11 مايو 2024 , 10:03

الدكتور مولاي ولد محمد لغظف : دخل مطلوبا وخرج محبوبا / بقلم الدكتور محمد ولد البرناوي أستاذ علم الاجتماع في جامعة انواكشوط

برناوي

عرفته في الرباط حيث كان طالبا في المدرسة المحمدية للمهندسين، وكان صديقنا المشترك الدكتور محمد ولد خباز في كلية القانون، بينما كنتُ في شعبة علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس
كان الدكتور مولاي ولد محمد لغظف كثيرا ما يلتحق بنا في عطلة نهاية الأسبوع، تارة يقضيها معنا وطورا يخفف الإطلالة
الانطباع الذي تركه لدي منذ اللقاء الأول هو الذكاء والجدية والأناقة. كان مُقِلاًّ في الكلام مكثرَ الابتسام بما يتناسب مع المقام
أخبرنا أيام تخرجه أن أحد الأساتذة الزائرين من بلجيكا قد اقترح عليه الانضمام إلى مختبره في بروكسل، وأنه إليها مرتحل
دخل الرجل منذ ذلك الوقت دهاليز البحث العلمي في أعرق معاقله (اوروبا) وفيه غاب وله تفرغ زهاء العقدين من الزمن، قبل أن يعود إلى البلاد في مستهل هذا القرن
بين عودته من مهجره وتقلده رئاسة الحكومة بعد السفارة، ترك الرجل أثرا في الناس طيبا، وقدم في المجتمع خدمات جليلة تذكر فتشكر
خلال عقديْ بلجيكا، لم تزد لقاءاتي به عن ثلاثة أو أربعة، وكانت دائما في البيت العامر لصديقنا وحبيبنا الدكتور محمد ولد سيديا ولد خباز، و ظل انطباعي حول الرجل ثابتا: الذكاء والجدية والأناقة و “كاريزما” واضحة
كان ذكاؤه المعرفي واضحا ولكن ذكاءه الاجتماعي لم يكن أقل بدوا: إذ يُخَيَّلُ إليك أحيانا أنه يعبر بِتَهَلُّلِ وجهه عن فهم مقصدك حتى قبل أن تـُـبِين
في مكتبه بالوزارة الأولى خصني مشكورا باستقبال مميز، وكان كعادته طلق المحيى، بشوشا ونابها، وكان حديثه، كما عهدته من قبل، ودِّيا وحارا وصادقا
أهديته أحد كتبي عن طريق مستشار له صديق، رغبة مني في أن يصله العمل في الأيام الأولى لصدوره، وحتى يكون لصاحبي مَتَاع مُزْحة يخصني بها لو التقيته من بعدُ: فللرجل أريحية مشهودة، فما كُتب لنا للأسف الشديد لقاء جديد، مع ثقتي أن الإرادة موجودة لدى الوزير الأول، لكن زحمة الانشغالات حالت- من غير شك- دون ذلك اللقاء
لم يكن معالي الوزير الأول مولاي ولد محمد لغظف – في الفترة التي قضاها في رئاسة الحكومة- مغرما بالأضواء ولا بالخطب العصماء، رغم ماله في الرهان من سبق تليد وتاريخ مديد، لكنه كان هادئا في نهجه، كيِّسا في مساره
ورغم إغراءات السلطة والتنفذ في المجتمع، فقد سَلِم الرجل- على قلة من الناجين – من وصمة القبلية ومن عار سوء التسيير، فكانت أناقته الظاهرة تعكس نظافة باطنة، ورغم ما عرفته البلاد ” في عهده ” من تجاذبات فلم يُستدرج لسُوحٍ لا تليق به كمثقف قدوة مؤتمن
فهنيئا لمعالي الوزير الأول الدكتور مولاي ولد محمد لغظف بالمرور الطيب : فقد جاء مطلوبا وخرج محبوبا

 

شاهد أيضاً

لماذا غزواني ثانية؟ / محمد محمود أبو المعالي

لا جَرم أنه ما جانف الصواب من طرح اليوم السؤال عما ينتظره الموريتانيون من ترشح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *