12 مايو 2024 , 10:09

سنغال ضيوف وواد.. ثم ماكي سال / بقلم: الصحافي شريف قنديل

15_262أعادني حديث الرئيس السنغالي ماكي سال لجريدة “الشرق الأوسط” إلى سنوات من مشواري الصحفي قضيتها في غرب إفريقيا، والحاصل أن حماس الرئيس سال الواضح للتدخل الفرنسي في القارة خاصة في إفريقيا الوسطى عاد بي إلى فترة حكم الرئيس عبده ضيوف ثم الرئيس الأسبق عبدالله واد.
كنت قد تعرفت على الرئيس ضيوف عندما وجدته يهمس في أذن الزعيم اللبناني الراحل رفيق الحريري بشيء يبدو أنه كان على درجة بالغة من الأهمية!
كان الحريري لم يزل بعيدًا عن السياسة ومتفرغًا لقيادة شركته الخاصة وقد كلفته السعودية ببناء مبنى ضخم يليق بقمة إسلامية كبرى هي الأولى من نوعها في داكار.
وفور أن غادر الرئيس المكان الذي شُيّد فيه المبنى، سألت الحريري عن قصة الهمس وكانت المفاجأة السارة التي أعتز بها طيلة مشواري وعمري!
نادى الحريري على مسؤول كبير في الشركة وأمره بتجهيز طائرة هليكوبتر صباحًا، قبل أن يكلفني شخصيًا بالصعود للطائرة ورؤية المبنى الضخم من أعلى وتسجيل ملاحظاتي عليه! وقد حدث!
في الموعد المحدد كنت أنتظر الزعيم الحريري الذي سلمني كاميرا دقيقة وأوصاني بالرصد الدقيق.. وصعدنا للسماء! حامت الطائرة فوق المبنى وحين اقتربت منه كان الأمر واضحًا تمامًا: المبنى على شكل صليب من أعلى!
عدنا إلى الأرض، وحملق الحريري في وجهي وعيني قائلًا: هيه!! قلت: نعم! هناك شيء واضح ولا يحتاج حتى لكاميرا دقيقة!
في ساعات محدودة وتقريبًا في نحو 20 ساعة “نهارًا وليلًا” تم تعديل البناء وأصبح كل شيء على ما يرام، وجاء المبنى تحفة معمارية تليق بأول قمة إسلامية! على أن دعم الحريري للصحفي العربي الذي جاء لتغطية القمة لم يتوقف عند هذا الحد، فقد سألني الراحل الكبير: هل حددوا لك موعدًا مع الرئيس؟! قلت: لم يحدث حتى الآن! قال: نستطيع الالتقاء به غدًا صباحًا حتى تتمكن من نشر الحوار قبل القمة في عدد بعد غدٍ.. وقد كان!
استضافني الرئيس ضيوف في منزله أولًا قبل أن انتقل للقصر الجمهوري.. وفي المنزل كانت السيدة اليزابيث المسيحية الكاثوليكية تسألني عن القمة الإسلامية وعن الأمة العربية متمنية النجاح للقمة والأمة، قبل أن أبدأ الحوار مع زعيم إفريقي جنسًا وفرنكفوني ثقافة لكنه عربي الهوى إسلامي الفكر.. وظل هكذا حتى غادر السنغال مهنئًا خصمه عبدالله واد!
أما واد فقد عرفته معارضًا صنديدًا أحرص على اللقاء به كلما توجهت للسنغال!
وكم كان موقفًا في غاية الحرج عندما التقيت به “سرًا” ذات مساء.. وهو في قمة المعارضة قبل أن التقي الرئيس ضيوف الذي بادرني بالسؤال عن صديقي وأحواله! قبل أن ينفجر ضاحكًا ومحييًا حرصي على نقل بانوراما كاملة عن بلاده!
جاء واد عبر انتخابات حرة بالفعل ونزيهة بالفعل.. ولعلها من المرات القليلة والنادرة التي تنتصر فيها أو تنصهر السيدتان أو الصفتان “حرة” و”نزيهة”.. هناك في السنغال، ومثلما حرص ضيوف على أمته الإسلامية والذي كلله بالفوز بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، واصل عبدالله واد المسيرة ذاتها، خاصة في السنوات الأولى من رئاسته قبل أن يسقط أمام ماكي سال!
هذه المرة، وعلى غير المتوقع رحّب سال بالتدخل الفرنسي في القارة بداعي التصدي للإرهاب.. وهو حق في جزء منه.. لكن الجزء الآخر من منتصف الليل الفرنسي في القارة السمراء خاصة في إفريقيا الوسطى ملئ بالجراح التي تشي ليس بأفغانستان واحدة وإنما باثنتين أو ثلاث!
إذ ليس بالإبادة وحدها يمكن أن تستقر الدول.. خاصة إذا كانت الإبادة تختص بطرف دون آخر.. وخاصة إذا كان هذا الطرف مسلماً!!

شاهد أيضاً

لماذا غزواني ثانية؟ / محمد محمود أبو المعالي

لا جَرم أنه ما جانف الصواب من طرح اليوم السؤال عما ينتظره الموريتانيون من ترشح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *