21 مايو 2024 , 20:07

موريتانيا : الشفافية تغيِب فصيلا من المعارضة عن الإنتخابات / بقلم: الإعلامي أحمد ولد الدوة

001الكُتاب عموما ثلاث أصناف فمنهم ظالم لنفسه؛ ومنهم مقتصد، ومنهم سابق للخيرات، أما الصنف الأول “الظالم لنفسه” فهو ذلك النوع من الكتاب الذين يضنون على أنفسهم بمجرد منحها فرصة لإدراك العالم من حولهم؛ ويطلق العنان لقلمه لاجترار بعض الرواسب التي سمع أو قرأ عنها أيام صغره عن أنظمة مستبدة قبل الثورات المتتالية في عالم الإتصال حيث انعدمت الخصوصية؛ وباتت الأحداث في أي رقعة من العالم منقولة صوتا وصورة وبإمكان أي شخص مهما كان مستواه الثقافي والإدراكي تحليلها والتكهن بمآلها وتأثيراتها المحتملة على العالم؛ هذا مشروط طبعا بأن يمنح الكاتب لنفسه فرصة متابعة الأحداث ومحاولة مجارات سرعتها وهذا الشرط معدوم في هذا الصنف من الكتاب.
أما الصنف الثاني ” المقتصدون ” من الكتاب فهم أقرب إلى المثالية حيث تحول سحب من الضباب بينهم والواقع المعاش من حولهم ولن أطيل في الحديث عنهم في انتظار فرصة أخرى ..
هناك صنف ثالث وهو من أطلقت عليه ” السابق للخيرات ” ويدخل فيه كل كاتب شجاع يكتب للوطن والمواطن بكل جرأة ..
أظن ــ وليس كل الظن إثم ــ أنه من التجني أو التلاعب بالألفاظ أو عدم إدراك مقاصدها وصف الأجواء السياسية التي تعيشها موريتانيا الآن بالمضطربة ؛ اللهم إلا إذا كان كاتب المقال يجهل أنها انتخابات يتم تنظيمها وفقا للآجال الدستورية ؛ وأن ضمانات الشفافية التي اتخذت سبيلا إلى نزاهتها وشفافيتها وتساوي الفرص بين المشاركين في سباقها الرئاسي لم تشهدها البلاد من قبل بدءا ببطاقة تعريف بيومترية تحمل رقما وطنيا وهو ما يستحيل معه إمكانية تزويرها ؛ وصولا إلى عدم تدخل السلطة التنفيذية في أي صغيرة أو كبيرة متعلقة بالمسار الإنتخابي من خلال إشراف لجنة وطنية مستقلة للإنتخابات كانت المعارضة هي من اقترحت شخصياتها تطبيقا لبنود حوار 2011 الذي جمع الفرقاء السياسيين أغلبية ومعارضة ..
وعن أي انتخابات يتحدث كاتب المقال حين يقول : ” انتخابات تقاطعها كل أطياف المعارضة ” صراحة لا أعرف على من يريد كاتب المقال أن يضحك بهذا الكلام المجافي للحقيقة جملة وتفصيلا ، فالسباق الرئاسي المنتظر في موريتانيا تشارك فيه أحزاب وشخصيات لها مكانتها في المشهد السياسي ؛ كرئيس مبادرة انبعاث الحركة الإنعتاقية إيرا المحظورة برام ولد الداه ولد اعبيدي وهو المعروف محليا بمعارضته المتطرفة للنظام بل ولقواعد وأسس الجمهورية التي تحظر العزف على وتر العرق واللون .. كما أنه المتوج دوليا بجوائز من منظمات حقوقية ولا يمكن بأي حال من الأحوال المزايدة على معارضته للنظام القائم في الجمهورية الإسلامية الموريتانية من طرف أي فصيل من المعارضة رغم اختلافي معه ..
كما يشارك فيها قطب وازن من المعارضة هو حزب الوئام الحاصل على المركز الثالث في الإنتخابات المحلية والتشريعية الأخيرة من خلال ترشيحه لرئيسه بيجل ولد هميد ، بالإضافة إلى مرشح حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية ابراهيما مختار صار الذ يعد أبرز وجوه معارضة النظام منذ فترة .
ثم إني أستغرب حد الإستنكار من كاتب يدعي الثقافة والإطلاع ومع ذلك يحاول جاهدا التماس الأعذار لأفراد حين مقاطعتهم لهذه الإنتخابات ولا يستنكر عليهم مشاركتهم في انتخابات 2003 وما قبلها رغم غياب ما يتوفر حاليا من ضمانات الشفافية والنزاهة عن تلك الإنتخابات ! إذا لم تستح فقل واصنع ماشئت
وفي ثنايا ما سطره كاتب المقال وصفه النظام الحاكم في بلادنا بالعسكري جاهلا أو متناسيا أن الرئيس الحالي وصل إلى السلطة عن طريق انتخابات رئاسية شارك فيها من يصفهم حاليا بالمقاطعين وفاز فيها بنسبة 52% وشهد شاهد منهم حينها بنزاهتها وشفافيتها قبل أن تعميه الأطماع والمصالح الشخصية الضيقة ، وكيف لا وممثلين عن المعارضة حينها كانوا هم يتولون الوزارات المعنية بها الداخلية ؛ الإعلام ؛ الدفاع ؛المالية ؛ وبعد أن خسروا الرهان حاولوا جاهدين ركوب موجة الربيع العربي فوجه لهم الشعب ضربة موجعة ربما تكون هي السبب الرئيسي الآن في عدم ترشحهم قناعة منهم بخسارة الرهان قبل دخوله وهو على كل حال قرار قد يجنبهم ضربة أخرى الشعب وحده هو من يتحكم في مدى قوتها .
ويستمر مسلسل الكذب والتلفيق وتزوير الحقائق لمخرجه كاتب المقال المذكور ليتناول في أحد حلقاته ما أسماه الأجندة الأحادية جاهلا أو متجاهلا الجهود والمساعي التي بذلها النظام والطرف السياسي الداعم له من استعداد تام للحوار وتذليل كافة العقبات والمطبات التي اختلقها ووضعها مكون مفلس من أفراد المعارضة كان آخرها فضيحة الحوار الأخير الذي قبل فيه النظام بكل مطالب وشروط المعارضة إلا أن تأكد الأخيرة من عدم إمكانية الفوز في الإنتخابات الرئاسية واستحالة تقاسم نتائجها فرض عليها البحث عن أعذار كانت أقرب إلى الذم .
بقي أن أشير في ختام هذه العجالة إلى أن الشعب الموريتاني خبر الفرقاء السياسيين على مدى العقود التي تلت الإستقلال وحتى الساعة فوجد أن ما تحقق في المأمورية الأولى لنظام فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز من إنجازات عمت كافة مناحي الحياة من طرق وصحة وتعليم وماء وكهرباء وتشغيل وتكوين وتوفير للمواد الغذائية بأسعار مدعومة على مستوى التراب الوطني من خلال برنامجي التضامن وأمل ، هذا فضلا عن استرجاع البلد لهيبته وهويته ومكانته الإقليمية والدولية وتصدره على مستوى الصحافة وحرية التعبير لأشقائه العرب كلها أمور رجحت كفة هذا النظام وأهلته ليكون مرشح الشعب لمأمورية رئاسية ثانية يحتاجها البلد وشعبه عامة وفقراؤه ومهمشوه خاصة .
ملاحظة : هذه المقالة كتبتها ردا على مقال للكاتب أحمد ولد جدو عنونه بـــ ” موريتانيا : انتخابات بلا معارضة ” وتم نشرها على هذا الرابط http://arabic.cnn.com/middleeast/2014/05/21/mauritania-elections

شاهد أيضاً

محمدن ولد عبدالله يكتب : عندما تعطي القوس باريها

تابعت عن كثب مقابلة الناطق الإعلامي باسم  اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات الدكتور محمد تقي الله …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *