18 مايو 2024 , 21:18

الوحدة الوطنية وضوابط الحرية / الدكتور الشيخ ولد الزين ولد الإمام عضو المجلس الإسلامي الأعلى

dch• محاضرة للدكتور الشيخ ولد الزين ولد الإمام عضو المجلس الإسلامي الأعلى، والأمين العام لمنتدى الفكر الإسلامي وحوار الثقافات.
وقد ألقيت المحاضرة يوم أمس في الندوة العلمية المنظمة من طرف رابطة العلماء ووزارة الشؤون الإسلاميةبتجكجة، والتي أشرف الوزير أحمد ولد النيني على افتتاحها، كما حضرها إلى جانبه العلامة لمرابط ولد محمد الأمين ولفيف من علماء تكانت.
نص المحاضرة:

بسم الله الرحمن الرحيم
صلي الله علي النبي الكريم
الوحدة الوطنية وضوابط الحرية
أيها الأئمة والعلماء الافضل
يصدق علينا في مقام كهذا بلدة تجكجة يصدق علينا قول حسان بن ثابت
فلولا ابو وهب لمرت قصائد علي شرف الرقاء يهوين حسرا
انا ومن يهدي القصائد نحونا كمستبضع تمرا الي اهل خيبرا
فهذه بلدة سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم وهذه بلاد الشرفاء التيشتيون وهذه بلاد الاولياء والاتقياء والاصفياء
في مبتدا مداخلتي اود طرح جملة من الاشكلات المنهجية المتعلقة بعنوان المحاضرة
أول هذه الاشكلات متعلق بمفهوم الوحدة الوطنية وهل في الاسلام ما يسعفنا في التاكيد علي اهمية الاوطان وهل هناك تناقض بين الحرص علي الاوطان القطرية والمفهوم الشامل للاسلام في عالميته ولا محدوديته في الزمان والمكان ..؟
ومن ثم يجب طرح التساؤل عن اهم المتكزات الاساسية للوحدة في المنظور الاسلامي وما علاقة كل ذلك بالحرية في مفهوما الشامل الذي تتجلي مظاهره فيما يشهده العالم اليوم من تشبث بقيم النطلاق وعدم التقيدباي ضابط مهما كان مصدره !
ولنبا اولا بالقول ان حب الوطن من الايمان فهذا الاثر وان كان هناك من يقول بتضعيفه فان له ما يعضده من الشواهد المتابعات علي حد اصطلاح المحدثين …
وليكن من تلك الشواهد ما وقع من حنين لصحب رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد هجرتهم الي المدينة المنورة فقد ثبت من ذلك ان ابا بكر رضي الله عنه لما اصابته حمي المدينة كان يردد
كل امرئ مصبح في اهله والموت ادني من شراك نعله
وكان بلال رضي الله عنه يقول:
الا ليت شعري هل ابيتن ليلة بواد وحولي اذخر وجليل
وهل اردن يوما مياه مجنة وهل يبدون لي شامة وطفيل
لقد وقع سيدنا ابوبكر رضي الله عنه في حالة نفسية بفعل فراق الاهل والولد وتذكر بلال رضي الله تلك المرابع وتمني لو يعود به الزمان حتي براي العين مرابع كانت ذات يو م ديارا ووطن ؟!
والشاهد في هذا انه لم نكير من رسول الله صلي الله عليه وسلم والنبي صلي الله عليه وسلم لا يقر علي منكر علمه وهذا دليل علي ان حب الوطن وان كان جبلة لكن الاسلاميحث عليه ويرغب فيه
اذا ثبت هذا فما هو اهم مرتكز بني عليه الاسلام وحدة الاوطان ؟
لقد جعل الاسلام الرباط الاساسي لوحدة المسلمن هو رباط العقيدة وفي مقابل العقيدة تذبل كل الروابط الاخري سواء كانت رابط دم اوعرق او عصبية او منفعية …..
لقدوصف الله تعالي الموؤمنين بانهم اخوة فقد قال تعالي :
( انما المؤمنون اخوة )
وجاء في الحديث (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكي منع عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي )
يجب في هذا السياق التاكيد علي الدلالات الايحائية لوصف المؤمنين بالاخوة ، ضذلك ان العلاقات التي تجمع بين البشر متعددة ومتشعبة ومتشابكة ومن تلك العلاقات التي تجعل البشر يحرص بعضهم علي مصلحة البعض ويتعلق به في كل الاحوال . من تلك العلاقات الجيرة والسفر والشركة لكنها كلها لا تقوي قوة مصطلح الاخوة ،
ذلك لان تلك الارتباطات مؤقتتة وغير دائمة وانوضح ذلك بانالمسافرين في قاطرة او سيارة واحدة كلهم حريص كل الحر عل سلامة السارة التي تقل الجميع
كلهم فطن متيقظ لحال السيارة .، لعجلاتها ومقودها ، حريص علي عدم نوم السائقط ولو لم يكن الامر كذلك لكان نومه اياما اوليلالي لا يعنيه من قريب او بعيد
اذن تلك العلاقة مؤقتتة وغير دائمة
ينطبق نفس التوصيف علي الجيران فهناك حر عام علي عدم احتراق الحي لكن ذلكﻻالاحساس يتحول الي عدم مبالاة لو ان احدهما تحول من تلك الدار الي غيرها
والامر نفسه ينطبق علي الشركاء في مؤسسة او اصحاب مصالح مشتركة فلو انقطعت تلك المصالح لوجدناهن قد تفرقوا طرائق قددا لا يعتني احدهم بالاخر لا في حاضره ولا في مستقبله
اذن هذه العلاقات لا تصلح للتعبير عن العلاقة الابدية والمستمرة بين المسلمين !
فليست المصلحة رباطا يصلح للعلاقة بين المسلمين وهذا عكس ما يحاول البعض اشاعتهىفي هذه الفترة تبعا لرؤية ميكيافيلية هي التي تتاسس عليها العلاقات بين شعوب الحضارة الغربية
لم يبن الاسلام العلاقات بين بنائه علي ذلك الاساس وان كانت
النصوص طافحة بالاهتمام المسلمين ومساعدتهم بل ان النبي صلي الله عليه وسلم وصف المؤمنين بالجسد الواحد غير ان اختلال تلك المصلح لا يفكك ذلك الرباط الاخوي ولذلك
جاء في الحديث الشريف الحث علي وصل المؤمن مهما كان قاطعا للرحم ولو كان المعيار هو المصلحة والتواصل لما كان في قطع المقاطع ن باس ووفقا للمعايير الدولية اليومية من لاﻻ
مصلحة لك فيه تعتبر علاقتك معه عبئا عليك ان تتخفف منه كلماﻻ
وجدت لذلك سبيلا ..!!!
وقد اوجد الاسلام مصطلحات عديدة تخدم قوة العلاقة بين المسلمين بعيدا عن لغة المصالح والنفعية ومن تلك المصطلحات الرحم – البرور -الوصل -الرحمة -التوقير -المودة -العيادة -الضيافة ….
نخلص الي القول في هذا السياق ان الاسلام اعتبر العامل الايماني العقدي
مهيمنا علي كل الروابط الاخري سواء كانت روابط دم او منفعة او غير ذلك ..
واذا كانت العلاقات الانسانية في المنظور الاسلامي بهذه القوة فلا يسمح بما يضعف وحدتها وتماسكها فما هو الموقف المناسب من موجة الحريات التي جعلت الدعايات الطبقية والفئوية تظهر الي السطح من جديد؟
اود في هذا السياق بيان هذا الدين دين حرية فقد قال تعالي (لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )
واذا كان الاسلام لا يكره الناس علي الدين فمن باب اولي ان يكره علي غيره وقد قال عمر بن الخطاب (متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ؟
غير الحرية في المنظور الاسلامي موزونة مضبوة بضوابط عقدية وخلقية فليس الانسان حرا في ان يمس الشعور العام للامة وهذا بخلاف الحرية في المنظور الغربي التي انفلتت من كل عقال
يحكي من طرف الحضارة الغربية ان مواطنا امريكيا قال لصاحب الشرطة انه يريد ان ينبح فقال له الشرطي قف في تلك الساحة العمومية وانبح علي راحتك ولكن احذر ان تعض احدا
فالوازعىهنا خارجي ففي المنظور الغربي ان له هذا الحق لكن المنظور الاسلامي يمنع هذا لما فيه من اخلال بالذوق العام ؟
من اهم ضوابط الحرية في المنظور الاسلامي ذلك الوازع الايماني الداخلي الذي يجعل المرء لا يقدم علي قول او فعل تكون له عواقب وخيمة في الحاضر والمستقبل فقد قال تعالي (ما يلفظ منىقول الا لديه رقيب عتيد )
وقد قال صلي الله عليه وسلم (ان المرء ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا تهوي به سبعين خريفا في جهنم)
او كما قال صلي الله عليه وسلم
اما الضابط الاخر فهو عدم المساس بالوحدة الوطنية فكل ما يؤجج الفتن بين المسلمين حرمه الشرع تحريما باتا وقد قال صلي الله عليه وسلم (دعوها فانها منتنة )
واخلص في الاخير الي ملاحظات نهائية
1- اري من الضروري تفكيك حالة التعبئة النفسية والاحتقان العنصري الجاهلي في مجتمعنا في هذه الفترة
فما نلاحظه من تفشي العنصرية شديد الخطر علي المجتمع وعلي مستقبله وهو دليل وامارة علي ضعف الوازع الديني وكل نذير شؤم علي مستقبل الجميع
2- يجب توهين العصبيات واعادة الشعور بالطمانينة للمجتمع من خلال ترسيخ القيم الاسلامية التي ساوت بين البشر فلم عد في المنظور الاسلامي فضل لأحد علي احد الا بالتقوي
3-يجب ان يقوم الائمة والعلماء والنخب العلمية بدور محوري في هذا السياق وتجب اشاعة ثقافة السلم داخل المجتمع وبين مكوناته
5-يجب في هذا السياق التأكيد علي اهمية الوحدة المذهبية للبلاد ذلك ان توحيد الفتوي علي مذهب واحد وفق ضوابط علمية مما يساهم في هذه الوحدة كما ان اقامة الشعائر علي وفق هذا المذهب ضمانة حقيقة للوحدة الدينية للامة
6- في هذا السياق ينبغي وضع رقابة شرعية علي القنوات
التلفزية والإذاعية من اجل لجم دعاة الفتنة والأخذ علي ايديهم ان لم ينفعهم الوازع الديني الذي يجب احياؤه في نفوس العامة والخاصة
والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته

شاهد أيضاً

انواكشوط: انطلاق الملتقى العلمي حول “الشباب في مواجهة التطرف.. موريتانيا أنموذجا”

اافتتح وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، السيد أحمد ولد سيد أحمد ولد أج، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *