Zwei Fotos im Frame
Foto 1 Foto 2

قراءة تحليلية في منجزات حكومة المختار ولد أجاي

يكتسي تقييم الحصيلة الحكومية لسنة 2025 في موريتانيا، في ظل قيادة الوزير الأول المختار ولد أجاي، أهمية مضاعفة بحكم تزامنه مع انتقال تدريجي من منطق “إدارة اليومي” إلى منطق “التخطيط المبني على النتائج”. ويأتي هذا التقييم في سياق سياسي واقتصادي مطبوع بتوسع أجندة الاستثمار في الطاقة والمعادن، وتزايد رهانات العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق المجالية، ما يفرض مقاربة تحليلية تتجاوز سرد المشاريع إلى تفكيك نسقها الاستراتيجي وحدودها المنهجية.

عرض الوزير الأول، أمام الجمعية الوطنية في يناير 2025، حصيلة عمل الحكومة لسنة 2024 والخطوط العريضة لآفاق العمل خلال العام 2025، مرتكزا على رؤية رئيس الجمهورية التي تُترجم عبر برنامجي “تعهداتي” و“طموحي للوطن”. يتأسس هذا الإطار المرجعي على خمسة مرتكزات كبرى: تعزيز أداء الاقتصاد، تنمية رأس المال البشري، ترسيخ اللحمة الاجتماعية، توطيد الأمن والاستقرار، وتقوية الحضور الإقليمي والدولي، وهي مرتكزات تتحول في الوثائق الرسمية إلى مصفوفات برامجية وقطعية يفترض أن تُترجم إلى مشاريع قابلة للتنفيذ.

تؤشر وثائق السياسة العامة للحكومة، كما عُرضت في البرلمان وفي مجلس الوزراء، إلى انتقال تدريجي من خطاب النوايا إلى تعاقد ضمني على تسريع وتيرة التنفيذ عبر اشتراط جداول زمنية ومؤشرات للأثر. ويعزز هذا التوجه توجيهُ الحكومة للقطاعات الوزارية بإعداد تقارير مفصلة عن إنجازات سنة 2025 وآفاق العمل اللاحقة، في محاولة لتكريس ثقافة التقييم الدوري وربط المسؤولية بالأداء لا بمجرد إعلان المشاريع.

تتصدر المشاريع ذات البعد الهيكلي أجندة 2025، وعلى رأسها ما يرتبط بتطوير البنى التحتية الداعمة للنمو، وتوسيع قاعدة الاستثمار في الطاقة والمعادن. وفي هذا السياق، يبرز مؤتمر ومعرض “موريتانيد 2025 للطاقة والمعادن” بوصفه منصة استراتيجية لتسويق الإمكانات الوطنية في المعادن والطاقة، واستقطاب شراكات كبرى في مجالات الغاز والمعادن الاستراتيجية والطاقة النظيفة. ويكشف الخطاب الرسمي المرافق لهذا الحدث عن إرادة لتحويل الثروات الطبيعية من مجرد رافعة مالية إلى أداة اندماج اقتصادي إقليمي، مع ما يتطلبه ذلك من إصلاحات في الأطر القانونية والمؤسسية لضمان جاذبية الاستثمار وشفافية الحوكمة في القطاع الاستخراجي.

تندرج أوامر تشكيل لجنة فنية لاختيار الموقع الأنسب لمنطقة صناعية جديدة، في أواخر 2025، ضمن مسار طويل لبناء فضاءات اقتصادية قادرة على تجميع القيمة المضافة وتثبيت الاستثمار الصناعي. ورغم أن المشروع لا يزال في طور الإعداد، فإن طبيعته الهيكلية تجعله مؤشرا على تحول في مقاربة التخطيط المجالي، من منطق الامتداد العشوائي للأنشطة إلى منطق الأقطاب الصناعية المنظمة. بالتوازي مع ذلك، تعكس الاجتماعات الحكومية حول برنامج تعميم النفاذ إلى الخدمات الأساسية، وبرامج تمكين الفئات الهشة، سعيا إلى جعل البنية التحتية والخدمات الاجتماعية جزءا من عقد اجتماعي جديد يقوم على تقليص الفوارق وتعزيز الإنصاف المجالي.

تشير الحصيلة الحكومية المعروضة مطلع 2025 إلى تحسن في بعض المؤشرات الماكرو اقتصادية، من قبيل نمو الناتج، التحكم في التضخم، وضبط عجز الموازنة، وهو ما يُقدَّم رسميا كحصيلة للجهد الاستثماري في البنى التحتية والقطاعات الإنتاجية ذات الأولوية. غير أن القراءة النقدية لهذه الأرقام تقتضي ربطها بسؤال الاستدامة من جهة، وبمدى انعكاسها الفعلي على المؤشرات الاجتماعية الأساسية مثل الولوج إلى التعليم والصحة وفرص العمل اللائق، خصوصا لدى الشباب والنساء في الداخل.

على الرغم من غزارة الخطاب الرسمي حول “مشاريع كبرى” في الزراعة، والطاقة، والمعادن، والبنية التحتية، فإن غياب حصيلة موحدة منشورة باسم الوزارة الأولى لسنة 2025، تتضمن جردا رقميا مفصلا للمشاريع (الكلفة، آجال الإنجاز، مؤشرات الأثر)، يطرح إشكالا حقيقيا على مستوى الشفافية الإحصائية. هذا النقص في التوثيق الممنهج يعقّد مهمة الباحثين والإعلاميين في تقييم الأداء الحكومي، ويحوّل جزءا من النقاش العمومي إلى سجال سياسي أكثر منه نقاشا مبنيا على معطيات قابلة للتحقق والمقارنة زمنيا وقطاعيا.

أغلب المشاريع التي أطلقت أو أُعلن عن التحضير لها في 2025 تحمل طابعا متوسط إلى بعيد المدى، سواء تعلق الأمر بتطوير الأقطاب الصناعية، أو تعميق الاستثمار في الطاقة والمعادن، أو تعميم النفاذ إلى الخدمات الأساسية، ما يجعل تقييمها النهائي سابقا لأوانه على مستوى الأثر التنموي. هنا يتشكل توتر واضح بين مطلب السياسة الذي يميل إلى إعلان المنجزات بسرعة، ومطلب الإدارة الرشيدة التي تفترض دورة كاملة للمشروع من التخطيط إلى التنفيذ فالتقييم، وهو ما تحاول الحكومة التعبير عنه بشعار “من التخطيط إلى التنفيذ فالمتابعة والتقييم” المتكرر في خطابات بعض القطاعات.

في ضوء ما سبق، يمكن القول إن سنة 2025 تمثل في سجل حكومة المختار ولد أجاي سنة مفصلية أكثر منها سنة حصيلة مكتملة، حيث تطغى المشاريع الهيكلية قيد الإنجاز والبرامج ممتدة الأثر على “المنجزات السريعة” ذات الرمزية السياسية المباشرة. غير أن ترسيخ مصداقية هذا المسار يظل مشروطا بتعزيز آليات الشفافية والتوثيق، عبر نشر حصيلة رقمية مفصلة ومنتظمة تسمح بقياس الفجوة بين الوعود المعلنة والمشاريع المنجزة فعليا، وتوفر مادة صلبة للنقاش العمومي ولأعمال الباحثين في مجال السياسات العمومية والحكامة في موريتانيا.

Sultan Elban سلطان البان

03-12-2025

LONDON-CCCU