
في لحظة فارقة من تاريخ الدولة الوطنية، حيث تتقاطع الحاجة إلى البنية التحتية مع طموحات التنمية المستدامة، تبرز قيادة المهندس خطري ولد العتيق بوصفها مثالًا حيًّا على التقاء الفكر التقني بالرؤية الوطنية، والعقلانية الإدارية بالحسّ الإنساني. إنه نموذج لا يتكرّر كثيرًا: مديرٌ لا يكتفي بحسن تدبير المشروعات، بل يسهم في تشكيل الوعي المؤسسي، ويعيد تعريف العلاقة بين المسؤول والعامل، بين القيادة والقاعدة.
بين الحرفية والرؤية: عمارة المعنى في إنجازات ملموسة
تشكل تجربة الشركة الوطنية للاستصلاحات الزراعية والأشغال (SNAAT)، في ظل قيادة المهندس خطري، مختبرًا حيًّا لتحول فعلي في مفهوم المؤسسات الوطنية. فالمشاريع التي أُنجزت لم تكن مجرد أعمال هندسية تتوزع بين سدّ هنا، واستصلاح هناك؛ بل كانت تجليات مادية لرؤية تؤمن بأن الماء والزراعة ليسا فقط موردين طبيعيين، بل ركيزتان لكرامة الإنسان وازدهار الوطن.
لقد استطاعت SNAAT، تحت إشرافه، أن تتحول من جهاز تنفيذي إلى فاعل تنموي، يتجاوز التنفيذ نحو الإبداع، ويتفاعل مع رؤية فخامة رئيس الجمهورية بمرونة ووعي. ففي كل مشروع، كانت بصمة المهندس خطري حاضرة: في حرصه على الجودة، في تتبّعه للتفاصيل، وفي إيمانه العميق بأن بناء السدود هو في جوهره بناءٌ للمجتمع نفسه.
الإدارة بوصفها فنًّا إنسانيًّا
ليست القيادة، في تصور المهندس خطري، سلطةً مفروضة أو إدارة تقنية فحسب، بل هي أخلاق يومية وممارسة وجدانية. ومن هنا، يمكن قراءة طريقته في التسيير بوصفها نموذجًا لـ”القيادة التشاركية”، حيث العامل لا يُنظر إليه بوصفه أداة في معادلة الإنتاج، بل شريكًا فاعلًا في صنع القرار.
فتح أبواب مكتبه، الإصغاء إلى شكاوى العمال ومقترحاتهم، تحفيزهم لا من موقع المتفضل، بل من موقع المؤمن بقدراتهم، كل ذلك رسم لوحة نادرة في المشهد الإداري، وجعل من SNAAT أسرة عمل قبل أن تكون مؤسسة اشغال.
في السياق الوطني: ترجمة فعلية لرؤية فخامة رئيس الجمهورية
إنّ ما يضفي على تجربة المهندس خطري خصوصية إضافية، هو انسجامها العميق مع رؤية فخامة رئيس الجمهورية، الداعية إلى تنمية شاملة تتأسس على العدالة المجالية، والاستخدام الأمثل للموارد، والاستثمار في الإنسان.
فمشاريع SNAAT لم تأتِ استجابة لظروف طارئة، بل انخرطت في خطة تنموية بعيدة المدى، تهدف إلى تحويل الريف الموريتاني من هامش مهمَل إلى مركز فعّال. وبذلك، تصبح كل لبنة تُوضع في سدّ، وكل هكتار يُستصلَح، فعلًا سياديًّا يعيد تشكيل الجغرافيا الوطنية، ويمنح المواطن في أقصى الشرق أو الجنوب او الشمال شعورًا بأنه داخل خريطة التنمية، لا على هامشها.
من الإدارة إلى الريادة
إنّ تجربة المهندس خطري ولد العتيق في قيادة SNAAT ليست فقط مادة للتوثيق المؤسسي، بل هي رواية وطنية، تروي كيف يمكن للإرادة والفكر والصدق أن تتحوّل إلى أدوات بناء، لا في الهندسة وحدها، بل في المجتمع والدولة والذاكرة الجماعية.
وبين ما أنجز على الأرض، وما يُبنى في القلوب، تظل هذه التجربة شاهدًا على أن البناء الحقيقي يبدأ من الرؤية… ويكتمل بالثقة.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
المرابع ميديا – al-maraabimedias موقع "المرابع ميديا" التابع لوكالة المرابع ميديا للإعلام والإتصال