6 مايو 2024 , 14:59

حل مجلس الأمة: أمير الكويت يرفض العودة إلى مربع الفوضى

بادر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الخميس، بإصدار مرسوم يقضي بحل مجلس الأمة (البرلمان)، في رسالة واضحة تظهر أن الشيخ مشعل يرفض العودة إلى مربع الفوضى، وأنه سيدفع بقوة نحو الخروج مما سمّاه في السابق “العبث المبرمج” الذي يرهن مستقبل الكويتيين باللعبة السياسية، وهو ما يدفع الكويتيين إلى انتظار قرارات أميرية للحد من سلطة التعطيل لدى البرلمان.

وقالت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن المرسوم الأميري استند إلى “ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة”.

وكانت خطوة حل البرلمان منتظرة، وإن جاءت مبكرة جدا وفي أول اشتباك للمجلس مع الحكومة، ما يؤكد أن الشيخ مشعل لا يريد إضاعة المزيد من الوقت والصبر على برلمان يقوم على فكرة التعطيل ويتعامل مع الحكومة كخصم وليس كشريك في مهمة النهوض بواقع البلاد التي باتت تتخلف عن محيطها الخليجي بخطوات.

وتتناقض الظروف التي تشكل فيها البرلمان الحالي مع الظروف الجديدة وأفكار الشيخ مشعل. فهذا البرلمان موروث عن الحقبة السابقة حين كانت حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد على درجة كبيرة من الضعف، ولتأمين استقرارها وضعت خارطة تشريعية مليئة بالامتيازات الاجتماعية، ما يعني ترسيخ دولة الرفاه، وهذه الأجندة مخالفة تماما لتوجهات الإصلاح التي تتبناها حكومة الشيخ محمد صباح السالم.

وحاولت الحكومة الجديدة إيجاد أرضية مشتركة بينها وبين البرلمان، لكنها اكتشفت أنه لا توجد طريقة للتفاهم مع برلمان يريد أن يستمر بالأسلوب القديم دون تجاوب مع الحكومة ومع أمير البلاد، وغلّبت قوى نافذة في المجلس مصالحها وأجندات من يدعمونها، وهو ما دفع الشيخ مشعل إلى حل المجلس في انتظار انتخابات جديدة على أسس مغايرة.

ويتوقع متابعون للشأن الكويتي أن يلجأ الشيخ مشعل إلى إصدار مراسيم أميرية لتغيير المعادلة، والحد من سلطات البرلمان في محاسبة الحكومة وعرقلة القوانين. وينتظر أن تهدف المراسيم إلى تغيير أسس الانتخاب والترشح، من ذلك منع من ترشح لأكثر من دورتين، ما يساعد على صعود وجوه جديدة وانسحاب المعرقلين.

الفرصة مواتية أمام الكويت لتغيير طبيعة مجلس الأمة وصلاحياته، من خلال مراسيم أميرية أو بالتوجه إلى استفتاء شعبي

ويرى المتابعون أن الفرصة مواتية أمام الكويت لتغيير طبيعة مجلس الأمة وصلاحياته، إما من خلال مراسيم أميرية حاسمة أو بالتوجه إلى استفتاء شعبي يغير قواعد اللعبة ويحدث التوازن بين السلطات بالشكل الذي يمنع رهن مصير البلاد بمزاج عدد محدود من الأشخاص سواء أكانوا نوابا في البرلمان أم عناصر من الأسرة الحاكمة يحركون لعبة التعطيل من وراء الستار لتحقيق مصالح خاصة.

وكان الشيخ مشعل في خطاب أداء اليمين في العشرين من ديسمبر الماضي قد انتقد بقوة الحكومة ومجلس الأمة، مؤكدا ضرورة مراجعة واقع الكويت الحالي أمنيا واقتصاديا ومعيشيا.

وقال إن “الحكومة والمجلس توافقا على الإضرار بمصالح الكويت، وما حصل في تعيينات المناصب القيادية دليل على عدم الإنصاف”.

ولم يتمكّن البرلمان الكويتي الأربعاء من عقد جلسته المقرّرة سلفا وذلك بسبب غياب أعضاء الحكومة الذي جاء، بحسب مصادر محلية، احتجاجا على ما شهدته جلسة الثلاثاء من أجواء تصعيدية أشاعتها النبرة العالية للنواب تجاه أعضاء مجلس الوزراء.

ورفع رئيس مجلس الأمّة أحمد السعدون الجلسة معلنا عن تلقيه اتّصالين من قبل كل من رئيس الحكومة الشيخ محمّد الصباح ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء شريدة المعوشرجي أبلغاه خلالهما بأن الحكومة لن تحضر الجلسة.

ويعتبر أعضاء الحكومات الكويتية أعضاء في مجلس الأمة بموجب الدستور على ألا يزيد عددهم عن ثلث العدد الجملي لأعضاء المجلس.

كما يفرض القانون حضورا ضروريا لحدّ أدنى من ممثلي الحكومة لعقد الجلسات البرلمانية، وهو شرط تلجأ إليه الحكومات أحيانا لتعطيل عقد الجلسات التي لا ترغب في انعقادها لسبب أو لآخر.

وأثار قيام الحكومة بتعطيل عقد الجلسة البرلمانية حفيظة نواب المجلس. وهاجم النائب سعود العصفور غياب الحكومة عن جلسة الأربعاء واصفا غيابها عن جلسة مناقشة برنامجها بـ”العبث والتعطيل الذي لا يمكن قبوله”.

وأضاف في مؤتمر صحفي “البلد معطل فعليا ولا نملك رفاهية الانتظار ولا سعة الوقت في ظل حاجة ملحة إلى العمل وبشكل فوري ومتسارع لإصلاح الأوضاع والمنافسة في إقليم يتسابق على الفرص”.

ومن جهته قال النائب حمد العليان عبر حسابه في منصة إكس “للحكومة عدد من البدائل الدستورية للتعامل مع قرارات ومواقف مجلس الأمة، لكن الأكيد أنه ليس من بين هذه البدائل الامتناع عن حضور الجلسات وتعطيل البرلمان”.

وانطلق التوتّر خلال جلسة الثلاثاء من تصويت مجلس الأمّة على إلغاء قرار سابق كان قد اتّخذه السعدون بشطب كلام من مَضْبَطة المجلس كان أدلى به النائب عبدالكريم الكندري في جلسة سابقة واعتُبر خروجا عن النص لاحتوائه ملاحظات موجّهة إلى أمير البلاد.

وقال الكندري دفاعا عن موقفه إنّه لم يخطئ في مداخلته التي شطبت وإنّه صدق مع الأمير وتكلم بكل أمانة. ومع تصويت البرلمان بأغلبية مريحة على إلغاء قرار السعدون بدا للحكومة أنّ المجلس يتحدّاها ويكسر إرادتها.

p

ولم يكن الجدل حول كلمة النائب سوى واجهة لخلاف حكومي – نيابي أعمق ذي صلة بطبيعة الخارطة التشريعية التي وضعها النواب وأظهروا إصرارا على عدم التنازل عنها، فيما بدت الحكومة بصدد التهرّب من مناقشتها لاحتوائها على بنود تقوم على زيادة الامتيازات التي تقدّمها الدولة للمواطنين بما يخالف التوجّه إلى إصلاح اقتصاد البلاد وماليتها العمومية.

وكان مجلس الوزراء قد طلب مهلة قرابة شهر للمزيد من دراسة بنود الخارطة التشريعية وسط شكوك عميقة في نواياه عبّر عنها بوضوح نواب البرلمان في جلستهم، مضمّنين كلماتهم تهديدات مبطّنة للحكومة في حال رفضها إقرار البنود الاجتماعية في الخارطة وعلى رأسها زيادة علاوة غلاء المعيشة ورفع القرض الحسن للمتقاعدين.

وذكّر النائب مهند الساير بأن الحكومة طلبت خمسة وعشرين يوما لمناقشة الخارطة التشريعية والقوانين المتفق عليها مع الحكومة السابقة، وأنّه على مجلس الوزراء الالتزام بالسقف الزمني للمهلة والإيفاء بالتزاماته عند انقضائها.

وانتقد الساير قرار وقف التعيينات في القطاع العمومي قائلا إنّه أضرّ بالشباب. وطالب الحكومة بأن تقوم بدورها في التعامل مع التعيينات والحقوق الوظيفية للناس.

شاهد أيضاً

روسيا تكشف تدمير “درونات” أوكرانية

أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان، اليوم الخميس، أن أنظمة الدفاع الجوي دمرت 12 طائرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *