10 مايو 2024 , 16:31

نقاط كسبها “حزب الله” في سوريا… فأقلق إسرائيل

1410152805_hezbollahطوني خوري – خاص النشرة
بعد حرب تموز عام 2006(1)، لم يعد “حزب الله” مجموعة مقاتلة على الصعيد المحلي، بل نما بشكل سريع ليأخذ شخصيته الاقليمية ودوره كلاعب على الساحة. إلا أنه، وبعد العام 2006، بدأ الحزب يخسر بعض رصيده المحلي والاقليمي بسبب البعد الطائفي.
وتدخل “حزب الله” في سوريا جعل الحزب عرضة لاستهدافات الجماعات التكفيرية التي تسلّحت بتدخله لشن عمليات ارهابية بحق المدنيين في المناطق التي يتواجد فيها بكثافة ويسيطر عليها (كالضاحية الجنوبية لبيروت مثلاً)، اضافة الى خطف مواطنين من الطائفة الشيعية(2)، وصولاً الى اتهامه بمساندة الجيش اللبناني في مواجهات حصلت في مناطق ذات غالبية سنيّة وآخرها عرسال.
من جهة ثانية، وبعد صمت طويل، استفاق الإعلام الإسرائيلي ليهدد بحرب قوية جداً وعنيفة ضد “حزب الله”(3)، ليكمل ما تم كشفه قبل يومين من أنّ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قال للأمين العام للامم المتحدة بان كي مون عام 2012 بأنّ إسرائيل ستضرب منازل في الجنوب “يستعملها حزب الله لإطلاق صواريخه منها”.
هذا العرض السريع للوقائع يجعل البعض يعتبر أنّ “حزب الله” في موقفٍ حرج، ولكنّ الواقع مختلف، فالحزب كسب نقاطاً قوية جعلت اسرائيل قلقة، فبدأت حملة التهديد والوعيد ولو عبر الإعلام. ويمكن التوقف عند النقاط التالية:
– معنوياً وسياسياً، كسب “حزب الله” رهانه في سوريا حيث بدأت الدول تتقرب من النظام السوري وتعترف بوجوده، وهذا يعني أنه بات للحزب رأيٌ رئيسيٌ في أيّ مفاوضات ستجرى في ما خص الوضع السوري، وبرضى ايراني تام.
– ميدانياً، وبعد كسب معركة القصير وتضييقه الخناق على القلمون، اكتسب “حزب الله”، رغم الخسائر البشرية التي مُنِيَ بها، دفعا معنوياً لعناصره التي باتت اكثر ثقة، كما أنّ النقص الكبير في عدد السيارات المفخخة التي كانت تستهدف أماكن تابعة له، انعكس ايجاباً على صورته امام مناصريه وجمهوره.
– إنّ تدخل الحزب في سوريا، لم يضعفه بدليل ما قاله قائد لواء مشاة حيرام 769 الاسرائيلي العقيد دان غولدفوس(4)، وبالتالي إنّ قدرته على مواجهة الجماعات التكفيرية لم تتراجع، بل على العكس. فقد تحولت الانظار الى “حزب الله” من قبل قسمٍ من اللبنانيين على أنه الخلاص للجميع من ممارسات الجماعات التكفيرية الإرهابية، وأصبح مقصداً لكلّ من يجد نفسه عاجزاً عن الدفاع عن نفسه، يطلبون منه الحماية أو الدعم العسكري واللوجستي. ويمكن القول أنّ مردّ ذلك هو بسبب عدم تأمين السلاح للجيش اللبناني وازدياد المهام الملقاة على عاتقه، وهو ما ظهر جلياً في معركة عرسال.
-تجنب “حزب الله” الدخول في اي مسار قد يظهره وكأنه ضد الطائفة السنيّة، حتى انه حثّ على تطبيق سياسة الوعي بعد استشهاد العسكري المخطوف عباس مدلج، حيث كادت الأمور تخرج عن طبيعتها.
هذا على صعيد مواجهة التكفيريين على الساحة اللبنانية، اما في ما خص مواجهة الاسرائيليين، فيمكن تسجيل الآتي:
-يسود نوع من “التفاهم” على الحدود الجنوبية للبنان، يقضي بعدم تدهور الاوضاع بما يؤدي الى حرب.
ولعل التدهور الاكبر في الستاتيكو القائم بين الحزب واسرائيل، كان منتصف آذار الفائت(5) حين قصفت اسرائيل مراكز للحزب على الحدود السورية-اللبنانية، ورد الحزب بعملية في شبعا. ولكن هذا الامر انتهى عند هذا الحد، ولم يأخذ منحًى تصعيدياً لا اسرائيلياً ولا من جانب “حزب الله”. بعدها، عاد الهدوء الى الجنوب ولم يغادره بشكل جدي بعد.
-يمكن ان يكون “حزب الله” مطمئناً الى ان التهديد الاسرائيلي لا يعدو كونه تهويلاً، خصوصاً وأنه أتى بعد عدم قدرة الجيش الاسرائيلي على السيطرة على قطاع “غزة” رغم الامكانات العسكرية المتوافرة والتي تعتبر الأقوى والأحدث في المنطقة، كما أنه يأتي بعد حملة اميركية-غربية على اسرائيل بسبب الحرب في غزة، وبالتالي لا يبدو أنّ إسرائيل في وارد تسعير هذه الحملة عليها من خلال الحرب على لبنان.
-ان اي عدوان على لبنان سيضع اسرائيل في مواجهة المجتمع الدولي علماً أنّ لروسيا والصين دورًا رئيسيًا في قول ما يريدانه ويعيق تمرير أيّ مشروع لصالح اسرائيل. فهل يمكن لاسرائيل ان تتحمّل ذلك؟
إنّ الحجم الكبير الذي يبدو عليه “حزب الله” اليوم (سياسياً وعسكرياً)، يجعل اسرائيل قلقة، لكنه عامل لن يكون السبب في دخول اسرائيل مغامرة جديدة، ليس الوقت ولا العوامل جيدة لها. وبالتالي، كل المعطيات تؤكّد ان الكلام الاسرائيلي مجرد تهويل وهو يهدف الى ابقاء الرأي العام الاسرائيلي مشغولاً بخطر “حزب الله” الرابض في كل مكان من اسرائيل.
(1) بدأت في 12 تموز من العام 2006، وكانت اشرس واوسع عدوان اسرائيلي على لبنان منذ الاجتياح عام 1982. استمرت المواجهات 34 يوماً واسفرت عن مئات القتلى والجرحى واضرار مادية جسيمة، وتعرضت اسرائيل يومها وللمرة الاولى لقصف بالصواريخ طاول مدناً في العمق.
(2) في 22 ايار 2012، خطف لبنانيون من الطائفة الشيعية كانوا يزورون الاماكن المقدسة في ايران، على يد ما يسمى “لواء عاصفة الشمال”، قبل ان يفرج عنهم بوساطة قطرية-تركية-لبنانية بعد 530 يوماً.
(3) ذكرت صحيفة النشرة الالكترونية بتاريخ 7/9/2014 ان تقريراً اعلامياً اسرائيلياً افاد بأن الجيش الاسرائيلي يضع “خططا تدريبية” لـ “حرب عنيفة جداً” ضد حزب الله في جنوب لبنان.
(4) في تقرير للقناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي، اعلن العقيد غولدفوس: أن أي شخص يعتقد أن حزب الله كان في صعوبات بسبب خسائره في المعارك مع الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا يكون مخطئا”. وجاء في تقرير للقناة نفسها: “ان لحزب الله الآن ثلاث سنوات من الخبرة في ميدان المعركة، ولديه قدرات عسكرية أكبر وثقة كبيرة نتيجة لذلك”.
(5) كشف الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في حوار شامل أجرته معه صحيفة “السفير” بتاريخ 7/4/2014، أن عبوة مزارع شبعا التي استهدفت دورية إسرائيلية في منتصف آذار الماضي، “هي من عمل المقاومة”، وقال إنها جزء من الرد على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت أحد مواقع حزب الله في منطقة جنتا الحدودية. ورأى أن الإسرائيلي “فهم الرسالة جيداً… فالقصة هنا ليست قصة قواعد اشتباك، وإنما قصة ردع”.

شاهد أيضاً

في  انتظاركم يا صاحب الفخامة / يحي ولد عبدو الله  – دبلوماسي

فى الحادي عشر من الشهر الجاري ستكون مدينة كيفه عاصمة ولايتنا الحبيبة لعصابة على موعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *