1 مايو 2024 , 23:26

شهادة في حق المرحوم أحمدو ولد الطيب

شهادةإنا لله وإنا إليه راجعون علمت ببالغ الحزن والأسى بخبر انتقال أخي وصديقي احمدو ولد الطيب إلى الرفيق الأعلى يوم السبت 20 سبتمبر 2014.

ليس من السهل أن يرثي المرء نفسه ولا أن يشهد بعضه لبعضه. واحمدو كان بعضي وكان كنفسي. عرفته في المدرسة العسكرية لمختلف الاسلحة حين انتسبنا معا للقوات المسلحة الوطنية سنة 1989. كان شابا يافعا لم يلبث أن أصبح صديقا للكل، من هم في مثل عمره ومن هم أسن منه. كان صديق الجميع وأخ الجميع. وكان شديد الذكاء رابط الجأش فلم تفل حده مقاساة التدريب بكل مراحله. ما وهنت له عزيمة ولا لانت له إرادة. وكأنما كان يتلهى بكل ما يجعل غيره يفقد أعصابه
كنا شبابا من آفاق شتى منا الصالحون ومنا دون ذلك. ولما كنت حديث العودة إلى الوطن بعد سنوات في الجامعة بتونس وسبق لي أن زرت بلادا عديدة فقد كانت الحياة العسكرية بالنسبة لي كالحياة على كوكب آخر. وما أكثر ما برمت بها وبما تفرضه من علاقات بمستويات متعددة ومتنوعة من الناس. وكان احمدو يضحك مني كما يضحك من نفسه ويقول لي: احن مخصرين والمخصرين ذا ماه ابلدهم”. وكان أوسع مني خلقا وأصبر وكنت أبرر له ذلك بأن الحوض أبعد شرقا من لعصابة
وحين أصيب في التدريب وأقعده ذلك أسابيع عن الدراسة لم ندر من أي أمريه نعجب أمن حسن طالعه الذي حفظه من بعض ما “ابتلانا” به أم من نتائجه في اختبارات لم يحضر دروسها ولم يراجع لها معنا إلا لماما. ولكأني أراه الآن وقد أعد بارد الشراب ومنعنع الشاي وفلان وفلان من أصدقائنا يتسابقان إليه راجعين من أودية آدرار شعثا غبرا بعد يوم طويل من التدريب. ولكأني أسمع ضحكاته حين سقط أحدهما بين الأواني
كان احمدو أخي وكان احمدو ابن عمي وكنا ندرك ما يجمعنا. وكنا نقدره. وكنا نخوض ألف معركة حول شاي في غرفته أو في غرفتي ثم نخرج في المساء معا. وكان احمدو ممن يجتمع حول شايه الطلاب وكان بطبعه سيدا
…..آه حين تنثال الذكريات. آه
ولما تخرجنا، تفرقنا في البلاد لنلتقي سنة 1995 حين نجحنا معا في مسابقة دورة التمهر وعدنا إلى آدرار. ثم ابتلعتنا الحياة العملية والمسؤوليات المختلفة من جديد وكنا إذا التقينا دون موعد كأننا لم نتفرق يوما
ثم بدا لأحمدو أن يترك المؤسسة العسكرية ويرتاد أفاقا أخرى. ونجح هنا كما نجح هناك
ومنذ شهر تقابلنا صدفة فذهبنا معا إلى منزله واتفقنا أن نلتقي لاحقا وأن نصل من علاقتنا ما انقطع. ولم يخطر ببالي أن ذلك كان آخر لقاء بيننا. لكأنه كان يودعني أحسن وداع وأحمده
وإن تكن الأيام فرقن بيننا
فقد بان محمودا أخي حين ودعا
وكأن الله سبحانه أراد أن نفترق على خير كما تعارفنا على خير منذ ربع قرن. وأرجو منه جلت قدرته أن يجمعنا على خير في جناته
صلى الملائكة الذين تخيـروا
والصالحون عليك والأبرار
وعليك من صلوات ربك كلما
نصب الحجيج ملبدين وغاروا
وكان احمدو كما عهدته كريما ذكيا طموحا عجولا إلى البر. وحين من الله عليه بالمال، أحسن كما أحسن الله إليه
وأخبرني من أثق فيه من أصدقائنا أنه كان حفيا بهم حافظا لودهم في غير ما مناسبة
ولا غرو إن كان احمدو بهذه الخصال كلها بل الغريب إن لم يكن بها
فهل يبنت الخطي إلا وشيجه
وتغرس إلا في منابتها النخل
رحمك الله أخي وحبيبي وأسكنك فسيح جناته ورحمنا إذا صرنا مثلك
وارزق اللهم ذويه الصبر وحسن العزاء وبارك في ذريته واخلفه فيهم خيرا
آمين
المقدم محمد المختار ولد محمد ولد بيه
نواكشوط، 24 سبتمبر 2014

شاهد أيضاً

“كرنفالات”ومواسم الهجرة إلي النفاق إلي متي..؟ محمد عبد الرحمن المجتبى

سِيدِ ذَاكْ اَلْجَاكُمْ @ فَـاتْ أكَبَلْكُمْ جَانَ @ وَاسْوَ عَادْ اَمْعَاكُمْ @وَاسْوَ عَادْ اَمْعَانَ يحكى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *