات لقواعد الإجماع الذي توصلنا إليه. كما تمكنا من ضبط فضاء إعلامي مفتوح وسائطه الصحفية الناشئة منبهرة تكاد وهي في غمرة استرجاع الحرية المفقودة تتجاهل قواعد المهنة وتتناسى الأعراف والنظم والقوانين
لقد رافقت هيئتنا ميلاد قطاع الإعلام السمعي البصري الخصوصي وتمكنت من احتضانه ورعايته، حيث أصدرنا إعلانات الإشعار بالرغبة في إنشاء أولى المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية الخاصة، وأفرزنا من بين عروض عديدة ووفق إجراءات موضوعية شفافة أكثر الملفات توفرا على الشروط المطلوبة. كما واكبنا التطلعات الواسعة لقطاع إعلامي ناشئ لا تقيده الأعراف ولا الأخلاق المهنية بحيث وفقنا بين إكراهات الضبط ومتطلبات توسيع حقل الحريات ودعم وتنمية وسائل الإعلام. وقد بذلنا ما اسْطَاعَه الجهدُ ووصلت إليه اليد لدعم إعلام سمعي بصري يتلمس أولى خطاه وتطويرِ صحافة مكتوبة توسعت حتى طفح منها كيل العناوين، فضلا عن التعاملِ مع اتساع دائرة الصحافة الالكترونية التي تشكل ظاهرة جديدة في المشهد الإعلامي الوطني
أيها السادة والسيدات إن منظمتنا المشتركة، شبكةَ هيئات الضبط المتوسطية، تمثل بالنسبة لنا امتدادا لمؤسستنا الوطنية. فهي اليد الطولىَ والذراع الممتد وراء الحدود للَمِّ الشمل وتوحيد الرؤى وتعزيز الشراكة بينها وبين نظيراتها المتوسطية. إنها المشكاة التي ترشدنا إلى التكاتف من أجل خلق فضاء مشترك نتطارح فيه الإشكالات ونتبادل الأفكار ونتقاسم الخبرات بما يعزز التعاون والتضامن ويساعد على أداء مهامنا الضبطية
إن العالم اليوم أصبح قرية كونية واحدة بحيث يكون من الوهم أن نتخيل لحظة أنه يمكن استغناء أحد أجزائه عن الأجزاء الأخرى. ولم يعد بإمكاننا اليوم أن نعزز القدرات ولا أن نواكب التطور أو نصون المكاسب التنموية ما لم نمُدَّ يد العون إلى الأشقاء ونبسُط كفّ المعروف وساعد التكاتف من أجل خلق فضاء يجمعنا، نلتقي ونتعاون فيه على رفع التحديات التكنولوجية الجسيمة التي تقوض كل يوم تجاربنا السابقة وقناعاتنا الراسخة وتتجاوز مستوياتنا المعرفية والثقافية وتغير لدينا أنماط العيش ومناهج التفكير
أيها السيدات والسادة إن التحديَ الأكبرَ الذي يجب أن نواجهه اليوم بثبات ورباطة جأش هو تحدي العولمة. فوسائل الإعلام القوية العابرة للحدود والأقمار الاصطناعية التي تغرقنا في سيل من الأخبار والصور واختلاف زوايا الرؤية للعالم (ّ1000 قناة فضائية تلفزيونية متوفرة اليوم في نواكشوط)، وكذلك شبكة الانترنت ومشتقاتها، وشركات الويب الدولية التي أصبحت بيدها مقاليد حاضرنا، كل هذا الإعلام المتدفق وغيره من آليات العولمة الجديدة، إذا لم نعامله بحيطة وحذر، كفيل بأن يسلبنا خصوصيتنا الاجتماعية وهويتنا الثقافية وتوجهاتنا السياسية وقد يصادر حرياتنا واستقلالنا. لذلك يجب أن نعمل، بعيدا عن التشاؤم وعن الاستسلام، على اكتساب الخبرة العالية التي توفر للجمهور إعلاما يتمتع بالصدقية والموضوعية ويحترم الخلفية الثقافية والتعددية والتنوع، إعلاما قادرا على التنافس بالوسائل المشروعة لاسيما احترام التنوع الثقافي والفكري والسياسي والسعي إلى نيل ثقة الجمهور
أيها السادة والسيدات ليس الضبط أو التنظيم الذي هو شعارنا ومناط وجودنا سوى الاعتراف بالإنسان في تنوع مشاربه وتعدد خلفياته. إنه احترام كل ما يُكَرَّمُ منزلة هذا الإنسان والامتناع عن كل ما يحط من شأنه كالحقد والظلم وعدم التسامح وغياب الإنصاف. ولتحقيق هذه المقاصد الأخلاقية نستخدم جملة من النظم والتقنيات والآليات التي ترمي إلى صون الحريات، واحترام الاختلاف والتنوع مع احترام المبادئ الأخلاقية والقواعد المهنية الضامنة للاستقرار والسلم وانعتاق الإنسان
أيها السادة والسيدات لا يفوتني قبل الختام أن أعبر لكم عن اعترافنا بالجميل وامتنانا بشرف اختيار بلادنا لاستضافة هذا الاجتماع وبتكليفنا برئاسة هذه المنظمة المشتركة. ولن نألو جهدا لأن نكون في مستوى هذه الثقة وعلى قدر المسؤوليات التي كلفتمونا بها
أليس من اللائق شكر رئيس الشبكة المنتهية ولايته؟ وفي الختام أشكركم وأرجو لكم التوفيق ولأشغالكم النجاح
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شاهد أيضاً

سفارة فلسطين بنواكشوط تخلد الذكرى ال76 للنكبة الفلسطينية.

أحيت السفارة الفلسطينية مساء أمس الجمعة بنواكشوط الذكرى الـ 76 للنكبة الفلسطينية، تحت شعار “فلسطين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *