6 مايو 2024 , 18:19

أحلام الوصول… من بوركينافاسو هذه المرة

جعفر22

إفريقيا قارة الجيوش وقادة الجيوش تتذكر عادتها التقليدية، ويعود ضباطها برتبهم ونياشينهم إلى شاشات التلفاز والى مواجهة الراي العام لاوطانهم وللعالم.. ليس الانقلاب اي انقلاب بالضرورة حالة سياسية غير تقليدية او موقف غير وطني انه في بعض الاحيان موقف فوق الوطني وفوق الضرورة ،وليس بالامكان وفي اللحظات الاولى محاكمة الحالة البوركينابية واصدار حكم لما حصل هناك
يجب أن ننتظر الأحداث حتى تتنفس وننتظر الصورة حتى تتضح ، إن تحليل الأحداث الساخنة يحرق اصابع المحللين ويجعل تحليلاتهم ناقصة للموضوعية فاقدة للمصداقية
وفي محاولة للتفاعل مع الحالة البوركينابية مع تجنبنا المسبق لتقييمها ،وانما فقط نتفاعل مع تفاعل الراي العام الوطني او بالاصح كتابه ومدونيه في محاولتهم التعريض بالحالة البوركينابية كنموذج منتظر لفك ازمتنا الديمقراطية ووضع حل لمشكل موجود لدى بعض النخب مع النظام الحاكم وسعت لتصديره للمواطنين وللراي العام مع اي فرصة للتغيير السياسي تحدث على المستوى الاقليمي بعد الفشل في خلق فرصة للتغيير الداخلي.. وهنا يجب التنبيه ان الفشل في مواكبة حراك بحجم الحراك العربي الذي اطاح بثلاثة انظمة والعجز عن الاستفادة من الزخم الذي صاحبه وكل الضجيج والهراء والتزييف الاعلامي الذي صاحبه ،ومستوى الشحن الذي وصله الشارع ، اضف لهذا عديد القواسم والمشتركات التي نتقاطع فيها مع بلدان الحراك العربي اكثر من الحالة البوركينابية ..من لم يستفد من هذا ولم يراكم عليه لبناء حالة تغييرية لن يستطيع الاستفادة من انقلاب بسيط في اقصى القارة السمراء
ان التغيير ليس كمانقول بل كما نردد مع اساتذة السياسة في كل الدنيا وكل الحكماء عبر التاريخ لايكون ابدا حالة عدوى نتنقل من مكان لاخر ولايكون ابدا بالنسخ واللصق كما يتصور البعض او مايحلم البعض..التغيير حالة يستدعيها ظرف ذاتي محلي وتتطلب شروطا موضوعية تتكامل وتتناسق فيما بينها لتمهد للتغير المنشود ولاتكون بالانزال والاسقاط من الحالات المجاورة او المحاذية او الموالية فكريا او حركيا
هذا الكلام يعني ان الحالة البوركينابية حالة ذاتية خاصة نتمنى لها التوفيق ولشعب من شعوب القارة ان يتجاوز لحظة التردد ، لكن نتمنى الانصاف وان نتمهل لقراءة الاختلالات والاختلافات وحجم التباينات ، وفي هذه الحالة يجدر بمنظري الانقلابات الافتراضية ان ينتبهوا لفرق جوهري بالنسبة لهم وليس بالنسبة لنا ، وهو ان بوركينافاسو لاتملك في بنيتها الدستورية مؤسسة للمعارضة يمكن ان يمنحها النظام لبعض المشاغبين لديه مع مقدم ثلاثمءة مليون اوقية يشتري بها صمتهم وموقفهم ويترك لهم بعض الرماد لذره في عيون مناضليهم “الغيورين منهم”وبعضا من البلاستيك يضحك به القادة ضحكات اصطناعية مع الشركاء في المعارضة وفي حلم التغيير
في هذه الحالة الاستعانية بالتجارب المماثلة وان بعدت المسافة واستحال القياس مع الفوارق يجدر بمنظري الانقلابات الافتراضية الانتباه الى ان النظام البوركينابي لم يمزق كلمة المعارض من خلال سحبه البساط عبر الانجازات من تحتها ومن خلال شق صفها عبر مشاركة فصيل منها في انتخابات محلية ونيابيية مع النظام وباشرافه وفي النهاية يجد فرصة للقول بلاشرعية النظام وبالتشكيك في مشاريعه التسييرية ،،انه لايجد فرصة ليفهم انها تخرج من غرفة تشريعية هو الفاعل الاهم فيها ،ولايجد فرصة ليفهم ان الديمقراطية ليست رجلا للامام ورجلا للخلف ذلك يسمى النفعية ويسمى الازدواجية ويسمى البرجماتية ويسمى التفنن في لي اعناق الاحكام السلطانية ..انه الايمان ببعض الكتب والكفر ببعض ..انه البحث عن مصالح خاصة وتجاهل هموم الناس وتجاهل مستقبل بلدهم ومستقبل عيشهم

ان التصدي لهموم الناس يجب ان يستحضر في اولوية اولوياته مستقبل تعايشهم ومستقبل حياتهم وليس مستقبل الاحزاب والحركات السياسية ،ان التفكير بمصالح مشاريع سياسية واحلام وتصورات قادة وهميين هو ما انتج الشرخ العميق في الدولة العربية مابعد الانتفاضات ومابعد الحراك وهو ما اعاد هذه الدولة لماقبل الاستعمار وعطل كل المشاريع النهضوية والتنموية على بساطتها وترك الباب مفتوحا للصراعات الحركية والتاريخية والمذهبية والاثنية وتحولت المشاريع السياسية لحركات مافيوزية تشتري السلاح وتزرع الالغام وتقتات على الصراع ..هذا التفكير بمشاريع وانتصارات حزبية هو الذي يستحضر اليوم الحالة البوركينابية علها تكون القشة التي ستحمله على انقاض الوطن لحيث يتمكن ويحكم ..لكنها لن تكون الا القشة التي ستقصمه كما قصمته قشة الربيع الاصفر

شاهد أيضاً

في  انتظاركم يا صاحب الفخامة / يحي ولد عبدو الله  – دبلوماسي

فى الحادي عشر من الشهر الجاري ستكون مدينة كيفه عاصمة ولايتنا الحبيبة لعصابة على موعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *